الحياة اليومية في دوما.. هدوء صباحا ومظاهرات وقمع ليلا

TT

تكشف مدينة دوما الواقعة في ريف دمشق عن وجهين، ففي الصباح تبدو هادئة بمتاجرها التي تعج بالزبائن ولكن عندما يحل المساء تغلي بالعنف لدى خروج المتظاهرين المناهضين لنظام الرئيس بشار الأسد وقيام قوى الأمن بقمعهم.

ففي شارع القوتلي، الشارع التجاري الرئيسي للمدينة، تقوم النسوة عشية عيد الفطر بالتبضع وشراء الحلويات فيما يقوم الباعة بخدمة زبائنهم بكل مودة. وتشهد الطرق في المدينة حركة كثيفة للسيارات وسط أصوات الأبواق.

هذا ما تبدو عليه المدينة ظاهريا، إلا أنه يكفي رؤية نقاط التفتيش عند مداخل هذه المدينة الزراعية التي تقع على بعد 30 كلم شمال العاصمة ومشاهدة الجدران للاستنتاج أن الأمور تجري عكس المشهد السائد، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. وبحسب السكان فإن أكثر من 300 مدني و45 عسكريا وعنصر أمن قضوا في المدينة منذ بداية موجة الاحتجاجات غير المسبوقة ضد النظام في منتصف مارس (آذار) الماضي. وهناك عبارات عدائية ومناهضة لنظام الأسد كتبت بالطلاء الأسود كما ألصقت أوراق نعي لأربعة «شهداء» بينهم سيدة قتلوا في الثاني عشر من أغسطس (آب). وكتب على هذه الملصقات عبارة «لا نركع إلا لله» داعية السكان إلى تهنئة عائلات الضحايا «الذين قتلوا على يد مجرمي الأمن وشبيحة (عناصر موالية للنظام) الأسد».

وعلى الرصيف المقابل، همس أحد الأشخاص إلى مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية بينما كان مستندا على واجهة متجر «هذا المساء سنقوم بحرق كل شيء». لم يكن ذلك مجرد تهديد إذ تم حرق القصر العدلي ثلاث مرات منذ أبريل (نيسان)عندما ألقيت عليه قنابل يدوية. واكتست بالرماد الأسود جدران هذا المبنى الذي يعود تاريخ بنائه إلى الثلاثينيات، كما سقط السقف وتهشمت النوافذ. كما بدت آثار الحريق على أطراف المستندات الورقية التي يستخدمها الموظفون. وقال كاتب العدل نايف عازار «إن من قام بذلك هم رجال ملثمون» مؤكدا أنهم «أرادوا إتلاف ملفاتهم الجنائية». وأوضح «إنهم يندسون بين المتظاهرين السلميين المطالبين بإصلاحات لكي يقوموا بهذه الأعمال الإجرامية».

ويشكل القصر العدلي الهدف الرئيسي للمحتجين كونه المكان الذي يشهد إحالة قسم من المتظاهرين للقضاء.

من جهته، أكد المدعي العام عبد الكريم خضير (45 عام) «منذ بداية الأحداث قمت باستجواب نحو 500 مشتبه بهم تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 60 عاما الذين نفوا جميعا اشتراكهم بالمظاهرات». وأضاف «لقد اقسموا بأنهم اعتقلوا بينما كانوا في أسرتهم أو فيما كانوا يتبضعون في المتاجر».

وإن كان الكثير من سكان دوما يخشون التحدث فإن رجلا مسنا ملتحيا لم يخف غضبه. ويروي عمر بوضاني «لقد اقتحم الشبيحة منزلي يوم السبت وسحبوني من سريري أمام زوجتي وعندما سألتهم إلى أين تأخذونني وأنا أبلغ من العمر ثمانين عاما، أجابني أحدهم سنعتقلك ولو كان عمرك مائة عام، عندها أجبته: أطلق علي النار وسأكون عندها شهيدا». وأضاف «لقد أخذوا مالي رغم أنني قلت لهم إنه يعود إلى تبرعات جمعتها لصالح جمعية خيرية».

وفي مقر بلدية دوما حيث علقت صور عملاقة للرئيس السوري، أقر رئيس البلدية علي حيباني (30 عاام) الذي تم تعيينه من قبل رئيس الدولة في منتصف أبريل أن «مهمته صعبة». وقال «إن كان للمدينة وجهان فأنا لا أتكلم إلا بوجه واحد أمام الجمهور الذي أحاول إقناعه بأن الرئيس الأسد مصمم على إجراء إصلاحات». إلا أن حديثه لا يجدي نفعا على ما يبدو نظرا لأعداد المتظاهرين الذي يخرجون إلى شوارع دوما للمطالبة برحيل الرئيس.