الرئاسة اليمنية لـ«الشرق الأوسط»: وثيقة تدين اللواء الأحمر بالتخطيط لتفجير الوضع

مكتب اللواء الأحمر: الوثيقة مزورة ولا تعنينا * المعارضة تدعو إلى «تحقيق دولي» في أحداث العنف

جنديان يمنيان منشقان عن النظام يراقبان جموع المحتجين المطالبين برحيل نظام الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، في صنعاء، أمس (رويترز)
TT

كشف أحمد عبد الله الصوفي، السكرتير الإعلامي للرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن، النقاب عما قال إنها «وثيقة خطيرة سربها ضابط منشق عن الفرقة الأولى مدرع التي يقودها اللواء علي محسن الأحمر»، وذكر أن الوثيقة المصنفة تحت بند «سري جدا»، التي تحتفظ «الشرق الأوسط» بنسخة منها، تدين اللواء الأحمر بالتخطيط لتفجير الوضع عسكريا بعد أن وصل إلى حالة من اليأس هو وفريقه من مقاتلي الإخوان المسلمين، حسب تعبيره.

وتشير الوثيقة، التي أرسلت عقب الاتصال الهاتفي مع سكرتير الرئيس اليمني، إلى وجود خطة معدة سلفا وأوامر صادرة من اللواء الأحمر لـ«غرفة العمليات» بالاحتكاك بأفراد الأمن المركزي خلال المسيرات وضرب هذه القوات في «منطقتي الوجه والبطن». وتشير الوثيقة أيضا إلى أن الخطة تشمل تفجير 18 لغما بين المتظاهرين الموجودين في ما سمتها الوثيقة النقط (أ) مع عدد من القناصين لإيقاع أكبر عدد من الضحايا في المسيرات، وذكر الصوفي إن الهدف من ذلك هو تأليب الرأي العام الدولي ضد اليمن. واختتمت الوثيقة بعبارة «سيتم إبلاغكم بموعد العملية لاحقا مع أخذ كافة الاعتبارات المنصوص عليها بالتوجيهات والأوامر السابقة».

وقال الصوفي إن الوثيقة الممهورة بتوقيع اللواء الأحمر وختمه تعد دليلا على السعي الحثيث لتفجير الأوضاع وخلط الأوراق في مرحلة حساسة يمر بها اليمن. وقد أجرت «الشرق الأوسط» في لندن اتصالا هاتفيا مع مكتب اللواء علي محسن الأحمر، وقال الدكتور عبد الغني الشميري، المستشار الإعلامي للواء الأحمر في رده على الوثيقة: «أولا لا يوجد ضمن هيكل الفرقة شيء اسمه غرفة عمليات، وثانيا لقد أنزلوا عشرات الوثائق المماثلة في وسائل إعلام محلية ولم تجد شيئا، والآن يحاولون التوجه إلى الصحافة في الخارج»، وأضاف الشميري: «لو كان الأمر بالتخطيط لتفجير الوضع عسكريا صحيحا لكان الأولى بنا الدفاع عن أنفسنا في الفرقة حيث استهدفنا مرات عديدة في محاولات لجرنا إلى العنف المسلح، مما أوقع 38 قتيلا و150 جريحا و50 مختطفا لدى الأمن القومي والحرس الجمهوري، فلو كانت لدينا النية في تفجير الوضع عسكريا لكان الأولى الدفاع عن أنفسنا». وأضاف الشميري: «إن الوسطاء والأشقاء والأصدقاء في مقابلاتهم مع اللواء الأحمر دائما يثنون على التزامه بضبط النفس»، وأكد الشميري أن «هذه الوثائق هي بمثابة الدليل على احتضار النظام الذي يمارس قطع الطرقات وحصار المدن منذ 3 أيام»، وقال الشميري: «هذه الوثيقة مزورة، ولا تعني لنا شيئا، وسوف نظل على نهجنا السلمي حتى يتم إنجاح الثورة».

وقد أثار التصعيد الأخير في الساحة اليمنية مخاوف الدول الغربية على حد سواء مع مخاوف الشارع اليمني من دخول البلاد في أتون حرب أهلية بين الأطراف المتنازعة، في الوقت الذي تبادلت السلطات الاتهامات مع المعارضين من أسرة الأحمر واللواء علي محسن الأحمر بشأن الاستعداد لتفجير الموقف عسكريا في حي الحصبة بصنعاء.

