المستوطنون يقيمون «جيشا شعبيا» لمواجهة مسيرات فلسطينية نحو مستعمراتهم

قالوا إنهم لن يتركوا الجيش في مواجهة المدنيين.. طفل مقابل طفل وامرأة مقابل امرأة

TT

طرح القادة السياسيون والأمنيون في مستوطنات الضفة الغربية، أمس، خطة جديدة لمواجهة المسيرات الفلسطينية المتوقعة لمناقشة الطلب الفلسطيني للحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة والاعتراف بها. ووفقا لهذه الخطة فإن المستوطنين سيقيمون جيشا شعبيا، يضم الرجال المقاتلين وكذلك النساء والصبية والأطفال. فيواجهون معا المسيرات الفلسطينية بالمثل: «العين بالعين والسن وبالسن»، كما ورد في كراسة بدأوا توزيعها أمس في جميع المستوطنات.

وقال النائب المستوطن ميخائيل بن آري، من حزب الاتحاد القومي اليميني المعارض، إنه من خلال عضويته في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست يعرف أن الفلسطينيين يخططون لمسيرات شعبية واسعة تتجه نحو المستوطنات، وأن الجيش الإسرائيلي المرابط في الضفة الغربية لن يستطيع مجابهة هذه المسيرات بالشكل المناسب، ولن يستطيع حماية المستوطنين. وأضاف، خلال لقاء مع إذاعة المستوطنين: «إن الجيش سيحاول الفصل بين الطرفين كما لو أنه من الأمم المتحدة، ونتيجة لأسلوبه هذا سيتم حصار عدد من المستوطنات، بحيث لا يعود المستوطنون فيها للدخول أو الخروج. ولهذا، فإن الخطة بنيت على أساس كسر قيود الحرية عن أيدي المستوطنين».

وأكد بن آري أن خطته هذه ستكون عاملا مساعدا للجيش الإسرائيلي في مواجهة العالم «فبدلا من أن يظهر جيشنا جيش احتلال يواجه المدنيين والأطفال المتظاهرين من الفلسطينيين، نطلق نحن أبناءنا وبناتنا إلى الشارع، فإذا جاءت مسيرة أطفال فلسطينيين نخرج إليهم مسيرة أطفال يهود، وإذا جاءوا في مسيرة صبية، نخرج لهم نحن أيضا مسيرة للصبية اليهود. وإذا جاءوا بالنساء، نخرج عليهم نساء المستوطنات».

جاءت الكراسة المذكورة تحت عنوان «سبتمبر.. من التهديد إلى الفرصة – نغير قواعد اللعب». وورد فيها أن «الفلسطينيين في منظمة التحرير انتقلوا من خطة القتل لليهود على الأرض إلى قتلهم في ساحات الأمم المتحدة والرأي العام العالمي والأوروبي والأميركي بشكل خاص. وهم يحظون بدعم هائل من اليسار اليهودي في إسرائيل. وجاء الوقت ليعرف العالم كله أن 330 ألف مستوطن في الضفة، ومثل نصفهم من السكان اليهود في القدس الشرقية، مستعدون للدفاع عن بيوتهم وأرواح أبنائهم. فهذه أرضنا. ونحن هنا لكي نبقى إلى الأبد. نحن هنا من أجل شعب إسرائيل». وتقول خطة المستوطنين: إنه يجب إعداد المستوطنين من الآن للمواجهة. تجب إقامة مظاهرات يهودية ترفرف فيها أعلام إسرائيل، مقابل المظاهرات الفلسطينية. وسيقام طاقم قيادة ميدانية قطري لتوجيه الكفاح، بقيادة ضابط كبير سابق في الجيش. يجب تنظيم مظاهرات ومهرجانات خارج صفوف المستوطنات حتى يراها الفلسطينيون من بعيد فيرتدعوا عن مواجهتها. إقامة طاقم إعلامي مهني يستطيع مواجهة الإعلام الفلسطيني والعالمي. وتشكيل طاقم مهني يعد لكل الأمور اللوجيستية. وطاقم قضائي للدفاع عن المعتقلين.

