ناشطون: أجهزة إيرانية جديدة تحدد إحداثيات مستخدمي «الثريا» في أقل من دقيقة

قالوا إن عدم وجود عسكري إيراني على الأرض لا يعني أنهم لا يدعمون النظام

TT

منذ أن انطلقت شرارة الحراك الشعبي في سوريا من محافظة درعا الجنوبية، وانطلقت معها آلة القمع التي اعتمدها النظام لإخماد الاحتجاجات، بدأ الحديث يتزايد عن وجود عناصر من الباسيج الإيراني والحرس الثوري وعناصر من حزب الله يدعمون قوات الأمن النظامية وشبه النظامية (الشبيحة) على الأرض في سبيل إسكات صوت المحتجين. ومع تصاعد الاحتجاجات الشعبية كرد فعل على الحل الأمني الذي انتهجه النظام، تصاعدت أيضا الاتهامات للحرس الثوري الإيراني بالتدخل والمساهمة في القمع من خلال عناصر تشارك على الأرض في عمليات القمع، لكن الحديث عن هذا التدخل الإيراني عسكريا ولوجستيا لا يستند إلى أدلة قطعية. ويقول أحد ناشطي تنسيقيات الثورة في حمص لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الأمن لا تضم في صفوفها إيرانيين، معتبرا أن «الإيرانيين كأفراد عسكريين لا وجود لهم ولو كانوا موجودين لكان هناك من التقط فيديوهات لهم كما حدث في كل مكان أو حدث من أحداث الثورة مهما كان محاطا بالمحاذير».

لكن هذا الناشط يؤكد أن عدم الاستعانة بعسكر إيراني أو عناصر أمنية لا يأتي من تمتع النظام السوري أو حتى الحكومة الإيرانية «بالحس الأخلاقي»، وإنما يأتي من ما تفرضه الحاجة «فالاستعانة بعناصر من الباسيج غير ضرورية فإذا كانت الاستعانة من باب قلة عدد عناصر الأمن والجيش السوريين، فالجهاز الأمني السوري بذراعيه النظامي وشبه النظامي (الشبيحة) ليس بحاجة لناحية العدد، فأولئك يغطون أكثر من مائة منطقة منتشرة في أنحاء سوريا في آن معا ولسان حال النظام يقول (لدينا مزيد)»، مضيفا أن عدم الوجود العسكري الإيراني على الأرض لقمع الثورة في سوريا لا يعني أن الإيرانيين لا يدعمون النظام «إيران تدعم النظام بكل ما أوتيت من إمكانات، فمصدر العصي الكهربائية التي تستخدم لقمع المتظاهرين في سوريا إيران إضافة إلى أدوات قمعية أخرى تتخطى القمع الجسدي إلى القمع الفكري». ويشير أحد الشباب المشاركين في الاحتجاجات من مدينة بنش التابعة لمحافظ إدلب، التقت به «الشرق الأوسط» خارج سوريا، إلى أن أحداث جسر الشغور جاءت على خلفية اختطاف جنديين إيرانيين في تلك المنطقة ومن ثم نقلهم إلى تركيا، الأمر الذي ترافق مع إعلان التلفزيون الرسمي السوري عن مهاجمة باص يقل سياحا إيرانيين في منطقة قريبة لكن رواية هذا الشاب لا يمكن تأكيدها بشكل قطعي على الرغم من وجود عدة روايات متطابقة.

أما أحدث أنواع الدعم الذي قدمته إيران للنظام السوري فيتمثل في أجهزة لمكافحة العدو الأول للنظام، هواتف «الثريا» (التي تعمل عبر الأقمار الصناعية). ووفقا للناشط السوري الذي فضل عدم ذكر اسمه فإن إيران زودت النظام السوري في الأسابيع القليلة الماضية برادارات متحركة محمولة على سيارات فان يمكن أن تحدد إحداثيات مستخدم الثريا بدقة في مدة لا تتجاوز الدقيقة الواحدة وتقوم بالتشويش عليه وقطع الاتصال.

لكن صفحات الثورة السورية على مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» تحاول دائما أن تجاري كل جديد يستخدمه النظام من المعدات التكنولوجية الحديثة وتقدم للثوار نصائح للتعامل معها للحيلولة دون وقوع الناشطين في الاعتقال. ويشكل الثريا متنفسا هاما لناشطي الثورة السورية في داخل المناطق السورية المحاصرة، حيث يتمكن الناشطون من التواصل مع بعضهم للتنسيق ومن ثم الاتصال مع القنوات الفضائية لإظهار حجم القمع الذي يتعرضون له.

في سياق متصل يشير مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الوجود الإيراني ليس جديدا في سوريا فهناك ضباط ارتباط إيرانيون يملأون السفارة الإيرانية في دمشق كما أن ضباطا آخرين يعملون في دمشق بصفات متعددة إعلامية وثقافية، وهم ذاتهم ممن ساهموا في نقل أسلحة وذخائر عبر سوريا إلى لبنان في عام 2006 بطرق غير تقليدية في عز القصف الإسرائيلي للحدود، مشيرا إلى أنه ليس من الصعب على إيران أن تنقل ما اشتهت من أسلحة إلى سوريا وبالطريقة التي تراها مناسبة وبالكميات التي يحتاجها النظام «ولعل خير دليل هو السفينتان اللتان انتقلتا إلى سوريا عبر قناة السويس والطائرات التي عبرت إلى سوريا وتم تفتيشها في تركيا فبالتأكيد لم يتم إيقافها لأنها تحتوي على مواد غذائية».

ويرى الناشط الحقوقي مسعود عكو عضو تجمع شباب الكرد السوريين في الخارج أنه «لا يمكن لأحد أن يثبت بالدليل القاطع وجود مشاركة إيرانية سواء عسكرية أو أمنية في قمع الاحتجاجات في سوريا»، لكنه يضيف «من خلال تجربتنا في سوريا وعلاقات النظامين السوري والإيراني نصل إلى نتيجة حتمية ومنطقية بأن هناك تعاونا بينهما في هذا الجانب وخاصة ما يتعلق بالخبرة الإيرانية في قمع الاحتجاجات.. لكن نحن متأكدون أن هناك دعما لوجستيا إيرانيا للنظام السوري.. ماديا وفي مجال النفط وأيضا في بعض وسائل قمع الاحتجاجات كالغاز المسيل للدموع والعصي الكهربائية».