وسط تعزيزات أمنية مشددة.. الأسد يغير عادته ويؤدي صلاة العيد في جامع والده

«سانا» تقول إنه تبادل التهاني مع الرؤساء والملوك دون ذكر أسماء > انتشار أمني مكثف.. و7 قتلى في أول أيام العيد ومظاهرات حاشدة تنادي بـ«إعدام الرئيس»

TT

لم يصل الرئيس بشار الأسد العيد في الجامع الأموي وسط دمشق القديمة كما جرت العادة، وإنما أدى الصلاة في جامع الرئيس حافظ الأسد الواقع على أول طريق الربوة قريبا من ساحة الأمويين والقريب من المباني التابعة للقصر الرئاسي، وذلك وسط إجراءات أمنية مشددة بدأ التحضير لها بعد منتصف ليل أول من أمس. وجاء ذلك بينما لقي سبعة أشخاص حتفهم أمس علي أيدي قوات الأمن خلال تفريق مظاهرات خرجت بعد صلاة عيد الفطر في عدد من المدن السورية.

وانتظر السوريون طويلا ليعرفوا في أي جامع سيصلي الرئيس، بعدما تم إغلاق معظم المساجد الكبيرة، والتضييق على الأئمة من الذين لم يهادنوا النظام، ومنهم من توقع ساخرا أن يصلي الرئيس في جامع السيدة زينب في مدينة السيدة زينب لأنه بحسب الناشطين «لم يبق له غير هذا الجامع وهناك سيقوم أصدقاؤه الإيرانيون بحراسته كونهم قيّمين على مقام السيدة».

ولكن الأسد خالف التوقعات وصلى في جامع والده الرئيس السابق حافظ الأسد الذي افتتح بداية عهد الرئيس الأسد الابن.

وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن الأسد أدى صلاة العيد مع «عدد من علماء الدين الإسلامي وجمهور من المواطنين» إلا أن المشاهد التي بثت للصلاة أظهرت أن عدد المصلين كان محدودا نوعا ما، كما غاب عن المشاركة كبار المسؤولين في الدولة والحزب الحاكم إذ جرت العادة على مشاركة الأسد في صلوات الأعياد ويقفون إلى جانبه في الصف الأول.

من جانبها قالت القناة الإخبارية السورية إن الأسد ردد مع المواطنين السوريين «الله أكبر الله أكبر على المؤامرة الله أكبر على المتآمرين».

وبحسب بيان رسمي كان في استقبال الأسد لدى وصوله إلى الجامع وزير الأوقاف والمفتي العام للجمهورية ومحافظ دمشق. وأم الصلاة الشيخ بشير عبد الباري مفتي دمشق الذي ألقى خطبة العيد، ولفت عبد الباري في خطبته إلى أن «مواقف سوريا الأصيلة الثابتة ووقوفها مع الحق وأهله وانتصارها للمظلومين ومساندتها للشعب الفلسطيني وللمقاومة الشريفة أغاظت أعداء سوريا فراحوا يحيكون لها المؤامرات الظالمة»، مؤكدا على أن «سوريا الصمود عرفت طريق الحق والتزمت به مستجيبة لمطالب الإصلاح العادلة والتي هي حق من حقوق الشعب وهي ماضية في تحقيقها».

وكان لافتا خلال نقل التلفزيون السوري وتلفزيون قناة «الدنيا» السورية وقائع مشاركة الأسد على الهواء مباشرة انقطاع البث بشكل مفاجئ لدى مغادرة الرئيس للجامع. دون أن تتضح أسباب ذلك.

وكان بيان رسمي قد أعلن أن الأسد تبادل التهاني بالعيد مع عدد من رؤساء وملوك وقادة الدول العربية والإسلامية، ولكن البيان لم يذكر أيا من أسماء الذين تبادلوا التهاني مع الرئيس الأسد من زعماء وقادة وملوك عرب ومسلمين، فيما نشر بهذه المناسبة النصوص الكاملة لبرقيات كل من القاضي الشرعي الأول بدمشق عادل بندق، ووزير الأوقاف محمد عبد الستار، والمفتي العام للجمهورية رئيس مجلس الإفتاء الأعلى الشيخ أحمد بدر الدين حسون.

