خالد بن علي آل خليفة: البحرين قادرة على حفظ استقرارها ولا تقبل بانتهاك حقوق مواطنيها

وزير العدل البحريني لـ «الشرق الأوسط»: مقبلون على تعديلات دستورية مهمة ستدفع بالعملية الديمقراطية إلى الأمام

TT

كشف الشيخ خالد بن علي آل خليفة، وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف في البحرين، عن تعديلات دستورية سيتم الإعلان عنها في المرحلة المقبلة، مشيرا إلى أنه سيتم الإعلان عن أمور كثيرة في ما يتعلق بتفاصيل التعديلات الدستورية، مؤكدا أن البحرين مقبلة على تطور ديمقراطي كبير ومهم سوف يسهم في تعزيز استمرارية الإصلاح وتقدم الحياة الديمقراطية.

وأكد في حوار لـ«الشرق الأوسط» أن المناوشات التي تشهدها البحرين بين الحين والآخر لن تستمر ولا طائل من ورائها، لأن الكل يدرك عدم الجدوى من استمراريتها، مؤكدا أن المحرضين عليها سيتم التعامل معهم وفق القانون.

وقال خالد آل خليفة، إنه تم الاتفاق على 291 «مرئية» خلال حوار التوافق الوطني، وتم اعتمادها من الحكومة، التي شملت جميع نواحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية، والتي ستدفع بالعملية الدستورية والديمقراطية إلى خطوات متقدمة، مؤكدا أن التعديلات الدستورية والقانونية المقبلة ستمنح المجلس النيابي صلاحيات واسعة في المرحلة المقبلة، إضافة إلى دراسة تعديل قانون الانتخابات والدوائر الانتخابية بما يحقق المزيد من العدالة للجميع، وكذلك التعديلات على قانون الجمعيات السياسية.

وأشار إلى أن «يد الحكومة ممدودة للجميع، وأبواب المسؤولين مفتوحة، وعملية الحوار مستمرة عبر المؤسسات الدستورية، ولن تتوقف العملية الإصلاحية بل هي في تطور مستمر، ولكن من يريد أن يغلق الأبواب على نفسه فهذا شأنه، ولكنه لن يستطيع أن يوقف الحياة السياسية في البحرين».

وتطرق وزير العدل البحريني إلى كثير من الأمور التي تتعلق بالشأن البحريني وفي مايلي نص الحوار:

* كيف تصفون سير الانتخابات التكميلية التي تشرفون عليها، وما مدى التفاعل معها في ظل المقاطعة التي أعلنتها المعارضة وتأثيرات أحداث فبراير (شباط)؟

- الانتخابات التكميلية هي استحقاق دستوري لاستكمال مقاعد البرلمان الذي انتخب في 2010 للفصل التشريعي الثالث، وجاءت المشاركة فيه بنسبة 67.7 في المائة، ولكن بعد نحو ثلاثة أشهر استقال 18 نائبا، وحسب الدستور كان لا بد من استكمال هذه المقاعد التي سيتم استكمالها في الانتخابات التي ستجرى في 24 سبتمبر (أيلول).

* هل غطى المرشحون كل الدوائر الانتخابية؟

- نعم، مع ملاحظة وتأكيد مبدأ أن كل نائب في البرلمان لا يمثل طائفته أو عرقه أو منطقته بل يمثل كل الشعب، وهناك تنوع كبير في الترشيحات ومن كافة المناطق، فالمرشحون البالغ عددهم أكثر من 80 مرشحا يتنافسون على 18 مقعدا، وهم من كافة الطوائف، وربط المسألة بطائفة أو مجموعة أو فئة يخالف المبدأ الذي تقوم عليه الجمعيات السياسية في حد ذاته.

* هل هناك مرشحون محسوبون على المعارضة؟

- بعض الجمعيات السياسية أعلنت أنها لن تشارك في الانتخابات، علما أن نظام الانتخاب في البحرين يقوم على النظام الفردي، ولاحظنا في انتخابات 2010 أغلبية للمستقلين الذين ترشحوا بشكل فردي دون أي انتماء لجمعيات ونجحوا، ويمثلون اليوم كتلة كبيرة في البرلمان، وفي هذه الانتخابات التكميلية هناك مشاركة من جمعيات سياسية، وكثير من المستقلين.

