إسلامي ليبي: نحن أبناء اليوم وليس الماضي ولن أكون عدوا لأميركا

تعرض للتعذيب على يد ضباط «سي آي إيه» واتُهم بأنه على علاقة بـ«القاعدة»

TT

ذكر القائد العسكري الجديد في طرابلس، عبد الحكيم بلحاج، أنه تعرض للتعذيب من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية واتُهم بأنه على علاقة بتنظيم القاعدة، لكنه أصر على أنه ليس متطرفا أو عدوا للولايات المتحدة.

وذكر في حوار هدف إلى تطهير اسمه في وسائل الإعلام: «ليس لدي نية للانتقام. من الممكن أن أتلقى نصيحة قانونية يوما ما، لكنني لن أكون عقبة في طريق العلاقات بين ليبيا والولايات المتحدة».

لقد ظهر بلحاج كشخصية عسكرية قوية في ليبيا الجديدة، وهو مقاتل إسلامي أدى ارتباطه في السابق بنشاط جهادي عالمي إلى مخاوف من أن يسمح سقوط نظام معمر القذافي بحصول الإسلام المتشدد على موطئ قدم في سواحل شمال أفريقيا المطلة على البحر المتوسط.

لقد شارك في القتال مع المجاهدين في أفغانستان ضد الحكم السوفياتي في الثمانينات من القرن الماضي لكنه أكد على أنه قام أيضا بتأسيس مدارس وتقديم مساعدات إنسانية للشعب الأفغاني. كما ذكر أنه رفض دعوتين من قبل تنظيم القاعدة للتعاون معه.

وقال بلحاج الذي كان يرتدي ملابس عسكرية ويضع مسدسا في حزامه ولحيته السوداء مهذبه بعناية: «عندما تم تشكيل تنظيم القاعدة عام 1989، كنت في أفغانستان، لكنني لم أنضم أو أوافق على المشاركة في عملياته. لم نكن مهتمين يوما بالجهاد العالمي، وكانت ليبيا والشعب الليبي هما محط اهتمامنا».

وبعد سقوط النظام الشيوعي في كابل، انضم بلحاج إلى ليبيين قاتلوا في أفغانستان وأسسوا الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية، وهي منظمة كان هدفها الإطاحة بنظام القذافي الفاسد والمستبد والمعادي للإسلام.

وأكدت الجماعة مسؤوليتها عن محاولة اغتيال القذافي عام 1996، وحدثت مصادمات بصورة متقطعة بينها وبين قوات الأمن في السنوات التي تلت ذلك.

وكان من المعتقد أن العديد من أعضاء المجموعة لديهم انتماءات لتنظيم القاعدة، لكن من الواضح أن آخرين كانوا منزعجين من التنظيم الجهادي الدولي وقام قيادي سابق في «الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة» يدعى نعمان بن عثمان، بالتعبير عن مشاعره في خطاب مفتوح لأسامة بن لادن.

وقال بلحاج: «عندما تولت حركة طالبان السلطة في أفغانستان وأعلن تنظيم القاعدة عن جبهته الدولية ضد اليهود والمسيحيين، دعانا بن لادن للانضمام إلى هذا الاحتفال. لكننا رفضنا الانضمام وكنا نحاول ثنيهم عن الاستمرار في هذا الاتجاه».

ومع ذلك، صنفت وزارة الخارجية الأميركية الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية كتنظيم إرهابي.

وذكر بلحاج أنه تم اعتقاله في ماليزيا عام 2004 ثم نُقل إلى تايلاند، حيث تم التحقيق معه لوقت قصير وهناك تعرض للتعذيب من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. وقال: «كانوا يقومون بحقني وتعليقي من يدي كما كانوا يضعون الماء البارد والثلج على جميع أنحاء جسدي».

وبعد أيام قليلة، قررت وكالة الاستخبارات المركزية عدم جدوى بقائه ومن ثم قامت بنقله إلى ليبيا مع زوجته الحامل. وكانت زوجته قد بقيت في السجن هناك لمدة شهرين، وهو أمر يبدو جليا أن يعتمل في صدر بلحاج. وأشار بلحاج إلى أنه قضى ست سنوات في السجن في طرابلس منها ثلاث سنوات قضاها في الحبس الانفرادي دون أن يتمكن من أن يستحم ولو لمرة واحدة. وأضاف أنهم لم يسمحوا له لمدة عام كامل أن يرى طفله الوليد.

وكان القذافي، مثل العديد من المستبدين العرب، يرسم نفسه كحصن ضد المتطرفين الإسلاميين لكنه منح عفوا لمئات الإسلاميين في الفترة ما بين عامي 2008 و2010، وهي الفترة التي تم فيها إطلاق سراح بلحاج. وسرعان ما انضم للثورة ضد القائد الليبي.

وهو اليوم يعد شخصية أساسية في عملية البحث عن القذافي بمساعدة قوات الناتو.

وهناك حديث في طرابلس عن وجود توترات بين القيادة المدنية للمجلس الوطني للثوار والقيادة العسكرية، بين القادة الموالين للغرب والعناصر الإسلامية مثل بلحاج.

لكنه نفى تماما هذا الحديث، مصرا على أنه متعهد بتحقيق الديمقراطية وبناء ليبيا جديدة خالية من القمع الذي ميز حكم القذافي.

وقال: «نحن أبناء اليوم وليس الماضي ونعمل من أجل أمن ليبيا والعالم أجمع».

ويوم الثلاثاء، أقر مسؤولون أميركيون أنهم كانت لديهم مخاوف بشأن التأثير الإسلامي على الثورة الليبية لكنهم قللوا من الارتباط بتنظيم القاعدة.

وقال مسؤول أميركي بارز يتابع عن كثب الجماعات الإرهابية الإسلامية لكنه يصر على عدم الكشف عن هويته نظرا لأنه يناقش ملفات شديدة الحساسية بشأن الجماعات الإرهابية: «في الماضي كان بعض عناصر الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية لديهم علاقة بتنظيم القاعدة في السودان أو أفغانستان أو باكستان، والبعض الآخر قطعوا علاقتهم تماما بتنظيم القاعدة. يبدو أن هذا الجزء من الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية لا يدعم تنظيم القاعدة ويظهر ذلك من خلال تصريحاتهم ودعمهم من أجل بناء ديمقراطية في ليبيا. لكننا سنراقب ما يحدث بالتأكيد لنتأكد مما إذا كان هذا حقيقةً أم من أجل الظهور الإعلامي وحسب».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»