ناشطون سياسيون لـ «الشرق الأوسط»: قوات النظام تصفي المعتقلين في «الظلام»

قالوا إنها تتحاشى القتل العلني خوفا من توثيق جرائمها عبر الكاميرات

TT

مع ازدياد الانتقادات الدولية على خلفية القمع المتزايد للاحتجاجات الشعبية، قال ناشطون سوريون لـ«الشرق الأوسط»، إن نظام الرئيس بشار الأسد ممثلا في قوات الجيش والقوى الأمنية، بدأ في انتهاج سياسية جديدة من القمع تقوم على التقليل من قتل المدنيين علنا في الشوارع خلال المظاهرات، تفاديا منه لقيام الناشطين بتصوير عمليات القتل وتوثيق جرائمه.

وأوضح ناشط سياسي سوري، أطلق على نفسه اسما مستعارا «أبو ماسة» خوفا من التنكيل به، أن حملة اعتقالات واسعة تتم في المدن السورية خلال الأيام الجارية تستهدف منسقي الثورة والناشطين السياسيين يتبعها تصفية مئات المعتقلين بصمت في المعتقلات كي لا تثار ضجة إعلامية بسبب العدد الكبير المعلن عن القتلى، وقال أبو ماسة: «النظام ينتهج سياسة القتل في الظلام الآن».

وكان المحامي الأول في حماة، عدنان بكور، الذي انشق عن نظام الأسد قد أثار مسألة تصفية المعتقلين في السجون في حديثه منذ أيام الذي أعلن فيه انشقاقه عن النظام.

وقال أبو ماسة إنه يتم سحب المعتقلين وتجميعهم في المدارس وفي أقبية الدوائر الحكومية ومن ثم يتم نقلهم إلى معتقلات الفروع الأمنية حيث تتم عملية التصفية بدم بارد وبعيدا عن كاميرات الناشطين، مشيرا إلى أن أكبر عدد من القتلى يسقط في معتقلات المخابرات الجوية، التي تشهد عمليات تعذيب قاسية بحق المعتقلين السياسيين.

لكن بهية مارديني، رئيسة اللجنة العربية للدفاع عن حرية الرأي والتعبير، قللت من مزاعم وجود تصفيات واسعة بحق المعتقلين السوريين، وقالت إن الموضوع يحدث منذ فترة كبيرة، لكنه أخذ حيزا أكبر الآن مع ازدياد عدد المعتقلين وقلة عدد المفرج عنهم، مقدرة أعداد المعتقلين الموجودين حاليا بالمعتقلات السورية بخمسة عشر ألف معتقل، وإجمالي من تعرض للاعتقال منذ بدء الثورة بستين ألفا.

وكانت السلطات السورية مع الإرهاصات الأولى للثورة تفرج عن الكثير من المعتقلين بعد أن تعرضهم للتعذيب، الذين كشف عن آثار التعذيب على أجسادهم، بعد توقيعهم على تعهدات بعدم المشاركة مجددا في المظاهرات. لكن أبو ماسة قال: «أما الآن فلم يعد أحد يخرج من المعتقلات من الأساس».

وقال ناشط سياسي سوري آخر، رفض ذكر اسمه، إن حملة الاعتقالات تطال كل المدن السورية وإن عدد المعتقلين أصبح يقارب الألف يوميا، خاصة في مدن حمص وحماه وإدلب واللاذقية وحوران وريف دمشق التي قال إنها تشهد مجزرة حقيقية بشكل يومي.

وأوضح الناشط لـ«الشرق الأوسط»، أن طرق الاعتقال لم تعد تقتصر على المنازل والحواجز بل امتدت إلى دور العبادة وأماكن العمل، وتابع: «هناك معلومات مؤكدة عن قيام القوى الأمنية باعتقال الجرحى من المشافي قبل شفائهم، ولا توجد أي معلومات عن مصيرهم منذ لحظة اعتقالهم»، كذا تم إغلاق بعض المشافي وتعرض بعض من طواقمها الطبية للتهديد.

إلى ذلك، طالبت ست منظمات حقوقية سورية، على رأسها المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان، ولجنة الدفاع عن الحريات الديمقراطية، بوضع جميع أماكن الاحتجاز والتوقيف لدى كل الجهات الأمنية تحت الإشراف القضائي المباشر والتدقيق الفوري في شكاوى التعذيب التي تمارس ضد الموقوفين والمعتقلين والسماح للمحامين بالاتصال بموكليهم في جميع مراكز التوقيف.

وأدانت المنظمات الحقوقية في بيان لها استمرار الاعتقال التعسفي بحق المواطنين السوريين، مبدية قلقها البالغ من ازدياد أعداد المعتقلين.