وغابت عن البلاد عموما أجواء العيد، لتخيم أجواء من الحزن في معظم المناطق، وذلك بعد أنباء عن سقوط عدد من القتلى والمصابين خلال أكثر من 50 مظاهرة خرجت بعد صلاة العيد في مدن ومناطق عديدة. وكانت مصادر في ريف دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط» إن أهالي مدينة دوما وعدد من مدن وبلدات ريف دمشق رفضوا نصب أراجيح لأطفال في العيد، وإن كثرا كانوا يقترحون أن يكون العيد في المقابر تكريما للشهداء، إلا أن النظام وتحسبا لتحول التجمعات في المقابر إلى مظاهرات وضع تعزيزات أمنية مكثفة في محيط المقابر مع حواجز أمنية على بواباتها، ومنها ما تم إغلاقه في اليوم الأول والثاني على أن يعاد فتحه في اليوم الثالث. وقال شهود عيان إن دعاء رجال الدين في كثير من الجوامع في ريف دمشق امتزج بالبكاء وهم يقولون في الدعاء «لن نركع إلا لله».

وفي دمشق ساد هدوء حذر طيلة اليوم الأول سوى مظاهرات في بعض الأحياء منها القابون، كما امتنعت الغالبية من الناس عن إرسال معايدات برسائل نصية عبر الجوالات، ومنهم من كتب على صفحته في «فيس بوك» اعتذارا عن تلقي المعايدات وتبادل التهاني، لأن «سوريا ليست بخير»، وذلك على الضد من حملات الترويج الدعائي التي يقوم بها النظام في وسائل إعلامه تحت عنوان «سوريا بخير».

كما استنكف بعض أهم علماء الشام عن أم المصلين وإلقاء خطبة العيد كالشيخ كريم راجح إمام جامع «الحسن» في الميدان الذي انتظر منه المصلون خطبة «عظيمة» كما يصفون خطبه التي تتسم بكثير من الوقار والحكمة والصدق، وقال أحد المصلين لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أتوقع أن يلقي الشيخ كريم خطبة عظيمة كعهدنا به، ولكن فوجئت بابنه يعتلي المنبر وخاب أملي، مع أنه بذل جهده، لكنه حتما ليس كالشيخ كريم»، وأضاف المصلي «فور انتهاء الخطبة بدأ الشباب بالتكبير وهتاف يطالب بالإفراج عن المعتقلين وإسقاط النظام»، استمر ذلك لدقائق ثم خرجوا إلى الشارع «ليجدوا الشبيحة وقوات الأمن بانتظارهم، فهجموا على المصلين كالمغول».

وفي جامع زيد في منطقة الفحامة لم يؤم المصلين الشيخ سارية الرفاعي كما جرت العادة وهو شقيق الشيخ أسامة الرفاعي إمام جامع عبد الكريم الرفاعي الذي تعرض للاعتداء بالضرب من قبل الشبيحة وعناصر الأمن لدى هجومهم على الجامع عقب صلاة ليلة القدر. وقال ناشط إن «الشيخ سارية الرفاعي لم يلق خطبة العيد على الرغم من وجوده في المسجد وذلك كما قيل بداعي المرض».

وفي سياق متصل، أفاد ناشطون بمقتل 7 أشخاص خلال مظاهرات انطلقت بعد صلاة العيد، وذكر اتحاد تنسيقيات الثورة السورية في بيان أن «سبعة أشخاص قتلوا في أول أيام العيد في سوريا منهم أربعة أشخاص بينهم طفل في مدينة الحارة واثنان في انخل الواقعتين في ريف درعا (جنوب) بالإضافة إلى شخص في مدينة حمص (وسط)».

وأشار الاتحاد إلى أن العديد من المظاهرات خرجت أمس بعد صلاة عيد الفطر حيث «شهدت درعا البلد (جنوب) مظاهرة حاشدة بعد صلاة العيد».

