«القاعدة» تعيد تنظيم صفوفها في العراق وتبرز مجددا في معاقلها السابقة

مسؤولون عراقيون: توتر الوضع في سوريا دفع البعثيين لإظهار سطوتهم

TT

يقول مسؤولون عراقيون إن تنظيم القاعدة طفا للسطح مرة أخرى في معاقل سابقة له في العراق، هذا بالإضافة إلى الخطر الذي تمثله ميليشيات شيعية منظمة، بينما تتأهب القوات الأميركية للانسحاب من البلاد.

وقال مسؤولون إنه على الرغم من مقتل زعماء وضغوط من القوات الأميركية والعراقية ينفذ مقاتلو تنظيم القاعدة هجمات أكثر جسارة ويسعون لتقويض قوات الأمن المحلية.

وقال مسؤولون أميركيون إن عطية عبد الرحمن، ثاني أكبر شخصية في تنظيم القاعدة العالمي، وهو ليبي قام بدور رئيسي في تولي العلاقات بين «القاعدة» والقيادة في العراق - قتل في باكستان الأسبوع الماضي.

لكن ظهور «القاعدة» مجددا - إلى جانب ميليشيات شيعية كثيرا ما تمولها وتسلحها إيران المجاورة - يمثل مزيجا طائفيا خطيرا بالنسبة للعراق، بينما تغلي سوريا المجاورة وتستهدف القوات الأميركية مغادرة البلاد بحلول نهاية العام.

وقال الفريق حسين كمال وهو نائب وزير الداخلية العراقي لشؤون الاستخبارات لوكالة «رويترز»، إن «ثمة اعتقادا بأن تنظيم القاعدة اختفى من العراق، لكن هذا ليس صحيحا لأنهم أعادوا تنظيم صفوفهم والآن الجيل الثالث من (القاعدة) يعمل بكثافة ليعيد تنظيم نفسه بالأسلحة والتدريب». وأضاف أنهم ما زالوا يمثلون خطرا كبيرا على الأمن والمجتمع في العراق.

وأصبح العراق ساحة معارك لـ«القاعدة» بعد غزو عام 2003 الذي أطاح بصدام حسين، لكن أعداد أعضاء التنظيم والأراضي التي يعمل بها تقلصت منذ 2006 - 2007 عندما انضم شيوخ عشائر سنية لجهود القوات الأميركية لمحاربة «القاعدة». وقال مسؤولون عراقيون إن الفرع العراقي لتنظيم القاعدة تطور إلى جماعة محلية تتألف من مقاتلين عراقيين بالأساس أصبحوا أكثر صلابة في السجون الأميركية. وبدأت هذه العناصر تتسلل إلى معاقلها السابقة وتوزع منشورات في بغداد تطلب من الناس الانضمام إليها. وأصبحت بعض الفصائل حلفاء للحرس القديم التابع لصدام.

وأسفرت تفجيرات سيارات ملغومة وقنابل مزروعة على الطرق عن سقوط نحو 70 قتيلا في أنحاء العراق الأسبوع الماضي، في حين أن دولة العراق الإسلامية، وهي الجماعة المحلية المنتمية إلى «القاعدة» أمرت أعضاء مجالس الصحوة بالعودة إلى صفوفها.

وما زال للتمرد موطئ قدم في محافظة الأنبار بغرب البلاد، حيث اعتقد كثيرون أنه فقد السلطة بعد أن تحول عدد من شيوخ العشائر ضده. وقال اللواء طارق العسل، وهو من وزارة الداخلية، «إن الاقتتال السياسي والفساد أضرا بالوضع الأمني في الأنبار». وأضاف أن رجال الشرطة والجيش في حاجة إلى تعاون المواطنين معهم في ما يتعلق بالمعلومات. وأوضح أن جماعات مسلحة منتمية إلى «القاعدة» أصبحت تغير الآن على مجالس المحافظات وتهاجم الطرق السريعة التي تربط بين العراق والدول المجاورة وتخطف أفراد الدورية وتستخدم أسلحة كاتمة للصوت في تبادل إطلاق النار.

وقال مسؤولو أمن عراقيون إن محافظات مثل نينوى في الشمال وصلاح الدين وديالى ما زالت مناطق مشتعلة لعمليات «القاعدة». كما أن هذه العمليات تكتسب قوة في العاصمة العراقية وفي المناطق الجنوبية المجاورة.

وينظر للموصل، المدينة الرئيسية في محافظة نينوى، باعتبارها واحدة من آخر معاقل المدن لـ«القاعدة» في العراق. وتمول المحافظة العمليات عبر الابتزاز وجرائم أخرى بعد نفاد الأموال التي كانت تتدفق من الخارج.

وقال زهير الأعرجي، وهو عضو في مجلس النواب العراقي، إنه «في عام 2010 و2011 وقعت هجمات أقل في الموصل لأن «القاعدة» لا تريد لفت الأنظار إليها هناك». وأضاف أن الدعم المالي لدولة العراق الإسلامية في بغداد وصلاح الدين والأنبار مصدره الموصل.

وفي العراق، هناك العشرات من الجماعات المسلحة من السنة والشيعة التي تحارب من أجل النفوذ. ويقول مسؤولون عراقيون إن عدد المقاتلين يقدر بالآلاف. وإلى جانب الجماعات المنتمية إلى «القاعدة» هناك جماعات متصلة بحزب البعث المحظور، ومنشقون من جيش المهدي الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي المناهض للولايات المتحدة مقتدى الصدر، وأشهر اثنتين هما عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله. ولجأ الكثير من البعثيين العراقيين إلى سوريا بعد سقوط صدام، وقال الفريق كمال نائب وزير الداخلية إن التدهور هناك دفع البعثيين والجماعات المرتبطة بـ«القاعدة» إلى إظهار سطوتهم في العراق. وقالت مصادر حكومية وسياسية إن العراق أمر مؤخرا بإغلاق مخيم تابع للأمم المتحدة أقيم للاجئين من سوريا بعد أنباء عن احتمال لجوء مقاتلين من السنة إلى هناك.

وتحدث مسؤولون أميركيون وعراقيون عن خطر آخر متزايد يهدد استقرار العراق ألا وهو الميليشيات الشيعية المزودة بمعدات وتدريب أفضل تدعمها قوى إقليمية مثل إيران. وقال مسؤول أمني رفيع «قوات الأمن العراقية كانت تستهدف أعضاء (القاعدة) أكثر من الميليشيات الشيعية... الميليشيات الشيعية أصبحت مؤخرا أقوى وأكثر تنظيما من (القاعدة) بل وأكثر خطورة». ويقول الميجر جنرال جيفري بيوكانن، المتحدث باسم الجيش الأميركي في العراق، «إن الميليشيات التي تعلن ولاءها لقوة القدس الإيرانية المتخصصة بالعمليات الأجنبية، تمثل خطرا على العراق أكبر من الخطر الذي تمثله (القاعدة)». حتى على الرغم من ذلك تقول السلطات الأميركية والعراقية إنه في حين أن المسلحين والجماعات المسلحة ستواصل الهجمات الكببرة فإنها لن تكون بالمعدل الذي كان قائما في الماضي. وقال الفريق كمال إنهم يتوقعون وقوع هجمات هنا وهناك، لكنها لن تؤثر على السياسة والحكومة العراقية.