القوى السياسية في مصر تستعد لاستئناف الضغط على المجلس العسكري

دعوات لـ«مليونية تصحيح المسار» لوضع جدول زمني لتسليم السلطة.. وتصعيد في الجامعات

TT

بدت الهدنة التي فرضها عيد الفطر المبارك على المشهد السياسي في مصر «هشة للغاية»، مع تزايد الدعوات لمظاهرات مليونية من أجل «استئناف الضغط على المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم)»، الذي تولى إدارة شؤون البلاد، عقب تخلي الرئيس المصري السابق حسني مبارك عن السلطة في 11 فبراير (شباط) الماضي، تحت الضغط الشعبي الجارف.

ويواجه المجلس العسكري انتقادات القوى السياسية وشباب الثورة، على خلفية ما قالوا إنه «إصرار المجلس العسكري على الانفراد بالقرارات المصيرية في المرحلة الانتقالية، وتجاهل الاعتراضات التي تبديها القوى الوطنية»، وهو الأمر الذي يرفضه المجلس العسكري الذي يبرر موقفه بـ«عدم وجود توافق عام بين القوى الفاعلة بشأن خطوات المرحلة الانتقالية».

وبدأ ائتلاف شباب ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، الذي يعد أبرز الائتلافات وأكثرها قدرة على الحشد والتأثير، الاستعداد لتنظيم مظاهرة حاشدة غابت عن ميدان التحرير منذ 1 أغسطس (آب) الحالي، عندما فض الجيش بالقوة اعتصاما بدأ في الثامن من يوليو (تموز) الماضي.

ودعا الائتلاف، الذي يضم 9 حركات وأحزاب سياسية من بينها شباب جماعة الإخوان المسلمين و«حركة شباب 6 أبريل»، بالإضافة إلى شباب الأحزاب الرئيسية في البلاد، الشعب المصري لتنظيم مظاهرة مليونية يوم 9 سبتمبر (أيلول) المقبل تحت شعار جمعة «تصحيح المسار».

وقال خالد عبد الحميد عضو الائتلاف، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الدعوة تأتي من أجل «الوقف الفوري لجميع المحاكمات العسكرية للمدنيين، وتحديد جدول زمني لتسليم المجلس العسكري إدارة شؤون البلاد لسلطة مدنية منتخبة بعد انقضاء الستة أشهر التي وعد بها، وإلغاء القانون القمعي الذي يجرم الإضرابات والاعتصامات».

كما طالب الائتلاف بـ«تعديل قانون الانتخابات بشكل كامل»، مبررا موقفه بقوله إن القانون الذي صدر الشهر الماضي «يعيد إنتاج مجالس الشعب المزورة، ويمكن أصحاب النفوذ المالي والعصبيات القبلية من السيطرة على المجلس (البرلمان)».

وكان المجلس العسكري قد أصدر مراسيم بقوانين تمهد لتسليم السلطة في البلاد، أبرزها قانون انتخابات البرلمان (مجلسي الشعب والشورى)، لكن القانون الذي مزج بين نظام الانتخاب بالقائمة الحزبية المغلقة ونظام الانتخاب الفردي بنسبة 50 في المائة لكليهما، واجه رفضا من القوى السياسية التي طالبت بإجراء الانتخابات بالقائمة فقط.

كما دعا الائتلاف إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لإعادة ضبط الأمن في الشارع المصري والقضاء على ظاهرة البلطجة، وتفعيل الحد الأدنى والأقصى للأجور، وكذلك تفعيل القوانين اللازمة بهدف تطبيق العزل السياسي لقيادات ورموز الحزب الوطني الديمقراطي (المنحل).

وحاول المجلس العسكري احتواء احتقان الشارع السياسي، الذي جاء على خلفية إحالة نشطاء سياسيين إلى المحاكمات العسكرية، عبر إصدار المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، عفوا شمل عشرات النشطاء، ومن أبرزهم الناشطة أسماء محفوظ، التي أحيلت إلى المحاكمة العسكرية على خلفية اتهامات بإهانة المجلس العسكري، والتحريض على العنف.

في المقابل قال الناشط الناصري أحمد عبد المولى، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المطلوب ليس إصدار عفو عن النشطاء، إنما ضمان محاسبة المواطن المصري أمام قاضيه الطبيعي.. لذلك سنواصل الضغط على المجلس العسكري لأن سيف المحاكمات العسكرية ما زال مسلطا على رقاب شباب الثورة».

وتنتظر حكومة الدكتور عصام شرف تحديات أخرى داخل الجامعات المصرية على خلفية تراجع شرف في اجتماعه برؤساء الجامعات عن قرار بإقالة القيادات الجامعية في البلاد. ودعت «حركة 9 مارس» التي تضم عددا من أساتذة الجامعات إلى إضراب عام في 17 سبتمبر المقبل، فيما هددت القوى السياسية بتنظيم سلسلة من المظاهرات من أجل ما سمته «تطهير الجامعات في مصر».

وشهدت الجامعات المصرية قبل الإجازة السنوية، سلسلة من الاعتصامات للمطالبة بإقالة رؤساء الجامعات وعمداء عدد من الكليات ممن يتهمون بولائهم لنظام مبارك.

ولا تزال أزمة الحدود المصرية - الإسرائيلية التي تفجرت على خلفية مقتل 6 جنود مصريين برصاص إسرائيلي قابلة للتصعيد على المستوى الداخلي بعد انتقادات حادة لحكومة شرف واتهامها بـ«الفشل في إدارة الأزمة وعدم اتخاذها ردا مناسبا على الاعتداء الإسرائيلي»، بحسب نشطاء مصريين.

واعتصم عشرات المصريين أمام مقر السفارة الإسرائيلية في الجيزة احتجاجا على مقتل الجنود المصريين في 19 أغسطس الحالي، ويرجح مراقبون أن يستمر التصعيد الداخلي للمطالبة بـ«طرد السفير الإسرائيلي وتعديل اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية (التي تحكم العلاقة بين البلدين منذ عام 1979)»، خاصة في ظل تسريبات عن إرسال حكومة تل أبيب تعزيزات عسكرية على الحدود مع مصر.