الخارجية الأميركية تلتزم الصمت حيال البرقيات الدبلوماسية المسربة

«ويكيليكس» يحرك إجراءات قانونية ضد «الغارديان» البريطانية

TT

بعد أن نشر موقع «ويكيليكس» ما يقارب 250 ألف برقية أميركية دبلوماسية سرية يوم أمس، تتكاثر الأخبار والتحليلات حول الدبلوماسية الأميركية وعلاقاتها بالعشرات من الدول. والتزمت وزارة الخارجية الأميركية بموقفها الأولي عندما نشرت أولى الوثائق قبل 9 أشهر، وهو رفض التعليق على تفاصيل البرقيات. ومع التزامها بهذا الموقف حاولت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الحد من انتشار تأثير الوثائق السلبي على علاقاتها الدبلوماسية والمخاطر على حياة الأسماء المدرجة من الأشخاص الذين هم على علاقة بالسفارات الأميركية في بلدان مثل سوريا وأفغانستان وزيمبابوي وغيرها من مناطق حرجة.

ونشر الموقع كل البرقيات التي سربت له، مما أدى إلى بداية عملية داخلية أميركية لرصد تلك البرقيات ومعرفة تبعاتها، بعد أن كانت هناك تساؤلات عن المعلومات التي حصلت عليها «ويكيليكس» من الجندي المتهم برادلي مانينغ، وهو متهم بتسريبه لها، ومعتقل منذ أشهر من دون محاكمة. ويعمل عدد من الدبلوماسيين في وزارة الخارجية الأميركية على متابعة الأسماء المذكورة في البرقيات، وإذا كانت تلك المصادر ستعرض لأذى، بينما تواصلت الجهود الدبلوماسية للحد من تبعات البرقيات المنشورة. ويذكر أنه بعد أن نشرت المجموعة الأولى من البرقيات، أدت إلى إحراج شديد للولايات المتحدة، فأدت مثلا إلى مغادرة السفير الأميركي جين كريتز من طرابلس بسبب برقية تستهزئ بالعقيد معمر القذافي حينها، وذلك قبل إسقاط نظامه في طرابلس.

وبينما تدعي «ويكيليكس» بأنها نشرت كل ما لديها من برقيات دبلوماسية مسربة الآن، فإن هناك مخاوف أميركية من تسريب المزيد من البرقيات لها مسبقا. وقد وضعت الإدارة الأميركية قيودا شديدة على حصول الموظفين الأميركيين في الدوائر الحكومية على صلاحيات الاطلاع على أو نقل معلومات سرية خلال الأشهر الماضية.

واكتفى مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية بالقول لـ«الشرق الأوسط» بان تصرف «ويكيليكس» هو «بصراحة غير مسؤول ومتهور وخطير ويعرض حياة ابرياء للخطر».

ولم تعقد وزارة الخارجية الأميركية مؤتمرها الصحافي اليومي المعتاد، وهذا امر عادة ما يحدث يوم الجمعة.

وقدأكد موقع «ويكيليكس» المتخصص بنشر الوثائق السرية أمس أنه نشر كل الوثائق الدبلوماسية الأميركية التي يملكها ويبلغ عددها 251 ألفا و287 وثيقة.

وأعلن «ويكيليكس» على موقع «تويتر» أنه «نشر 251 ألفا و287 برقية دبلوماسية أميركية يمكن الاطلاع عليها بكلمات مفتاح». وقدم عنوانا إلكترونيا للموقع الذي يضم الوثائق من دون أن يوضح ما إذا كان شطب أسماء المعنيين فيها.

إلى ذلك أعلن موقع «ويكيليكس» أمس أنه بدأ إجراءات قانونية ضد صحيفة «الغارديان» البريطانية بتهمة تسريب نسخ غير منقحة من برقياته الدبلوماسية الأميركية على شبكة الإنترنت.

وقالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن خلافا نشب بين «ويكيليكس» و«ذي غارديان»، التي تعد واحدة من عدة صحف تعاونت معه في نشر الوثائق الأميركية المسربة، بعد أن أعلن الموقع أن نسخا غير منقحة من 251 ألف برقية تم تسريبها إلى شبكة الإنترنت، وحمل الصحيفة البريطانية المسؤولية.

وعلى الفور أثار نشر هذه الوثائق انتقادات غالبية وسائل الإعلام التي أبرم معها موقع «ويكيليكس» شراكة لنشر برقيات أميركية تحذف منها أسماء حساسة.

