قلق أميركي من تفاقم أزمة العلاقات التركية - الإسرائيلية

TT

تشعر الإدارة الأميركية بقلق وهي تراقب تفاقم الأزمة بين تركيا وإسرائيل خلال الأيام الماضية، حيث تشهد منطقة الشرق الأوسط مجددا تقلبات تؤثر على الحسابات الاستراتيجية للولايات المتحدة. وعبر مسؤولون أميركيون لـ«الشرق الأوسط» عن قلقهم من تأثير هذه الأزمة.

وبينما أصبحت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تعتمد بشكل ملحوظ على تحالفها مع تركيا للتعامل مع المتغيرات في المنطقة منذ بداية العام، كان هناك ارتياح من التعاون التقليدي بين تركيا وإسرائيل. إلا أنه منذ اعتداء الإسرائيليين على «أسطول الحرية» ومقتل 9 أتراك في مايو (أيار) 2010 أخذت العلاقات بين البلدين تتراجع، قبل أن يؤدي نشر تقرير بالمر إلى إعلان تركيا سحب السفراء وتجميد العلاقات التجارية والعسكرية. وعبر مسؤول أميركي مطّلع على ملف الشرق الأوسط في الإدارة الأميركية لـ«الشرق الأوسط» عن قلق واشنطن من التوتر بين تل أبيب وأنقرة، «خصوصا مع كل ما يحدث في المنطقة من متقلبات». وأضاف أن «تزامن هذا التصعيد مع التحرك المتوقع في الأمم المتحدة حول الدولة الفلسطينية يزيد من هذا القلق».

وبينما لا تعتبر إدارة أوباما الغضب التركي تجاه إسرائيل لرفضها الاعتذار عن مهاجمة «أسطول الحرية» مؤشرا على انهيار العلاقات بين البلدين، وصف الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى مجلس العلاقات الخارجية، ستيفن كوك، التوتر بأنه «مشكلة حقيقة، ليس هناك قطع في العلاقات ولكنه يبدو قريبا من ذلك». وأضاف كوك لـ«الشرق الأوسط» أن «دور واشنطن هنا أن تكون حكما بين حليفيها المقربين، فباتت هذه قضية جديدة تشغل الإدارة الأميركية في المنطقة».

وعلى الرغم من أن المسؤولين الأميركيين يمتنعون عن التصريح للإعلام حول العلاقات التركية - الإسرائيلية، فهناك جهود خلف الكواليس لتهدئة الأجواء. وكانت إدارة أوباما قد حثت الحكومة الإسرائيلية على اتخاذ خطوات لتهدئة الأتراك، وإن لم يشمل ذلك تقديم اعتذار رسمي مثلما طلبت أنقرة فعلى الأقل إبداء الأسف. وكانت هذه من قضايا جدول أعمال مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد روس، والمبعوث الأميركي الخاص للسلام في الشرق الأوسط ديفيد هيل، أمس وهما يزوران إسرائيل.

واعتبر كوك أن «على الإدارة الأميركية أن تخشى من تداعيات ما يدور، إنه حدث كبير، والعلاقات التركية - الإسرائيلية كانت تفيد الولايات المتحدة». وهناك وعي أميركي بأن التحرك التركي سيزيد من الضغوط على مصر لتحديد طبيعة علاقاتها مع إسرائيل، بالإضافة إلى الواقع العام في المنطقة وتعاملها مع إسرائيل مع اقتراب موعد تقديم الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية للجمعية العامة لدى الأمم المتحدة. وقال كوك: «التعقيد الأساسي هنا أن التحركات التركية تزيد من الضغوط على المصريين حول علاقتهم مع إسرائيل». واعتبر مسؤول أميركي من وزارة الخارجية الأميركية أن «هذه توترات غير بناءة في وقت حساس تحتاج المنطقة فيه إلى الاستقرار».

ورغم الرغبة الأميركية في تهدئة الأزمة بين تركيا وإسرائيل، فليس لدى الولايات المتحدة نقاط ضغط كثيرة لتستخدمها على تركيا للحد من إجراءاتها ضد إسرائيل. وأوضح كوك: «لا أعتقد أن هناك نقاط ضغط كثيرة يمكن أن تستخدمها واشنطن للضغط على الأتراك، ولكن أتوقع ردا قويا من خلال تصريحات بعض أعضاء الكونغرس».

ويحاول المؤيدون لإسرائيل في واشنطن إظهار إسرائيل على أنها هي من ترغب في العلاقات الأفضل مع تركيا وأنها لا تريد تفاقم الأزمة. وكتبت الصحافية اليمينية جينفر روبين في صحيفة «واشنطن بوست» مقال رأي قالت فيه إن على تركيا «موازنة» علاقاتها مع إسرائيل مع «تغذيتها» لشعبها للهجة المتشددة تجاه إسرائيل. ونقلت روبن عن السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل أورين قوله إن «إسرائيل تثمن علاقاتها مع تركيا، ونأمل أن نضع هذه الحادثة خلفنا وأن نعمل على حل خلافاتنا بشكل سلمي وأن نعيد الصداقة التاريخية بين شعبينا»، إلا أن إعادة العلاقات التركية - الإسرائيلية على ما كانت عليه في السابق يبدو غير مرجح، وهو أمر تدركه الإدارة الأميركية. وبينما تعتمد إدارة أوباما على تركيا في التعامل مع الثورات في كل من ليبيا ومصر وسوريا، فلن تسمح بأن تجعل إسرائيل توتر علاقاتها مع أنقرة عائقا لذلك.