معارك عنيفة بين القوات السودانية والجيش الشعبي التابع للشمال في ولاية النيل الأزرق

رئيس الحركة في الشمال وحاكم النيل الأزرق مالك عقار لـ «الشرق الأوسط»: القوات الحكومية هي من ابتدرت بالهجوم علينا وتصدينا لها

المتحدث باسم الجيش السوداني خالد سعد wwيتحدث إلى الصحافيين أمس (رويترز)
TT

أعلنت الحكومة السودانية والحركة الشعبية في الشمال، أن اشتباكات وقعت بين الجيش السوداني وقوات الجيش الشعبي في الشمال أمس، في ولاية النيل الأزرق التي فاز فيها رئيس الحركة مالك عقار بمنصب الحاكم في الانتخابات التي جرت في أبريل (نيسان) من عام 2010 بعد أن هددت الخرطوم بنزع سلاح مقاتلي الجيش الشعبي، متهمة قوات الحركة بأنها ابتدرت بشن الهجوم على القوات المسلحة، غير أن الحركة الشعبية اتهمت القوات الحكومية بشن هجوم على منزل حاكم الولاية مالك عقار ومواقع الجيش الشعبي، وتوعدت «المؤتمر الوطني» الحاكم بأنه سيدفع نتائج العدوان.

وقال عقار لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوات المسلحة قامت بالهجوم على الجيش الشعبي الذي تصدى لها». وأضاف أن الاشتباكات وقعت عند مدخل مدينة الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق بين قوات الجيش الشعبي التابعة للحركة في الشمال وقوات الجيش السوداني في وقت متأخر من ليل أول من أمس (الخميس).

وقال «سرعان ما عمت الاشتباكات كل مناطق تمركز الجيش الشعبي بالولاية». وأضاف «لقد قامت ميليشيا الدفاع الشعبي والقوات المسلحة بالهجوم على منزلي في الدمازين ومنزل قائد القوات المشتركة العميد الجندي سليمان». ولم تتوفر معلومات عن وقوع خسائر في الأرواح أو الممتلكات.

ومن جهته، قال الأمين العام للحركة الشعبية في شمال السودان ياسر عرمان لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات تابعة للدفاع الشعبي والقوات المسلحة السودانية قامت بشن هجوم في منتصف ليل أول من أمس (الخميس) ثالث أيام عيد الفطر على مواقع الجيش الشعبي في الدمازين». وأضاف أن «القوات هاجمت منزل الحاكم مالك عقار وقائد القوات المشتركة من طرف الجيش الشعبي العميد الجندي سليمان»، مؤكدا أن «رئيس الحركة حاكم النيل الأزرق مالك عقار بخير ولم يصب بأذى». وقال إن «القوات الحكومية ابتدرت بالهجوم عند مدخل مدينة الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق»، مشيرا إلى أن «الجيش الحكومي يقوم بهجوم شامل على مواقع الجيش الشعبي». وأضاف «معلوم أن مدينة الدمازين شهدت توترا واسعا خلال الأيام الأربعة الماضية نتيجة لإدخال قوات من الدفاع الشعبي والقوات المسلحة بلواء كامل». وتابع «تم إدخال كميات كبيرة من العتاد من ضمنها 12 دبابة و40 سيارة محملة بمدافع الدوشكا، والقوات الحكومية قامت بتطويق أجزاء استراتيجية من المدينة».

وتوعد عرمان «المؤتمر الوطني» الحاكم بأنه سيدفع نتائج العدوان الذي وصفه بالسافر بالاعتداء على المواطنين والجيش الشعبي ومنزل الحاكم المنتخب لولاية النيل الأزرق مالك عقار. وقال «انكشف الآن مغزى ومعنى الإعلان المخادع لوقف إطلاق النار في جنوب كردفان بغرض تمهيد المسرح السياسي والعسكري لشن العدوان على النيل الأزرق». وأضاف أن «(المؤتمر الوطني) سيتحمل تبعات كل ما جرى في السودان من كبائر وعلى رأسها فصل الجنوب».

من جهته، قال المتحدث باسم الجيش السوداني الصوارمي خالد سعد في بيان أذاعه في التلفزيون الحكومي، إن «قوات الحركة هاجمت الجيش في وقت متأخر أول من أمس في الدمازين والمنطقة المحيطة بها». وأضاف «لكن الجيش يسيطر الآن على الوضع». وقالت الحكومة السودانية في بيان بثته الوكالة السودانية الرسمية في موقعها، إنها أصدرت أوامر إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان بتسليم المتورطين في الاشتباكات، وقالت إنها ستعتقل من يرفضون هذه الأوامر، وألقت الخرطوم باللوم في الاشتباكات على وحدات موالية للحركة شنت هجوما على جنود في الجيش السوداني من قوات مشتركة في النيل الأزرق.

وكانت اشتباكات مماثلة واتهامات متبادلة بشأن المسؤول عنها قد أدت إلى تصاعد العنف في ولاية جنوب كردفان، وهي ولاية شمالية أخرى تقع على الحدود مع الجنوب.

وقال مراقب عمل في النيل الأزرق وفي الجنوب، إن القوات الموالية للجنوب في النيل الأزرق تضم أفرادا من أهل المنطقة، ولا يمكن التخلص منها مثلما حدث مع وحدات جيش الجنوب التي اضطرت إلى الانتقال إلى الجنوب بعد الانفصال.

من جانبه، أدان المتحدث باسم حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور جبريل آدم بلال ما وصفه بالهجوم الغاشم الذي شنته القوات المسلحة وميليشيا الدفاع الشعبي على مواطني النيل الأزرق. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخرطوم اختارت الحلول العسكرية بدلا من حلول التسوية السلمية للنزاع وارتكاب مزيد من الجرائم في حق المدنيين». وأضاف «نؤكد تضامننا مع مواطني النيل الأزرق ومع قوات الجيش الشعبي في شمال السودان، ونعلن استعدادنا التام للمزيد من التعاون والتنسيق لتخليص البلاد من هذه الحكومة العنصرية». وقال «إننا نحذر من تكرار جرائم الإبادة الجماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في ولاية النيل الأزرق على غرار الجرائم التي ارتكبها النظام في دارفور وجنوب كردفان»، مناشدا المجتمع الدولي والمنظمات التدخل العاجل للحيلولة دون وقوع جرائم إبادة جماعية تحت سمع وبصر المجتمع الدولي. وقال إن «الخرطوم لا تؤمن بالرأي الآخر، وتغلق الباب أمام أي حلول سلمية». وتابع «هذا يجعل العمل المشترك لإسقاط النظام حتميا».

إلى ذلك، قال كريس فيليبس، من وحدة المخابرات في إيكونومست لـ«رويترز»، عبر الهاتف: «هدف (الخرطوم) هو القضاء على الحركة الشعبية لتحرير السودان في الشمال قبل أن تتحول إلى قوة عسكرية حقيقية». وأضاف أن «الخرطوم ربما ترى في الحركة تهديدا انفصاليا جديدا في السودان الذي يواجه أيضا متمردين في إقليم دارفور في غربه». ويقول بعض المراقبين، إن سكان النيل الأزرق لا يسعون للانفصال عن السودان، لكنهم يريدون تغيير حكومة الرئيس السوداني عمر حسن البشير في الخرطوم.