المعارضة السورية تفتح خط اتصال مع إيران عبر دبلوماسيين في باريس.. لحثها على فك ارتباطها بالنظام

بهية مارديني لـ«الشرق الأوسط»: طهران تقامر بعلاقتها مع الشعب السوري وهو الأبقى

صورة مأخوذة من موقع «أوغاريت» لآلاف المتظاهرين يشيعون الشيخ السلقيني في حلب
TT

علمت «الشرق الأوسط» أن المعارضة السورية فتحت خطوط اتصال مع دبلوماسيين إيرانيين في محاولة لطمأنة طهران، وحثها على تغيير موقفها الداعم لنظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي يواجه أعنف انتفاضة شعبية منذ ستة أشهر. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لقاء جمع أطرافا ممثلة للمعارضة السورية بالداخل ودبلوماسيين إيرانيين لحث طهران على كف يدها عن دعم الأسد. ولم تشر المصادر لموعد هذا اللقاء إلا أنها أكدت أنه جرى قبل أيام بطلب من المعارضة السورية.

ومنذ بدء الثورة السورية، وجهت واشنطن ودول أوروبية، ومعارضون سوريون، اتهامات لإيران بتقدم أسلحة متطورة ومعدات لقمع المتظاهرين مثل العصي الكهربائية والقنابل والذخيرة المتطورة. ويرى مراقبون أن الدعم الذي يحظى به الأسد يقف حجر عثرة أمام الجهود الدولية الهادفة لمحاصرة النظام السوري والتي طالت مؤخرا إمدادات النفط.

وكشفت بهية مارديني، رئيسة اللجنة العربية للدفاع عن حرية التعبير والرأي، لـ«الشرق الأوسط» أن مندوبين من المعارضة السورية بالداخل، التقوا دبلوماسيين إيرانيين في باريس. وقالت مارديني إن الجانب السوري حاول استمالة الجانب الإيراني ونقل رسالة من الشعب السوري لطهران، مفادها أن «طهران تقامر بعلاقتها مع الشعب السوري وهو الأبقى». وأضافت أن المعارضين السوريين حاولوا طمأنة الدبلوماسيين الإيرانيين حول مستقبل الطائفة الشيعية والمصالح الإيرانية في سوريا في حال سقط النظام العلوي. وتعتقد مارديني أن اللقاء يأتي على خلفية فشل النظام السوري في قمع المظاهرات السورية عبر ستة أشهر وهو ما جعل النظام الإيراني منفتحا لسماع أطراف أخرى في الأزمة التي يعيشها نظام دمشق منذ مارس (آذار) الماضي.

وتأكيدا على الدعم الإيراني للنظام السوري في قمع الاحتجاجات الواسعة التي تضرب المدن السورية منذ ستة أشهر، كشف ناصر جبر، رئيس المكتب الإعلامي لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز، عن معلومات مؤكدة حول ما يتعلق بالدعم العسكري والاقتصادي الإيراني للنظام السوري، وأوضح جبر أن «نظام الأسد يستخدم حدوده في تلقي المساعدات الإيرانية عبر جيرانه الذين يدينون بالولاء لنظام طهران»، فيما أوضح معارضون سوريون أن النظام الإيراني يحاول بكل ما أوتي من قوة لمنع انهيار شبكة مصالحه في المنطقة التي يحفظها بقاء نظام الأسد.

وقال جبر لـ«الشرق الأوسط» إن «المساعدات الإيرانية تصل لنظام الأسد بعدة طرق من بينها استخدام الحافلات السياحية التي تعبر الحدود السورية - التركية وصولا إلى اللاذقية ومنها إلى دمشق، بالإضافة إلى بعض الرحلات الجوية التي تتم عبر تركيا أيضا، وقد تم كشف وضبط حالات مختلفة على يد قوات الأمن التركية»، موضحا «إن عمليات تهريب السلاح والمساعدات المالية بلغت مليارات الدولارات». وأضاف جبر أن «سوريا تستفيد كثيرا من العلاقات الوثيقة بين إيران وحزب الله، حيث يتم تهريب السلاح المخزن لدى حزب الله اللبناني عبر الحدود السورية - اللبنانية، وأيضا إيصال الأموال عن طريق رجال أعمال لبنانيين لديهم استثمارات كبيرة في أوروبا وموالين لإيران».

وأوضح جبر «أن إيران ومعاونيها يرون أن سقوط نظام بشار الأسد سيعرض المشروع الإيراني المتنامي في المنطقة إلى الخطر» وأشار جبر إلى أن العديد من شركات السياحة والمعروفة بشركات «زيارة العتبات المقدسة» في سوريا يمتلكها الحرس الثوري، «وهي تستخدم كغطاء لتهريب أموال وأسلحة إلى سوريا ومنها إلى دول عربية أخرى».

ويقول معارضون إن إقدام إيران على تشييد مركز ضخم لها في منطقة أوتستراد المزة في دمشق، يعد أكبر دليل على الوجود الإيراني المتغلغل في سوريا. فالمبنى الضخم الذي بني من الفولاذ والحديد يثير استغراب السوريين من غرابة شكله حتى إن البعض يطلق عليه «القلعة الفولاذية»، وهو ما جعل ناشط سوري يقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن المبنى الضخم دليل واضح على الدور الإيراني في سوريا».

وأوضح ناشط سياسي سوري تحدث من دمشق عبر الإنترنت أن النظام الإيراني يساند نظام الأسد للحفاظ على مصالحه في المنطقة التي يضمنها استمرار نظام الأسد الذي يدخل في تحالف وثيق مع طهران منذ عام 1981، وقال الناشط لـ«الشرق الأوسط»: «إنها شبكة واسعة من المصالح السياسية والاقتصادية والعسكرية، والتي ستنهار كلها حال سقط نظام بشار الأسد» وتابع قائلا «لذا فالنظام الإيراني يحارب بكل ما أوتي من قوة للحفاظ على بشار الأسد رئيسا لسوريا». وأضاف الناشط أن «انهيار نظام الأسد سيفقد طهران حلقة الوصل بأذرعها العسكرية في المنطقة» في إشارة لحزب الله في لبنان وحماس في فلسطين، مضيفا أن «وجود النظام السوري يضمن التواصل لطهران مع حماس ومع حزب الله بشكل كبير، ومجرد التفكير في سقوطه يدمر شبكة المصالح المعقدة في المنطقة».

وأوضح ناشط سياسي سوري، أطلق على نفسه «أبو ماسة» كاسم مستعار، أن «النظام الإيراني يعاضد نظام بشار بشتى الطرق المتاحة» حيث قال «طهران أصدرت أوامرها لعناصر حزب الله للمشاركة الفعلية في قمع الاحتجاجات» وهو ما كشفه الجندي السوري المنشق، وليد القشعمي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» في يوليو (تموز) الماضي حيث أكد أنه قابل عناصر لحزب الله في معسكرات الحرس الجمهوري في دمشق، كما كشف عن تلقيه أسلحة حديثة الصنع بعلامات إيرانية.

ويعتقد أبو ماسة أن طهران زودت دمشق بقناصة إيرانيين مهرة وهو ما ساعد في تزايد أعداد القتلى بشكل كبير. وتعتقد بهية مارديني أن الأنباء عن وجود قناصة إيرانيين في سوريا تؤكدها دقة تصويبات القناصة وانتشارهم بطول البلاد وعرضها وهو ما يتعارض مع المعلومات المتوفرة لدى الناشطين عن كفاءة وأعداد القناصة المتوفرين أصلا لدى الجيش السوري.

وتقول مارديني، إن النظام السوري «ضعيف وهش للغاية»، ولكنها استدركت قائلة «لكن الدعم الإيراني هو الذي أسند عصابة بشار كل تلك الفترة الطويلة»، وأضافت «لا أعتقد أن النظام السوري يمكنه البقاء لكل تلك الفترة عسكريا واقتصاديا دون تلقي مساعدات من طهران».