مصر: الآلاف يؤدون صلاة العيد في التحرير والمشير في مسجد القوات المسلحة

خطيب الميدان: على الرئيس القادم أن يتعلم الدرس ممن سبقه.. والمفتي يدعو: «اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا»

الداعية الإسلامي مظهر شاهين يلقي كلمته من على المنصة الرئيسية وبجواره الشيخ صفوت حجازي بميدان التحرير أمس (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

تحت مظلة ثورة 25 يناير، ووسط أجواء مميزة جمعت الشعائر الإيمانية والسياسية، احتفل المصريون، أمس، بأول أيام عيد الفطر المبارك، الذي يحل لأول مرة بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق، حسني مبارك.

وحرص المشير حسين طنطاوي، القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الذي يدير شؤون البلاد)، على أداء صلاة العيد في مسجد القوات المسلحة بالنزهة بضاحية مدينة نصر (شرق القاهرة)، برفقة رئيس الأركان، الفريق سامي عنان، وأعضاء المجلس العسكري والدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، وعدد من الوزراء، وضباط الجيش.

وكان لافتا هذا العام أن عددا كبيرا من المواطنين أدوا الصلاة داخل المسجد نفسه، الذي يقع في منطقة مكتظة بالسكان، كما استمرت حركة المرور والسيارات بشكل اعتيادي أمام المسجد، بخلاف الأعوام السابقة حين كان الأمن يشدد من إجراءاته حول المسجد الذي كان يصلي فيه الرئيس السابق مبارك، بالإضافة إلى توقف تام لحركة المرور لحين مرور موكب مبارك.

لفتة أخرى كانت جديدة هذا العام في خطبة العيد، حيث كان من عادة الإمام، الذي غالبا ما يكون الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية، أن يدعو للرئيس بالتوفيق والسداد، إلا أن الدكتور جمعة غير دعاءه، إذ قال: «اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا».

ولأول مرة في تاريخه، شهد ميدان التحرير بقلب العاصمة القاهرة، أداء عشرات الآلاف صلاة عيد الفطر في المكان الذي انطلقت منه ثورة 25 يناير، وسالت فوقه دماء مئات الشهداء، وأحاطت قوات الأمن الميدان بأعداد ضخمة من الجنود لتأمينه وحماية المصلين من أي أحداث شغب محتملة.

وفي خطبة العيد، دعا الشيخ مظهر شاهين، إمام مسجد عمر مكرم، الذي أم الصلاة للوقوف صفا واحدا خلف القوات المسلحة، لمواجهة أعداء الوطن والمتربصين بأمنه وسلامه واستقراره ووحدته وسلامة أراضيه. وقال شاهين: «إن المصريين جميعا بكل انتماءاتهم وطوائفهم يتعين أن يصطفوا جميعا خلف جيشهم، ويبتعدوا عن التحزب والتفرق، لأنه ليس من شيم المصريين»، ونوه بجهود الشرطة المصرية، مشيدا بالجهود المبذولة للتقريب بين الشرطة والشعب بعد أن انهارت العلاقة بين الطرفين عقب الانفلات الأمني الذي رافق ثورة 25 يناير، مؤكدا أن الشعب على استعداد لمعاونة الشرطة في أداء مهامها طالما تلتزم بالقانون وتحافظ على كرامة المواطنين.

وقال شاهين: «اليوم يوم سعيد من دون مبارك، وعلى الجميع أن يعلم أن مصر لن تعود إلى ما كانت عليه قبل ثورة 25 يناير، وعلى الرئيس القادم أن يتعلم الدرس ممن سبقه، فالشعب المصري لن يرضى بالظلم أبدا بعد الآن».

ووجه خطيب العيد رسالة إلى إسرائيل، أكد فيها أن مصر قادرة على أن تحمي أمنها وتصون كرامتها، وتحافظ على سيادتها، أرضا وجوا وبحرا، وقال: «شعب مصر بعد ثورة 25 يناير يختلف عما كان عليه قبلها، فهو يقف خلف جيشه صفا واحدا، ولن يستطيع أحد أن يحدث الوقيعة بين الجيش والشعب»، معتبرا أن «كتيبة واحدة من كتائب ثوار ميدان التحرير كفيلة بتلقين أعدائنا درسا لن ينسوه، لكننا شعب يريد السلام، ولكنه سلام يصون الكرامة ويحافظ على السيادة، شعب يريد الحفاظ على المعاهدات طالما تحافظ عليها وتحترمها الأطراف الأخرى لتلك المعاهدات».

كما وجه شاهين رسالة إلى أميركا قائلا: «إن المصريين، شعبا وجيشا، بعد ثورة 25 يناير قرروا أن يحققوا العزة والكرامة لوطنهم، من خلال بناء وطن قوي يستغني عن معوناتكم وعن مساعدات الآخرين، حتى وإن كانوا من أشقائنا في البلدان العربية الأخرى».

وبدا ميدان التحرير ممتلئا عن آخره بالمصلين، وسادت أجواء البهجة فيه بين الجميع، بغض النظر عن الانتماءات السياسية والفكرية، وقام البعض بتوزيع الهدايا والبالونات ولعب الأطفال الصغيرة، ابتهاجا بمناسبة عيد الفطر المبارك.

من جانبه، قال الداعية الإسلامي، الدكتور صفوت حجازي، الأمين العام لمجلس أمناء الثورة المصرية: «إن المصريين جميعا يقولون لجيشهم العظيم إن أحدا لن يستطيع أن يقترب من حدودنا، لأن وراءكم 85 مليون مقاتل مستعدون للشهادة فداء للوطن وجهادا في سبيل الله»، مضيفا في الكلمة التي ألقاها من على المنصة الرئيسية عقب صلاة العيد مباشرة بميدان التحرير: «إننا جميعا نقول لجيش مصر العظيم أنتم أسودنا على الحدود، ونحن جميعا وراءكم، ومن يرشكم بالماء نقذفه بالدم والنار». ووجه حديثه للشرطة قائلا: «نحن معكم طالما تقفون مع الشعب وحريته وأمنه، ولسنا ضدكم، ونعلم أن منكم خيارا كثرا، وستظل مصر مهدا ووطنا لكل أبنائها من المسلمين والمسيحيين، وإن المنصة الوحيدة في ميدان التحرير يوم العيد هي منصة الشعب المصري وثواره، وليست منصة فريق أو جماعة أو حزب.. إنها منصة الثورة». من جانبهم، أعد نشطاء إلكترونيون قائمة نشرت على الشبكة العنكبوتية، تضم أرقام هواتف أكثر من 680 من أمهات شهداء الثورة، ودعوا المصريين للاحتفال بالعيد معهن وطمأنتهن بأن الثورة ستستمر حتى تتحقق مطالبها.

وفي الإسكندرية، شن الشيخ أحمد المحلاوي، الداعية الإسلامي، خلال خطبة العيد التي ألقاها بمسجد القائد إبراهيم، المقر الرئيسي للاعتصامات والمظاهرات في المدينة المطلة على ساحل البحر المتوسط، هجوما على كل من قيادات الدعوة السلفية وجماعة الإخوان المسلمين، محذرا إياهم من تقسيم الأمة إلى فصيلين، موضحا أن هناك خطأ كبيرا في إصباغ صلاة العيد بصبغة إخوانية وأخرى سلفية، مطالبا بتوحيد الدعوة لصلاة العيد في الأعياد المقبلة،».