ودعا بن آري الرأي العام الإسرائيلي والسياسيين والشخصيات المتميزة على اختلافها إلى أن تُجنَّد إلى جانب هذه الحملة «حتى يقف الشباب الإسرائيلي في موقعه الطبيعي وفي مواجهة العدو الحقيقي». وأضاف: «بدلا من أن نرى شبابنا يتظاهرون في الخيام ضد الحكومة، يجب أن نراهم في المستوطنات، مدافعين عن مشروع إسرائيل القومي الأكبر في المستوطنات».

يُذكر أن الجيش كان قد درب قادة الأمن في المستوطنات على مواجهة المسيرات الفلسطينية، سامحا لهم أن يطلقوا الرصاص على الأرجل لكل من يتجاوز الخطوط الحمراء لهذه المستوطنات. كما سمحت للمستوطنين في 25 مستوطنة باستخدام الكلاب في حال وقعت اشتباكات. لكن المستوطنين لا يكتفون، ويريدون جعل قضية سبتمبر (أيلول) «فرصة لتخليد الوجود اليهودي في يهودا والسامرة»، وهو الاسم العبري للضفة الغربية.

كانت السفيرة الإسرائيلية السابقة لدى الأمم المتحدة، البروفسور غابرئيلا شاليف، قد حذرت من أن تصبح إسرائيل دولة أبرتهايد (فصل عنصري) بعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وانتقدت عدم قيام حكومة بنيامين نتنياهو بأي خطوات سياسية لمنع ذلك. وقالت شاليف، في مقابلة مع صحيفة «معاريف» نشرت مقاطع منها أمس: «إنه بعد الإعلان ستظهر إسرائيل مثل جنوب أفريقيا في مرحلة الفصل العنصري». وأوضحت أنه «ينبغي أن نتذكر أنه بالإمكان فرض عقوبات علينا حتى لو لم تكن هناك موافقة في مجلس الأمن الدولي، وهذا أمر يستند إلى القرار رقم 377 الذي اتخذ تحت عنوان (متحدون من أجل السلام)». ورأت أنه عقب التصويت على الاعتراف بالدولة الفلسطينية ستصبح إسرائيل دولة منبوذة في العالم وستتعرض إلى مقاطعة وعقوبات شديدة.

وأشارت شاليف إلى أن «عملية الرصاص المصبوب» (الحرب العدوانية على قطاع غزة في زمن الحكومة السابقة) اندلعت وصعد حكم بنيامين نتنياهو والمحادثات مع الفلسطينيين توقفت وتقرير غولدستون (حول الحرب على غزة) خرج إلى النور وقضية مرمرة (أسطول الحرية التركي)، كل ذلك أثار ردود فعل واسعة، أضف إلى ذلك الجهد الدبلوماسي الفلسطيني والعربي الناجح.. وستدرك لماذا سمعة إسرائيل في الحضيض بشكل لم نصل إليه أبدا في الماضي في الأمم المتحدة».

وتوقعت شاليف ألا تقدم الولايات المتحدة على إنقاذ إسرائيل هذه المرة وقالت إن «الأميركيين ليسوا قطعة قماش بيدنا وهم ليسوا في جيبنا.. فنحن نسير من سيئ إلى أسوأ، وفي الطريق نفقد (دعم) الولايات المتحدة أيضا». ووصفت ما سيحدث لإسرائيل في سبتمبر الحالي بالمروع، لافتة إلى أن «رئيس الجمعية العامة سيكون عبد العزيز ناصر، مندوب قطر، ورئيس مجلس الأمن سفير لبنان، وهذا وضع غير محتمل بالنسبة لنا.. وفي 20 سبتمبر قد يقودان إلى اتخاذ قرار بالاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 1967 ولا توجد إمكانية ألا تتم الموافقة على ذلك».