قشة مسودة قانون النفط والغاز تقصم ظهر التوافق بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان

رئاسة الإقليم تعتبر ممارسات حكومة المالكي «استخفافا بالاتفاقيات المعقودة» بين بغداد وأربيل

TT

في الوقت الذي وصفت فيه رئاسة إقليم كردستان العراق ممارسات حكومة نوري المالكي بأنها تمثل «الاستخفاف بالاتفاقات السياسية وكسر الثقة لفرض صيغة مركزية خطت بنفس استبدادي لتكريس ديكتاتورية القرار الاقتصادي ووضع مقاليد الكل بيد البعض»، اعتبر مسؤول كبير في حكومة الإقليم تمرير مسودة قانون النفط والغاز من قبل الحكومة الاتحادية بأنه «مخالف لكل الاتفاقات التي نص عليها تشكيل الحكومة وفق مبدأ الشراكة الوطنية، وسيؤدي إلى انهيار كل التوافقات بين أربيل وبغداد».

وقال بيان صدر عن رئاسة كردستان وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أمس، إنه «بعد غياب سياسة نفطية اتحادية لأكثر من ست سنوات، وتنصل غير مبرر في تنفيذ الاتفاقات السياسية وتهرب واضح من مسألة إقرار قانون اتحادي للنفط، وبعد أن تم التأكيد على استمرارية التوافق قبيل تشكيل الحكومة العراقية الحالية كشرط أساسي لمشاركة التحالف الكردستاني فيها، نفاجأ الآن بتصرف مجلس الوزراء وبغياب معظم المعنيين من أعضاء المجلس في تمرير مسودة مغايرة تماما لما اتفق عليه سابقا بخصوص قانون النفط، حيث كان أسلوب تمرير المسودة المقترحة من قبل وزارة النفط خلال دعوتها إلى جلسة مستعجلة قبيل يوم من انعقادها وعرضها لوثيقة مهمة تجاوزت الـ50 صفحة خلال دقائق، ظنا من الحاضرين أنها مسودة متفق عليها، وكل ذلك بقصد استغفال أعضاء مجلس الوزراء كافة (الحاضرين والغائبين)».

بدوره، قال المسؤول الكبير في حكومة الإقليم لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من أربيل أمس، إن «حسين الشهرستاني، نائب رئيس الوزراء العراقي، عمل على عكس الاتفاقات المبرمة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم والموقعة عام 2007 حول موضوع النفط والغاز والقانون المتعلق به، وهذا بالنسبة لنا غير مقبول»، مشيرا إلى أن «ما تم الاتفاق عليه قبل تشكيل الحكومة الاتحادية الحالية لا يتم الالتزام به، بل على العكس من ذلك، إذ يتم العمل على مخالفة جميع الاتفاقات وخرق التوافق الوطني». ودعا المالكي إلى «معالجة الأمور والالتزام بالاتفاقات المعقودة بين بغداد وأربيل، إذ إن موقفنا واضح من أي خرق لهذه الاتفاقات، وهي تشكل خروقات دستورية خطيرة». وأكد المسؤول الكردي أن «الطرف الكردي كان ولا يزال عنصرا فاعلا كطرف في حل الخلافات بين الفرقاء السياسيين في العراق، وهذا ما أكدته مبادرة رئيس الإقليم مسعود بارزاني التي أدت إلى تشكيل الحكومة، ومن ثم مبادرة الرئيس جلال طالباني الذي يعمل بجهد كبير وبحرص على تنفيذ بنود اتفاقات أربيل، لهذا ندعو إلى عدم الالتفاف على الاتفاقات والابتعاد عن المناورات».

وحول ما إذا كانت تنوي قيادة إقليم كردستان الانسحاب من الحكومة والعملية السياسية برمتها والاتفاق مع أطراف أخرى لسحب الثقة من حكومة المالكي، قال المسؤول الكبير في حكومة الإقليم «نحن نتمنى ألا تصل الأمور إلى هذا الحد، وخاصة أن العراق يعيش أزمات سياسية خطيرة، حيث نتمنى أن يتفق الفرقاء السياسيون على تطبيق بنود مبادرة الرئيس بارزاني»، مشيرا إلى أن «الأمور إذا تطورت سلبيا فسوف يكون لكل حادث حديث». وكشف المسؤول عن أن «الدكتور برهم صالح رئيس حكومة الإقليم سيتوجه الأسبوع المقبل إلى بغداد للقاء المالكي والبحث بجدية لحل جميع الملفات العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم».

من جهته، أكد عادل برواري مستشار المالكي لشؤون إقليم كردستان لـ«الشرق الأوسط» أنه كمسؤول عن تنسيق وإدارة العلاقات بين الحكومتين الاتحادية والإقليمية لم يطلع على نص القانون المعروض على مجلس الوزراء، والذي يتكون من 50 صفحة، ولا يعرف التعديلات التي جرت على المسودة داخل مجلس الوزراء، وأن بعض الأطراف حاولت تمرير هذه المسودة باستغلال ضعف التمثيل الكردي في مجلس الوزراء العراقي، وخاصة بعد خسارة الكرد لعدد من الوزارات جراء الترشيق الحكومي الذي جرى مؤخرا. وأوضح برواري أن «الكرد هم المكون الثاني في العراق، وهم شركاء أساسيون في الحكومة الحالية ولا يجوز أن تمرر مثل هذه القوانين المهمة من وراء ظهورهم، ونحن نعتقد أن تمرير هذا القانون جاء كورقة ضغط على قيادة الإقليم، ولكن نحن أيضا لدينا أوراق ضغط نستطيع استخدامها ضد الطرف الآخر، ولكننا نصر على أن تسوى الخلافات بيننا بالشكل التوافقي وبالحوار الإيجابي والبناء لكي نتغلب على خلافاتنا الأساسية».

بدوره، يرى مصدر مقرب من المالكي، طلب عدم الكشف عن هويته، أنه «لا ينبغي تحميل المالكي مسؤولية الاعتراض الكردي على مسودة مشروع القانون لأن المسودة جرت مناقشتها داخل مجلس الوزراء الذي يضم كل الكتل السياسية في البرلمان»، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هناك آليات دستورية للاعتراض وليس عبر الإعلام أو الحديث عن قضايا لم تعد تخدم أحدا مثل التأسيس لديكتاتوريات جديدة أو غيرها». وأوضح المصدر أن «من لديه اعتراض على مسودة القانون من حقه ذلك، لكن شريطة اتباع الأسس والآليات الصحيحة لأن القانون في النهاية لا يمكن أن يمر داخل البرلمان دون أن تجري عليه التعديلات المناسبة من قبل الجميع».