بارزاني يحذر من قتال كردي ـ كردي.. ويدعو «بيجاك» و«العمال الكردستاني» لترك العمل المسلح

إيران تطالب قيادة إقليم كردستان بتوضيح موقفها من مبادرة معارضيها الأكراد بوقف القتال

مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، يتحدث في مؤتمر ممثلي حكومة الإقليم في الخارج بأربيل أمس («الشرق الأوسط»)
TT

في بيان نسب إلى قيادة قوات الحرس الثوري دعت إيران قيادة إقليم كردستان إلى توضيح موقفها من مضمون الدعوة التي أطلقها حزب الحياة الحرة (بيجاك) المعارض لها بشأن وقف إطلاق النار، باعتبارها وسيطا بينها وبين الحزب المذكور، لكي تعلن إيران موقفها بالتالي من تلك المبادرة. وشدد البيان على مسألة ضبط الحدود، حيث جددت قيادة الحرس الثوري إصرارها على «ضرورة إخلاء المناطق الحدودية من قبل مقاتلي هذا الحزب الكردي».

وجاء الرد الرسمي من قيادة الإقليم على لسان الرئيس مسعود بارزاني الذي أكد في كلمة ألقاها بالمؤتمر الأول للهيئة الدبلوماسية الكردية «ممثليات حكومة الإقليم في الخارج» الذي بدأ أعماله يوم أمس في أربيل، حيث أكد أن «قيادة الإقليم منزعجة جدا من الأحداث الجارية على الحدود، ومن القتال الدائر بين عناصر حزب بيجاك الكردي والجيش الإيراني، وكذلك بين مقاتلي حزب العمال الكردستاني وتركيا»، مشيرا إلى أن «قيادة الإقليم حاولت مرارا أن لا يقع القتال وأن تحل الخلافات عن طريق الحوار والتفاوض، وقد حققنا بعض النتائج الإيجابية في هذا المجال، ولكن للأسف تغيرت الأحوال على الحدود فجأة وحدث ما حدث».

وأعلن بارزاني أنه والرئيس العراقي جلال طالباني يبذلان حاليا جهودا مضنية لاحتواء الأزمة مع كل من إيران وتركيا من جهة، ومع الحزبين الكرديين من جهة أخرى، بغية التوصل إلى حلول ممكنة لها وإنهاء هذا الوضع الخطير على الحدود، والذي حذر بارزاني من تداعياته الخطيرة على القضية الكردية في المنطقة. وقال: «إذا نجحنا في تطويق المشكلة فسنكون قد حققنا مكسبا كبيرا لنا ولشعبي إيران وتركيا، أما إذا لم نوفق في مساعينا فإننا بالتأكيد لن نكون طرفا في هذه الحرب، ولكننا سنقرر عندها الإجراءات الكفيلة بضمان أمن الحدود مع دول الجوار، أو على أقل تقدير التقليل من حجم الخسائر على شعبنا. وفي الختام أكرر موقفي الداعم لحق الشعب الكردي بالحصول على حقوقه المشروعة، ولكن في إطار النضال السلمي وليس الحرب». وقال: «نحن على قناعة تامة بأن الحرب والقتال لن يحلا الخلافات والمشكلات القائمة على الحدود، فلا الكرد يحققون أية مكاسب بالقتال، ولا الدولتان تركيا وإيران تحققان أهدافهما بقصف الطائرات والمدافع، ومع ذلك فأنا أقول وبكل صراحة إنني مع تحقيق حقوق الشعب الكردي في أي جزء كان، ولكن مع ذلك لا أؤيد بيجاك والكردستاني في حربهما، بل أدعوهما إلى تغليب الخيار السلمي في نضالهما».

واستطرد بارزاني قائلا: «قبل عشرين عاما كنا مضطرين إلى رفع السلاح للدفاع عن هويتنا القومية، ولكن اليوم يجب على الكردستاني أن ينقل معركته إلى داخل البرلمان التركي بأنقرة، فالمعركة السياسية هي الأجدى لتحقيق مكاسب أكبر، ونحن منزعجون جدا من وقوع الضحايا من أبناء شعبنا جراء ما يحدث على الحدود، فهذه الحرب لا علاقة لها بنا من قريب أو بعيد، ولذلك نحن لا نريد أن يقتل مواطنونا الأبرياء جراء القصف، كما أننا لا نؤيد أن يسعى أي حزب كردي إلى تحقيق مكاسبه عن طريق الحرب والقتال، لأن زمن الحرب قد ولى». وأضاف بارزاني: «عندما نسأل تركيا أو إيران عن أسباب قصفهما لمناطقنا الحدودية يبررون ذلك بوجود عناصر الحزبين على الحدود، ويؤكدون لنا بأنهم ليست لهم أية مشكلة أو خلافات مع إقليم كردستان، وبأنهم يحترمون خياراته وقوانينه، ولكنهم بالمقابل لن يقبلوا بمجيء المقاتلين من داخل الأراضي الكردستانية لقتل مواطنيهم ثم العودة إليها، ويقترحون علينا أن ننشر قوات الإقليم على الحدود لمنع تكرار هذه الأمور، وإلا فهما في حل من اتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان أمن حدودهما، هذا كلامهم، وعندما نطلب من بيجاك والكردستاني أن يراعوا مصلحة الإقليم بهذا الصدد فلا يستمعون إلينا، وبناء على ذلك فنحن نشعر بالإحراج تجاه هاتين الدولتين اللتين تطالباننا بحماية الحدود، ولكن إرسال قواتنا إلى الحدود قد يؤدي إلى ما هو أخطر من ذلك، وهو احتمال اندلاع القتال الكردي - الكردي، وهذا أمر غير مقبول تماما، فأنا عندما قبلت بمنصب رئيس الإقليم تعهدت أمام شعبي بأن أمحو آثار القتال الداخلي الذي حصل، وأن لا تتكرر تلك المآسي مرة أخرى».

من ناحية ثانية دعا بارزاني إلى إبرام اتفاق جديد مع واشنطن لبقاء القوات الأميركية في العراق، تفاديا لاندلاع حرب أهلية ومنع تدخلات الخارجية، متهما قوى سياسية بالنفاق حيال بيان موقفها. ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية تحذيره من أنه «إذا انسحبت القوات الأميركية من العراق فستتعرض البلاد للكثير من المشكلات، وبتصوري هناك احتمال اندلاع حرب داخلية، وستزداد التدخلات الخارجية وستزداد أيضا المشكلات المذهبية». وأكد أن «العراق ما زال بحاجة إلى بقاء القوات الأميركية، وأن جميع القوى السياسية تقر في الاجتماعات الثنائية بذلك، ولكنهم عندما يقفون وراء المايكروفونات يتحدثون بنوع آخر ويزايدون على البعض».

ومن المقرر أن تغادر القوات الأميركية وعددها نحو 47 ألف عسكري العراق نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وفقا للاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن.