الهند تعمل على وصول النمو إلى الفقراء من خلال مسح ضوئي لـ2.4 مليار عين

أكبر قاعدة بيانات في العالم تقوم على علم المقاييس الحيوية

بصمات الأصابع ضمن خطة واسعة لبناء قاعدة معلومات في أنحاء شبه القارة الهندية (نيويورك تايمز)
TT

اتخذ أنكاجي بهاي غانغار، مزارع يبلغ من العمر 49 عاما، دوره في الصف في قريته النائية حتى وضع عينيه أمام شاشة كومبيوتر للمرة الأولى في حياته. وتم تسجيل اسمه وتاريخ ميلاده وعنوانه. ووضع أحد العاملين أصابع غانغار الخشنة على سطح أخضر ذي إضاءة متوهجة لتسجيل بصمات أصابعه. وحملق في ماسح ضوئي لقزحية العين على شكل مكبر يلتقط أشكالا مميزة لعينيه.

من خلال هذه العملية سيحصل غانغار على رقم مكون من 12 رقما، وهو أول دليل رسمي على وجوده في الحياة. يمكنه استخدام هذا الرقم مع بصمة الإبهام للتعريف بهويته في أي مكان في البلاد. وسوف يتيح له ذلك الحصول على مزايا أو فتح حساب في مصرف أو الحصول على هاتف محمول لا يوجد في قريته، وهو ما لا يزال حلما بالنسبة إلى الكثيرين في الهند. ويقول غانغار: «ربما نحصل على بعض المساعدة».

في هذه الدولة مترامية الأطراف التي تعمها الفوضى، ينشئ العاملون قاعدة بيانات ستكون أكبر قاعدة بيانات في العالم تقوم على علم المقاييس الحيوية؛ حيث تضم 1.2 مليار هوية. الأهم من ذلك هو أن حجمها هو مدى الطموح الذي يكمن وراء تلك القاعدة، وهو الحد من عدم المساواة الذي يؤدي إلى تآكل النهضة الاقتصادية في الهند من خلال ربط كل مواطن هندي في الهند رقميا بقوة النمو في البلاد.

كبدت البيروقراطية الهند، لعقود، مليارات الدولارات، أنفقت في محاولة لانتشال الفقراء من بؤسهم. لكن أهدر الجزء الأكبر من تلك الأموال أو أنفق ببساطة في محاصرة الفقراء في قرى مثل كالداري في ركن قصي من ولاية مهاراشترا التي تقع غرب الهند تعتمد على معونات محلية يمكن أن يخسروها إذا تركوا منازلهم.

لذا يحاولون حاليا القيام بشيء مختلف؛ حيث جمعت الحكومة الهندية موظفين إداريين ومبرمجين ماهرين للمساعدة في تحويل أو تحاشي إرث المجتمع الاشتراكي من البيروقراطية من خلال استخدام التكنولوجيا المتقدمة ذاتها التي أحدثت تحولا في اقتصاد الدولة المعتمد على القطاع الخاص.

يقول ناندان نيليكاني، الملياردير وقطب صناعة البرمجيات الذي اتفقت معه الحكومة الهندية على إنشاء قاعدة بيانات بهويات الهنود: «ما نصنعه لا يقل أهمية عن إنشاء طريق.. إنه طريق يربط بشكل ما كل فرد بالدولة».

ويرى مؤيدو بطاقة الهوية، التي تتكون من 12 رقما، أنها حل عبقري لمشكلة صعبة. تورط أكثر الفقراء من المواطنين الهنود في نظام هوية على أساس القرية، وهو ما كان له تأثير سلبي على الهجرة التي تعد دعامة من دعامات أي اقتصاد في طور النمو.

من المحتمل أن يحد مشروع الهويات من الفساد التي أدى إلى خروج ملايين الهنود في مظاهرات حاشدة خلال الأسابيع الماضية، مدفوعين بالإضراب عن الطعام الذي قامت به ناشطة ضد الفساد، تدعى آنا هازار. وسوف يجعل نظام الهويات من الصعب على الموظفين سرقة المزايا المستحقة للفقراء من خلال عملية نقل البيانات وتأكيدها إلكترونيا. كثيرا ما أشار رئيس الوزراء الهندي إلى النظام الجديد عند الرد على طلبات هازار. وسيستخدم النظام الجديد الرقمي في تأكيد هوية أي هندي في أي مكان في البلاد في غضون 8 ثوانٍ باستخدام أجهزة محمولة موصلة بشبكة هاتف محمول. كذلك سيسهم النظام الجديد في بناء مواطنة حقيقية في مجتمع يعتمد على التمييز من حيث العائلة والدين؛ فلأول مرة سيقوم هذا النظام بتحديد هوية كل هندي كإنسان.

ويعد مشروع الهوية اعترافا بإخفاق الهند في وضع الفقراء على طريق الرخاء. ربما يكون اقتصاد الهند ثاني اقتصاد في العالم من حيث النمو، لكن يعاني أكثر من 400 مليون هندي الفقر، بحسب الإحصاءات الرسمية. ويقل وزن نحو نصف الأطفال ممن هم دون الخامسة عن الوزن الطبيعي.

وتعد أنظمة الرفاهية الحكومية في الهند غير فاعلة؛ حيث تفيض المستودعات بالقمح المتعفن على الرغم من معدلات سوء التغذية التي تنافس أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ويتسرب جزء كبير منها إلى السوق السوداء قبل أن يصل إلى أفواه الجائعين. وتبني الحكومة حجرات دراسية قوية، لكنها تفشل في معاقبة المعلمين الذين لا يجتهدون في عملهم على الرغم من تقاضيهم رواتب مناسبة. وتفشل الأنظمة في ربط حاجات المواطنين الأساسية بالمساعدة المتوافرة سواء من خلال المعونات الحكومية أو السوق.

* خدمة «نيويورك تايمز»