وفي ريف درعا، خرج «أطفال مدينة داعل وهم يرتدون الأكفان عوض ملابس العيد متقدمين مظاهرة شارك فيها أكثر من عشرة آلاف شخص خرجت من جميع مساجد داعل»، مضيفا أنه «رغم إغلاق مسجد الإمام النووي الكبير في مدينة نوى قام الأهالي بالصلاة أمامه وخرجت مظاهرة حاشدة قام الجيش بتطويقها وأطلق الرصاص على المتظاهرين».

وفي وسط البلاد، أضاف الاتحاد شهدت حمص «انتشارا امنيا كثيفا في جميع الأحياء لمنع الخروج إلى صلاة العيد» مشيرا إلى «سماع رشقات متفرقة من أسلحة رشاشة في محيط قلعة حمص في ظل انقطاع كامل للاتصالات عن معظم أحياء حمص»، ولفت إلى أن «سيارات الأمن تطوق المقبرة عند مدخل تلكلخ (ريف حمص) التي انقطع الهاتف الأرضي عنها».

وأضاف البيان أن «مظاهرة بالآلاف في مدينة تدمر توجهت إلى مقبرة المدينة بعد صلاة العيد لزيارة قبور الشهداء والهتافات تنادي بإعدام الرئيس كما توجه أكثر من عشرة آلاف شخص إلى مقبرة مدينة القصير ليحيوا شهداء الحرية».

وفي حماه «تم إطلاق رصاص متقطع في معظم أحياء المدينة لمنع الخروج إلى صلاة العيد».

وفي دمشق «انطلقت مظاهرات في حي القابون كما شهد حي برزة انتشارا لعناصر الجيش والأمن والشبيحة (عناصر موالية للنظام) بالقرب من المداخل المؤدية إلى برزة مع وجود أمني كثيف عند المقبرة»، حسبما ذكر بيان اتحاد التنسيقيات.

وأضاف البيان أن «مظاهرة شارك فيها أكثر من ألف شخص خرجت في قدسيا (ريف دمشق) تطالب بإسقاط النظام».

ونقلت وكالة رويترز عن نشطاء أن تسجيلات فيديو على موقع «يوتيوب» على الإنترنت أظهرت جنودا يجوبون وسط دمشق في حافلات كبيرة خضراء من هيئة النقل العام وهم يخرجون بنادقهم الكلاشنيكوف من النوافذ لمنع الاحتجاجات التي اندلعت على الرغم من كل ذلك في أحياء القابون وكفر سوسة وركن الدين والميدان.

وفي ريف حلب (شمال)، ذكر اتحاد التنسيقيات أن «مظاهرة حاشدة خرجت بعد صلاة العيد من الجامع الكبير رغم كثافة الأمن الذي قام بتفريق المتظاهرين بعنف شديد واعتقل العديد من الشبان»، وأضاف أن «مظاهرتين خرجتا في مدينة الباب» مشيرا إلى أن «الأهالي كتبوا عشرات العبارات على الجدران في شوارع المدينة تندد بالنظام».

وفي شمال شرقي البلاد «خرجت مظاهرة حاشدة في مدينة عامودا كما خرج أكثر من 1500 متظاهر في القامشلي» بحسب الاتحاد.

وأشار الاتحاد إلى أن «أكثر من ألف عنصر من الأمن والشبيحة والجيش اقتحموا شارع التكايا في دير الزور (شرق) وقاموا بإطلاق الرصاص بشكل عشوائي لتفريق المتظاهرين».

وغربا، خرجت مظاهرة في اللاذقية قام الأمن بتفريقها كما انتشر الأمن والجيش بلباس مدني في مدينة بانياس حيث تم تثبيت رشاشات 500 على أسطح بعض المباني.

كما شهدت محافظة ادلب بشمال غربي البلاد مظاهرات حاشدة على الرغم من أن الدبابات والقوات تحاصر منذ شهور عددا من المدن والبلدات.

وفي ضاحية حرستا، حيث قال نشطاء إن عشرات الجنود انشقوا في مطلع الأسبوع بعد أن رفضوا إطلاق النيران على المحتجين، أخذ المتظاهرون يهتفون «الشعب يريد إسقاط الرئيس».