سوريون يبدون ارتياحهم لتعيين برهان غليون رئيسا للمجلس الانتقالي

يعتبرونه «مثقف الثورة».. ويتابعون ما ينشره على «فيس بوك»

TT

قبل بدء الانتفاضة السورية كان اسم المفكر والباحث السوري برهان غليون منحصرا في أروقة النخبة وصالونات المثقفين يتداولون أفكاره حول الدولة والعلمانية والديمقراطية، يختلفون مع بعضها ويوافقون على أخرى. لكن ما إن اشتعلت المظاهرات المطالبة بإسقاط حكم بشار الأسد في كل مدن ومناطق سوريا منذ 15 مارس (آذار) الماضي حتى صار اسم المعارض السوري الأكثر تداولا في أوساط الشباب السوري المنتفض. فبعد ظهوره المتكرر على العديد من الفضائيات وتوجيهه انتقادات لاذعة لممارسات النظام السوري بأسلوب ذكي وواضح، أصبح السوريون ينتظرون إطلالاته التلفزيونية ويتابعون مقالاته في الصحف العربية، إضافة إلى متابعتهم لبياناته التي ينشرها في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» قبل كل يوم جمعة، إذ شعر معظم المعارضين أن الرجل يعبر عن مطالبهم بطريقة فعالة، بعيدا عن الشتم والابتذال. وبمنطق عقلاني لا يستخدم التحريض أو التجييش ضد أحد، كما يلتزم بأخلاقيات العمل السياسي.

وأبدى العديد من السوريين ارتياحهم لانتخاب غليون الذي يتحدر من مدينة حمص ومن عائلة عريقة لها حضورها في نسيج المدينة المحاصرة بدبابات الجيش السوري منذ مدة، رئيسا للمجلس الانتقالي فيما شكك آخرون في فعالية هذا المجلس في ظل الصمت الدولي والإقليمي المدوي. فرأى طارق وهو طالب هندسة عمارة بجامعة دمشق أن «غليون يحظى باحترام كبير من قبل الشعب السوري وهو متعلم وحاصل على شهادات عليا ويستطيع أن يلعب دورا سياسيا، نتيجة خبرته الطويلة في العمل السياسي والفكري، فضلا عن أنه معارض شريف لم تتلوث يداه بأي مال خارجي ولم يلق أي دعم مشبوه».

أما رهام، التي فضلت عدم ذكر عملها وأعطتنا اسما مستعارا خوفا من مساءلة أمنية ما، فقالت «ليست المشكلة في الدكتور برهان نحن نثق به، المشكلة في بقية الأعضاء هل سيكونون على مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم أم سيتلهون بالمهاترات والمشكلات الهامشية؟ هذا سؤال أساسي خاصة مع وجود أسماء داخل المجلس لا تستحق أن تكون هناك بسبب تاريخها المخزي وسوء الرؤية السياسية لديها».

يذكر أن برهان غليون هو أستاذ علم الاجتماع السياسي ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون في باريس. وحاصل على دكتوراه الدولة في العلوم الإنسانية وأخرى في علم الاجتماع السياسي. كما وضع العديد من المؤلفات بالعربية والفرنسية أهمها «بيان من أجل الديمقراطية»، و«المسألة الطائفية ومشكلة الأقليات»، و«مجتمع النخبة»، و«اغتيال العقل»، و«نظام الطائفية»، و«من الدولة إلى القبيلة»، و«الاختيار الديمقراطي في سوريا»، إضافة إلى العشرات من المؤلفات الجماعية ومن الدراسات والتحليلات السياسية والاجتماعية المنشورة في المجلات العلمية والصحافة اليومية.

غادر غليون سوريا في أواخر السبعينات بعد أن تم تعيينه في أرشيف أحد مؤسسات القطاع العام ليجد الشاب العائد من باريس والحاصل على شهادة في العلوم الإنسانية نفسه عاطلا عن العمل بالمعنى الفعلي وسيتم تدمير مستقبله العلمي لو بقي في سوريا.

بدأ صراع غليون مع النظام السوري بالمعنى السياسي لحظة توقيع مجموعة من المثقفين بيانا يدين دخول الجيش السوري إلى لبنان سنة 1975 وضربه لمنظمة التحرير الفلسطينية، كان غليون من بين الموقعين مما كلفه الكثير من المضايقات حينها. تابع الرجل نشاطه المعارض بعد أن استقر في باريس، وسمح له بزيارة سوريا عام 2000 وتم استدعاؤه لأكثر من فرع أمني. وكان غليون قد صرح منذ مدة لوكالات الأنباء بأن «المعارضة جاهزة لملء الفراغ في حال سقوط النظام وهي جاهزة لتشكيل الحكومة». وأضاف «أتصور أن من يتابع المعارضة السورية يرى إجماعا على رؤية موحدة لقيام سوريا الدولة التي تساوي بين مواطنيها وتحترم حقهم في العمل والمساواة والحرية، والمعارضة واضحة في هذا، والمطلوب وجود قادة قادرين على اتخاذ القرارات لتدير البلاد».