* لكن جمعية الوفاق كمكون أساسي في البحرين. ألم يكن لمقاطعتها أي تأثير يذكر؟

- الجمعيات السياسية تعمل على تنظيم المواطنين في إطار من الوحدة الوطنية، ومسألة مشاركتها أو مقاطعتها هو قرار سياسي راجع لها، ولكن أن يعمم هذا القرار على طائفة أو مجموعة من الناس فهذا كلام غير مقبول.

* كونك أحد المشاركين في حوار التوافق الوطني في البحرين.. ما النتائج التي خرج بها الحوار؟

- الحوار جاء أثناء مرحلة شهدت نوعا من الاستقطاب الشديد في المجتمع، وشارك فيه نحو 300 شخص يمثلون مختلف فئات المجتمع من رجال الفكر والدين والسياسة وأعضاء السلطة التشريعية وممثلين عن الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة وشخصيات عامة ورجال صحافة. والآليات التي اتبعها الحوار متعارف عليها على المستوى الدولي، حيث تمت الاستعانة بشركة «CDR»، وهي تمثل بيت خبرة في كيفية تكوين توافقات، ووضعت قواعد إجرائية على هذا العمل وتم نشرها وتوزيعها على المشاركين، وتم تدريب 16 شخصية كمديرين للحوار، وقسم الحوار إلى أربعة محاور أساسية (المحور السياسي والاقتصادي والحقوقي والاجتماعي)، ثم على هامش الحوار الوطني نظمت ندوة للأجانب المقيمين بالبحرين، والغرض من المحاور الأربعة الأساسية أن يكون لكل محور مجموعة من المشاركين بحيث يختار كل على رغبته المحور الذي يريد المشاركة فيه ثم يدخلون في حوار حول المرئيات المقدمة من قبلهم، والغرض من هذه الممارسة هو العمل على خلق التوافق على ما يختلف عليه من «مرئيات»، وكانت المخرجات عبارة «291 مرئية» تم التوافق عليها تتوزع على جميع موضوعات المحاور الأربعة، ففي المحور السياسي تم التوافق على «تعيين رئيس الحكومة من الملك وتكليفه تشكيل الحكومة»، في الوقت الذي تم التوافق فيه على رفع المرئيتين التاليتين: «عرض الحكومة على مجلس النواب لنيل الثقة بضوابط تمنع المحاصصة والتعطيل، أو عرض برنامج الحكومة على مجلس النواب لنيل الثقة بضوابط تمنع المحاصصة والتعطيل والفصل بين السلطات»، على أن توضع هذه التوافقات في نص دستوري يحدد هذه الصلاحيات. وفي ما يتعلق بالدوائر الانتخابية، تم التوافق على إعادة النظر في الدوائر الانتخابية لتكون أكثر عدالة، وما زال الموضوع قيد الدراسة للتوصل إلى قانون لتعديل نظام الدوائر الانتخابية. وفي ما يتعلق بالمجلسين، تم التوافق على أن تكون هناك صلاحيات أكثر في المجلس المنتخب في ما يتعلق بالرقابة على أعمال الحكومة وأجهزتها، كما انتقلت الرئاسة من مجلس الشورى إلى مجلس النواب، والتوافق على إلزام الوزراء بحضور جلسات مجلس النواب لمناقشة مواضيع وزاراتهم، وعقد الاستجوابات في جلسة مجلس النواب وليس اللجان. وفي شأن الجمعيات السياسية، تم الكثير من التوافقات حولها، مع تركيز التشديد على وجوب أن يكون العمل السياسي في إطار من الوحدة الوطنية، وألا تستغل المنابر الدينية كأداة للجمعيات السياسية، وألا تكون هذه المنابر مرجعية للمنابر السياسية، إضافة إلى جانب العمل بشفافية في مسألة المال السياسي.

* لكن المعارضة تقول إنها متمسكة بمطالبها حول حكومة منتخبة واستقلالية القضاء ومجلس منتخب واحد.. فكيف هي التوافقات في هذا الجانب؟

- المعارضة شاركت في الحوار وفي العديد من التوافقات، وانسحابها خيار يخصها، حيث انسحبت جمعية واحدة من هذه الجمعيات، وهناك توافقات تمت مع بعض التحفظ أيضا، وهناك جمعيات معارضة شاركت في جلسات الحوار حتى نهايته، فالفكرة إذن أن هناك إصلاحا يجب أن يكون على الجميع وأن يشارك فيه الجميع، أما طرح مطالب برسائل عامة دون مضامين لكيفية تحقيقها على أرض الواقع وعدم المشاركة في المؤسسات الدستورية والطلب بالاستجابة لها دون أي توافق مع أطياف الوطن الأخرى، فإنها مسألة تنطق في ذاتها بأن هناك خللا في كيفية المطالبة وليس في المطالبة ذاتها.

* ما الأفق الإصلاحي في البحرين حسب رؤيتكم؟

- عجلة الإصلاح لا تتوقف، والحياة الدستورية لن تتوقف. والمهم هنا التأكيد على مبدأ ألا يحتكر أحد الإصلاح وألا يعتقد أحد أنه فوق الإصلاح وأنه صالح وغيره غير صالح، ولا بد أن يعلم الجميع أن الإصلاح سيطال وينال الجميع، وسيكون هناك دور أكبر للمجلس المنتخب في مسألة الرقابة وإقرار برنامج الحكومة أو الحكومة ذاتها، وفي مسألة الدوائر الانتخابية. وهناك توافقات متعلقة بحقوق الإنسان والشباب ومؤسسات المجتمع المدني وهي منظومة كبيرة وتتطور ديمقراطيا، والمسألة لا تتوقف على الحكومة، بل تشمل حكومة ومؤسسات مجتمع مدني وجمعيات سياسية ورأي عام وحرية صحافة وإعلام وحرية تعبير في المجتمع، وهذه الأمور تمثل تحديات ولا تأتي بمقاطعات أو بشق إرادة الشعب أو صبغ مطالب بصبغة معينة أو إلصاقها بطائفة أو معاداة طوائف أخرى، بل تأتي بالوحدة والمشاركة، وليست هناك نهاية للديمقراطية بل هي عملية مستمرة، ومتى ما بدأت العجلة فلن يستطيع أحد إيقافها. والمرحلة القادمة ستفصح عن أمور كثيرة في ما يتعلق بتفاصيل التعديلات الدستورية، وفي اعتقادي البحرين مقبلة على تطور ديمقراطي مفصلي مهم.

* تطرح بين الحين والآخر فكرة الأحزاب.. فهل تتحول العملية السياسية في البحرين إلى هذا النظام؟

- لو نظرنا للجمعيات السياسية في البحرين، فستجدها تمثل نظاما حزبيا، فالاختلاف على التسمية (حزب أو جمعية سياسية)، والدستور تضمن مفردة جمعيات ولم يذكر حزبا، والتزمنا هذه التسمية، وبعض الدول مثل فرنسا ما زالت تستخدم كلمة جمعية حتى الآن، والجمعيات السياسية تمثل نشاطا حزبيا في ما يتعلق بتشكيلها وطريقة عملها التي ينظمها قانونها وهيئاتها وأجهزتها.

* ولكن الجمعيات السياسية في البحرين تقوم على الطائفية؟

- لا يمكن أن نبسط الأمر بهذا الشكل.. الجمعيات البحرينية تم تأسيسها في 2005 ولا بد أن نضع في اعتبارنا التطور الطبيعي للأمور، كون الناس في بداية أي عمل تبدأ وتأخذه، كأنه عمل اجتماعي مربوط بالعمل الديني، وأغلب الناشطين اجتماعيا والناشطين في مجال الدين هم من شكلوا الأحزاب، وما نراه في البحرين هو أن التاريخ الإسلامي بطوائفه وتوجهاته وفلسفاته انعكس في تشكيل بعض الجمعيات فكريا، وفي العديد من البلدان تقوم الأحزاب في البداية على القبلية أو الفئوية أو الطائفية. ومن جهتنا في وزارة العدل حرصنا على العمل على ألا ينعكس ذلك على النصوص الخاصة بالتشريع والأنظمة الأساسية للجمعيات، وندرك أهمية إعطاء المزيد من الوقت للتطور والتقدم. واليوم وفي ضوء مخرجات حوار التوافق الوطني سنعمل على تعديل قانون الجمعيات السياسية لدفع العمل السياسي إلى أن يتعدى جزءا كبيرا من المسألة الطائفية.

* متى سيتم التعديل؟

- هناك لجنة تشريعية أتشرف برئاستها وهي تقوم بمراجعة مجموعة من التشريعات في إطار توافقات الحوار الوطني، ومتى ما تم الانتهاء من هذا الأمر سيحال بواسطة الحكومة إلى البرلمان.

* استمرارية تأزيم المعارضة للوضع، ألا ترى أنه قد يعرقل التعديلات على قانون الجمعيات؟

- ما مر على البحرين ليس سهلا، ولكن أيضا أثبتت الأيام التي مضت أن شعب البحرين يملك من مقومات الوحدة والتنوير والعزم على المضي، وما حدث لن يؤثر في مسيرة الإصلاح التي لن تتوقف، وستقام الانتخابات التكميلية وستنجح وسيستكمل البرلمان وسنواصل السير.

* وماذا عن الجانب القضائي ومدى العمل على استقلاليته بحكم التخصص؟

- وزارة العدل لا تشرف على القضاء ولكنها قريبة الصلة به، ففي عام 2002 تم تعديل السلطة القضائية وظهرت بمفهوم قانون السلطة القضائية، وقبلها كان هناك تعديل قانون تنظيم القضاء وأسس المجلس الأعلى للقضاء سنة 2000، ثم في 2002 أصبح للمجلس الأعلى للقضاء سلطة قضائية مستقلة بذاتها يندرج تحتها القضاة وأعضاء النيابة العامة، ثم تم تطوير السلطة القضائية في 2005 وأصبح أعضاء النيابة العامة يتبعون المجلس الأعلى للقضاء إداريا، وأصبحت مهمة وزير العدل تتعلق بالنواحي المالية والإدارية وتنفيذ قرارات المجلس الأعلى للقضاء التي تحال إليه، والمجلس الأعلى للقضاء يرأسه الملك، ولا يستطيع أي شخص أن يتدخل في عمله، والأهم من ذلك أن المجلس نفسه لا يستطيع التدخل في عمل القاضي، حيث إنه لا سلطان على القاضي في قضائه من أي جهة كانت، والفكرة كلها أن يكون للقاضي جهة ينتمي إليها وألا يتدخل أحد في عمله من خلالها، فكان تأسيس المجلس، ولكن من الممكن أن يكون هناك تطور من الناحية المالية والإدارية في ما يتعلق بالقضاة وشؤونهم، ومرئيات التوافق تدفع إلى كثير من التعديل بهذا الشأن. ونحن لا نملك حتى معرفة الحكم قبل أن يتم إعلانه مثلنا مثل أي مراجع يراجع في أحكامه. ومن مهامنا وواجباتنا الأساسية هي تطوير الأداء القضائي.

* أثيرت قضية هدم دور العبادة ومساجد خاصة في ما يتعلق بالجانب الشيعي، ما ردكم على هذا؟

- ما حدث أنه في فترة سابقة تم وضع بعض المنشآت والكبائن في أماكن ليست مرخصة وعلى أراض خاصة وأراض عامة، وقد تم تطبيق القانون بشأنها باعتبارها منشآت مخالفة، فالقانون يجب أن يتبع، ودار العبادة يجب أن تحترم وأن تبنى على أرض موقوفة لها كي تكون محمية، ولا يمكن تسمية دور العبادة إلا على الأماكن المرخصة وفق القانون، والدولة تصون وتحمي دار العبادة، والملك عاهل البلاد - حفظه الله ورعاه - وجه بإيجاد بدائل قانونية للأماكن التي تمت إزالتها، وبالتالي الحديث عن استهداف دور عبادة كما يقال فهو للتشويه والإساءة، ولدينا في البحرين أكثر من 1039 مسجدا، منها 399 جامعا ومسجدا للسنة، و700 مسجد وجامع ومصلى للشيعة، إلى جانب 300 مأتم للرجال و300 أخرى للنساء، فلا يمكن أن تستهدف عقائد الناس أو أن يستهدف الناس في عقائدهم، ولكن يجب أن يتم احترام القانون وهذا هو الإطار الذي يجب أن نعمل فيه جميعا، كما أن المسألة صورت كأنها استهداف لطائفة معينة، فما تم إزالته من كبائن ومنشآت غير مرخصة كان لكلا الطائفتين.

* وهل هناك تراخيص جديدة لمساجد جديدة؟

- التراخيص لا تتوقف، وفي البحرين عمار مساجد ولا يمكن أن تتوقف سواء كان جامعا أو مسجدا أو مصلى أو مأتما، وفي وزارة العدل نعمل ليل نهار على هذا الأمر، فالحكومة صرفت خلال الثماني سنوات الأخيرة نحو 19 مليون دينار بحريني (50.7 مليون دولار) لمشاريع تشييد دور العبادة.