وفي بيان مشترك، أعربت كل من «الغارديان» (بريطانيا) و«نيويورك تايمز» (الولايات المتحدة) و«دير شبيغل» (ألمانيا) و«إل باييس» (إسبانيا) عن أسفها لقرار «ويكيليكس» نشر برقيات غير منشورة الأمر الذي يمكن أن يعرض مصادرها للخطر.

وكشف موقع «ويكيليكس» حتى الآن في أوقات مختلفة جزءا من برقيات دبلوماسية يملكها.

وكان نشر أول سلسلة من نحو 20 ألف وثيقة اعتبارا من نهاية العام الماضي.

وعملية النشر هذه التي امتدت لأشهر حصلت بالشراكة مع هذه الصحف الأربع! ومع «لوموند» (فرنسا)! التي نقحت الوثائق من أسماء المصادر أو الأشخاص المتهمين.

وقدم الموقع في الأيام الأخيرة دفعة جديدة من قرابة 134 ألف برقية دبلوماسية أميركية، بعضها كان كاملا.

وبات بالإمكان الاطلاع على مجموع البرقيات الدبلوماسية التي في حوزة «ويكيليكس» بواسطة كلمة مفتاح، أو عبر إدخال اسم البلد وتاريخ الوثيقة أو حتى مصدر الوثيقة على عنوان إلكتروني محدد.

وأمس وصفت وزارة الخارجية الأميركية موقف «ويكيليكس» بأنه «بصراحة غير مسؤول ومتهور وخطير»، مضيفة أن الموقع تجاهل طلباتها بعدم نشر الوثائق الجديدة.

وأوضحت الصحف الأربع في بيانها «أن القرار اليوم بالنشر اتخذه جوليان أسانج! وهو وحده»، معبرة عن تدهور علاقاتها مع مؤسس موقع «ويكيليكس» في الأشهر الأخيرة.

وأعلن «ويكيليكس» في بيان مقتضب على شبكة «تويتر» أن «صحافيا في (ذي غارديان)، وفي إجراء من الإهمال الجسيم أو الخبث، كشف في كتاب كلمة المرور السرية المشفرة للملفات الدبلوماسية غير المنقحة، وقررنا تحريك إجراءات قانونية».

من جانبها، نفت «الغارديان» في بيان تهم «ويكيليكس»، وقال ناطق باسمها إنه «ضرب من الهراء الاقتراح بأن الكتاب الذي نشرته الصحيفة حول الموقع عرض أمنه لخطر بأي شكل من الأشكال»، وأقرت الصحيفة أن كتابها تضمن كلمة السر لفتح ملفات «ويكيليكس» عن الوثائق الدبلوماسية الأميركية المسربة، لكنها شددت على أنه لم يكشف عن مكان وجود الملف. وقالت الصحيفة إن «ويكيليكس» أجرى استطلاعا للرأي على صفحته على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي يستطلع فيه رأي القراء بشأن الإفراج عن كافة الوثائق السرية التي بحوزته ونشرها على موقع الإنترنت وأشارت «الغارديان» إلى أن «ويكيليكس» نشر بالفعل الأسبوع الماضي نحو 120 ألف برقية سرية غير منقحة دون إخفاء أي أسماء أو مصادر ذكرت فيها وهو ما أثار غضب الحكومتين الأسترالية والأميركية.

وترى الصحيفة أن الاستطلاع الذي أجراه «ويكيليكس» وكانت نسبة موافقة المشاركين فيه على الكشف عن الوثائق 100 شخص موافق إلى شخص واحد غير موافق ما هو إلا خطوة يمهد من خلالها «ويكيليكس» عن كل ما بحوزته من برقيات سرية.

وكانت معظم الوثائق التي نشرها «ويكيليكس» الأسبوع الماضي برقيات سرية خاصة بأستراليا والسويد ولكن الجديد هذه المرة أن هذه الوثائق كانت غير منقحة واحتوت على أسماء 23 شخصية أسترالية يشتبه في أنها على علاقة بتنظيم القاعدة. وأكد «ويكيليكس» أن نشر كافة الوثائق التي بحوزته كان ضروريا وذلك لأن نحو 251 ألف نسخة غير منقحة من البرقيات جرى وضعها في متناول المتصفحين على شبكة الإنترنت.