وأعربت المملكة المتحدة عن قلقها المتزايد من تزايد التوتر السياسي في اليمن، وقالت: «إن ما يريده اليمن بشكل عاجل، هو حل سياسي سلمي للأزمة»، واعتبرت أن «العنف ليس حلا لأي من المشاكل التي تواجه اليمن». وقال السفير البريطاني في صنعاء، جوناثان ويلكس، في بيان صادر عنه حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن المعارضة «لديها الحق في وضع الضغوط السياسية على الحزب الحاكم والعكس»، وإن «الأولوية الآن أن تكون جميع الأطراف أكثر نشاطا في التفاوض على تسوية سياسية تقوم على أساس مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي وخارطة الطريق لتنفيذ عملية الانتقال السياسي التي وضعها مبعوث الأمم المتحدة، جمال بن عمر». وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية مطلعة أن التصعيد الذي تشهده الساحة اليمنية، دفع القوى الغربية والإقليمية إلى تكثيف تحركاتها لاحتواء الموقف والحيلولة دون انفجار الموقف العسكري الذي بدأت مؤشراته بالحشود العسكرية في معظم المحافظات اليمنية، وبالأخص في العاصمة صنعاء. وفي السياق ذاته، حذرت وزارة الداخلية اليمنية من وصفتهم بـ«عصابة أولاد الأحمر وعناصر الإخوان المسلمين في حزب الإصلاح» من «القيام بأي حماقات أو ارتكاب أي أعمال تخريبية وعدوانية تستهدف أمن واستقرار المواطنين وممتلكاتهم وإقلاق السكينة العامة»، وقال مصدر مسؤول في الوزارة إن المعطيات تشير إلى أن «أولاد الأحمر وعصابتهم المسلحة يعدون لتفجير الموقف من جديد في منطقة الحصبة بأمانة العاصمة، بحيث أخذت تلك العناصر تطالب سكان منطقة الحصبة بإخلاء منازلهم والخروج منها، مستخدمة في ذلك النساء والأطفال للإيحاء للمواطنين بأن من يطلب منهم إخلاء منازلهم ومغادرة الحصبة هو الحرس الجمهوري».

من جانبه، نفى الشيخ صادق الأحمر، زعيم قبيلة حاشد، ما أعلنته الداخلية اليمنية عن «قيام أنصار الشيخ الأحمر بتوجيه دعوات تطالب سكان منطقة الحصبة بإخلاء منازلهم والخروج منها»، وأكد في بيان صادر عنه «استمرار الخروقات من قبل بقايا النظام، وأن الاستعدادات متواصلة في منطقة الحصبة من قبل الحرس الجمهوري وقوات الأمن لشن عدوان جديد على الحصبة وساكنيها».

وفي السياق ذاته طالبت المعارضة اليمنية بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في حوادث العنف التي جرت في اليمن منذ انطلاق الاحتجاجات مطلع العام الحالي، بينها ما تعرض له شباب الثورة في الساحات من أعمال قتل، وأيضا محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس صالح وكبار رجال الدولة قبل بضعة أشهر في جامع دار الرئاسة بصنعاء. وعلى ذات الصعيد السياسي، قالت مصادر حكومية يمنية إن اللجنة العامة (المكتب السياسي) لحزب المؤتمر الشعبي العام (الحاكم)، ستعقد اليوم، الثلاثاء، اجتماعا برئاسة نائب الرئيس، عبد ربه منصور هادي، وذلك لمناقشة «المواضيع المرتبطة بخطة التحرك السياسي والتنظيمي للمؤتمر الشعبي العام على ضوء التطورات المتلاحقة التي تشهدها الساحة الوطنية»، وحسب أسبوعية «الميثاق»، الناطقة باسم الحزب، فإن الاجتماع سيقف أمام تفويض الرئيس صالح للجنة بـ«حوار مع أحزاب اللقاء المشترك بشأن الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية والعمل على تنفيذها بهدف إخراج البلاد من الأزمة الراهنة».