* رسالتك لعيسى قاسم أثارت بعض الخلاف وأثارت المعارضة إلى حد وصل فيه إلى التهديد؟

- ما يعنينا في البحرين أن يعزز الخطاب الديني الوحدة الوطنية، وألا يكون منبر رسول الله مكانا لشق الوحدة بين المسلمين، وهذا مبدأ عام نعمل متمسكين به، وسبق أن تم توقيف خطباء تجاوزوا سواء من الطائفة السنية أو الجعفرية، ويتم التواصل معهم بإرسال رسالة أو التواصل المباشر مع الشخص ويتم تنبيههم وبيان أوجه التحفظات، مع التأكيد على أن رجال الدين لهم احترامهم ولا مساومة في ذلك، وفي نفس الوقت فإنه لا قدسية لأحد، والمنبر الديني لا بد أن يكون مسؤولا وإيجابيا ومتعاطيا مع الشأن العام في إطاره الجامع والتوفيقي، ولا نريد منبرا سلبيا، كما أن حرية الخطب مكفولة للجميع، والخطب في البحرين لا تحدد ولا تكتب وليست موجهة، ولكن من واجبنا ومهامنا أنه إذا لاحظنا بعض التجاوزات وجب علينا التوجيه، فإذا كان أمر ديني فالمرجعية كتاب الله وسنة رسوله، وإذا كان شأنا دنيويا فالمرجعية الدستور والقانون، ولا يمكن أن تترك الأمور على سيئاتها، أو نترك ما يفسد على المسلمين دينهم أو دنياهم، وهذه مبادئ عامة يجب أن نتحرك في إطارها، وبناء عليه تم توجيه رسالة لسماحة الشيخ عيسى قاسم كحال الإجراءات التي نتخذها مع كل خطباء المساجد، وتم توجيه الرسالة له في ما يتعلق ببعض الخطب التي تناول فيها الشأن العام، وأبدينا فيها تحفظاتنا على بعض ما ورد في تلك الخطب، في رسالة رسمية وخاصة وجهت له باليد.

* ما تفسيرك لرد الفعل العنيف؟

- إذا كان رد الفعل رسالة لاستخدامات وعناوين أخرى، فأنا لست معني بها، بل معني بواجبي الذي أقوم به، وما رأيناه في وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف تجاوز في الخطاب الديني.. وأؤكد هنا أن هناك احتراما ولا يوجد تقديس، لأننا لا نقدس أحدا ولا عصمة لأحد من رجال الدين، والرسالة أبدينا فيها وجهة نظرنا في ما تم، ونتوقع أن يكون هناك رد موضوعي على ما تم إبداؤه له، لأننا نريد الموضوعية، فلا نستهدف أشخاصا بقدر ما يهمنا بشكل عام عندما يذهب المسلم إلى مسجد، سواء كان سنيا أو شيعي، أن يدخل المسجد ويخرج مسلما أحسن مما دخل، أما مسألة شق دين الناس أو المسلمين في شؤونهم وإيجاد انعكاسات دنيوية سلبية على المجتمع، في حين أن الخلافات تحدث كل يوم ومجال حلها ليس المنبر أو أننا نصبغها بصبغة دينية فهذا غير مقبول.

* كيف تقيم الوضع الأمني في البحرين حاليا؟

- هناك بعض المشاغبات التي تحدث بين الحين والآخر، وأعتقد أن هذه المشاغبات ستنتهي لأنه لا يمكن أن يستمر الشباب المغرر بهم للخروج كل يوم في قراهم أو أن يعبثوا أمنيا ويضعون عوائق على الطريق، ولا بد أن تلعب المنابر ودور التعليم والإعلام دورا إيجابيا في حث هؤلاء الشباب على معرفة قضاياهم الحقيقية والتحديات في حياتهم، وألا توجه هذه الطاقات في اتجاه خاطئ، لأن أولى ضحايا هذا التوجيه هو الشاب نفسه ونحن لا نريد ذلك، وفي اعتقادي أنه لا بد أن تكون هناك صحوة في توجيه هؤلاء الشباب التوجيه الصحيح ليصبحوا فاعلين في مجتمعهم لا أن يكونوا قنابل موقوتة للمحرضين.

* ما موقف الحكومة تجاه الرموز المحركة والمحرضة للشباب؟

- كل من يقوم بالتحريض على جريمة يعتبر مجرما، ويتم التعامل في هذا الأمر طبقا للقانون.

* المعارضة تردد دائما أن الأبواب مغلقة أمامها للتحاور مع الحكومة .. لماذا لا تمد الحكومة يدها للمعارضة؟

- يد الحكومة ممدودة للجميع، والأبواب مفتوحة، وعملية الحوار مستمرة عبر المؤسسات الدستورية، ولكن المعارضة هي من رفض دعوة ولي العهد للحوار وانسحبت من الحوار الوطني، ورفضت الجلوس مع الآخرين، ومنذ اللحظة الأولى مباشرة تمت دعوة سمو ولي العهد، واستمرارا لهذه الدعوة وجه الملك بإقامة حوار التوافق الوطني، ولم تكن موصدة في البحرين يوما من الأيام، والبلد هنا صغير والناس تعرف بعضها البعض، فلذلك ليس من عاداتنا أو من شيمنا أو أخلاقنا أن يكون هناك باب مغلق، ومجالسنا مفتوحة ومعروفة، والتواصل على كل المستويات موجود، وباب المشاركة مفتوح، على الصعيد السياسي أو في الانتخابات أو المجال الاجتماعي أو في أي جانب رسمي لحل بعض القضايا القائمة.

* مواقف جمعية الوفاق، كيف تصفها وكيف يمكن يكون التقارب؟

- ما يحكم أي شخص في هذا المجتمع هو القانون. ومن يريد أن يغلق بابه على نفسه ويقول إن الآخرين لا يسمعونني فهذا موضوع آخر، أما البلد فسوف يستمر إلى الأمام عن طريق مؤسساته الدستورية والعمل للحفاظ على استقراره أمنيا واقتصاديا، والناس ستجد حياة أفضل في كل يوم من اليوم الذي قبله.

* هناك من ينادي بالتسامح، وهناك من يطالب بمعاقبة المتسببين في الأحداث الأخيرة.. فما رأيكم؟

- أعلى درجات العدل الرحمة، وإذا كان هناك عقاب فسيكون تنفيذا للقانون، حيث إن العدالة يجب أن تكون بعيدة عن نزعة الانتقام والتشفي، أو طور من أن هناك من يحتكر الفضيلة ومن تصبغ عليه الرذائل، وهناك من هو فوق المحاسبة، وهناك من لا بد أن يحاسب، والعدل والتسامح هما طبيعة قادة هذه البلاد، والملك حمد بن عيسى آل خليفة أكد في خطابه الأخير أن القانون سيأخذ مجراه وسيطبق على من يستحق المحاسبة، في الوقت الذي عكس فيه روح العدل والتسامح بمسامحة من أساؤوا إليه شخصيا.

* كيف ترى نظرة المجتمع الدولي للبحرين؟

- البحرين جزء فاعل في المجتمع الدولي وتعرضت لحملة كبيرة لتشويه سمعتها، ولكن مع تطور الأحداث تثبت في كل يوم أن المسألة غير ما كان ينشر، فالنظام في البحرين قادر وفاعل وحريص على أن تكون هناك عدالة ومحاسبة وتطور لا يفتقد إلى جرأة أو شجاعة، ومنذ اللحظة الأولى عندما بدأت الأحداث جاءت مبادرة ولي العهد بالتواصل مع كل القوى السياسية، ولكن البعض تخطى الأمر إلى إخلال كبير كاد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على مصالح الوطن العليا، فأعلنت حالة السلامة الوطنية وتدخلت القوى الأمنية كي تضع الأمور في نصابها، ومن ثم تم الإعلان عن إنهاء حالة السلامة الوطنية قبل موعدها وإعلان الحوار الوطني وتشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق حول أي تجاوزات حدثت، وفي اعتقادي أن البحرين قوية وقادرة ولا يمكن أن تقبل بأي انتهاك على مواطنيها بواسطة مواطنيها أو أحد أفراد الحكومة أو قوات الأمن، وإذا كان هناك انتهاك فسيتم التعامل معه.. ولا يمكن أن تستمر حالة التجييش أو التحشيد، والأيام ستثبت أن هناك تطورا في العملية السياسية، والعقلاء يدركون أن لا جدوى من استمرارية الفوضى وقطع الطرق على الناس.