شعبية أوباما في أدنى مستوياتها مع تفاقم الأزمة الاقتصادية

الكونغرس يستأنف انعقاده بجدول مزدحم بقضايا الإنفاق الحكومي والتوظيف

الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث في ولاية ديترويت أمام مؤسسة الاتحاد الأميركي للعمل ومجلس المنظمات الصناعية بمناسبة يوم العمل الذي يحتفل به في الولايات المتحدة في أول يوم اثنين من شهر سبتمبر من كل عام، وأوضح: «سنبحث الخميس المقبل عن طريق جديد للأمام وخلق فرص عمل من أجل تحفيز الاقتصاد وإتاحة الفرصة لمزيد من الأميركيين من أجل الحصول على الوظائف (أ.ف.ب)
TT

يواجه الرئيس الأميركي باراك أوباما أزمة حقيقية مع تراجع ثقة الشعب الأميركي بقدرته على التعامل مع الأزمة الاقتصادية في البلاد؛ حيث كشف استطلاع للرأي، نُشرت نتائجه في واشنطن أمس، عن أن 60% من الأميركيين غير راضين عن تعامل أوباما مع اقتصاد البلاد. يأتي استطلاع الرأي في أسبوع حاسم في جهود أوباما لإثبات قدرته على التعامل مع الأزمة الاقتصادية ونسبة البطالة التي بقيت عند 9% خلال العام الماضي ولم تنخفض، على الرغم من جهود الإدارة الأميركية.

وأفاد استطلاع الرأي، الذي أجرته صحيفة «واشنطن بوست» مع قناة «إيه بي سي»، بأن 43% فقط من الأميركيين يؤيدون أوباما، بينما 53% غير راضين عن عمله، وهو أدنى مستوى يسجَّل منذ توليه الرئاسة. وبحسب الإحصاء الجديد، فقد تراجعت شعبية أوباما بنسبة 11% منذ بداية العام الحالي.

وعلى الرغم من أن الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني قال إنه «لا يمكن النظر إلى أرقام ليوم واحد» لتحديد سير الرئاسة، فإن مصادر أميركية رسمية أكدت أن فريق أوباما يشعر بالضغط الشعبي بدفع الاقتصاد من أجل إعادة ثقة الأميركيين بالإدارة. لكن يذكر أن 62% من الأميركيين يؤيدون جهود أوباما لمكافحة الإرهاب، وهو أمر يركز عليه البيت الأبيض، خاصة مقتل زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن في مايو (أيار) الماضي. وأضافت المصادر الرسمية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» أن أوباما يعمل هذا الأسبوع لوضع اللمسات الأخيرة على الخطاب الذي سيلقيه أمام مجلسي الكونغرس غدا، وهو في الوقت نفسه خطاب موجه للشعب الأميركي حول الخطوات المقبلة الذي سيقوم أوباما بها لدفع النمو الاقتصادي وإعادة ثقة الأميركيين.

وبعد فترة إجازة دامت شهرا في الكونغرس، عاد المشرعون إلى واشنطن هذا الأسبوع بجدول أعمال مزدحم بالقضايا المتعلقة بالوظائف والإنفاق الحكومي وعجز الموازنة.

ويبدأ الكونغرس فصله التشريعي الجديد بجلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ يوم الخميس؛ حيث يلقي الرئيس الأميركي خطابا يعلن خلاله خطته لإعادة 14 مليون أميركي إلى حقل العمل. وتكشف أحدث الإحصاءات عن أن معدلات البطالة وصلت إلى 9.1%، بينما لم تسجل معدلات نمو الوظائف أي ارتفاع. وتشير توقعات المحللين إلى أن الرئيس أوباما سيوصي بإعفاءات ضريبية للشركات التي تتوسع في التشغيل، والشركات كثيفة العمالة في مجال بناء الطرق، كما سيقدم برنامج مساعدات جديدا لأصحاب المنازل التي تضررت من إعصار آيرين الذي تصل تقديرات أضراره إلى 7 مليارات دولار.

وكشف الجمهوريون عن ملامح خطتهم للفصل التشريعي الجديد، التي تركز على خفض الإجراءات واللوائح المكلفة في وكالة حماية البيئة والمجلس الوطني للعلاقات العمالية والقانون الجديد للرعاية الصحية. وأصدر زعيم الأغلبية بمجلس النواب إريك كانتور مذكرة تتضمن 10 لوائح وإجراءات يعتزم مجلس النواب التصويت عليها خلال فصل الخريف، إضافة إلى سلسلة من التخفيضات الضريبية.

وعلى رأس جدول أعمال الكونغرس انعقاد ما سمي «اللجنة السوبر» التي تتشكل من 12 عضوا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري والتي تم تشكيلها كجزء من الاتفاق الذي أبرمه الحزبان لرفع سقف الدين والحد من الإنفاق العام. وتهدف اللجنة إلى تحديد واستقطاع 1.5 تريليون دولار من ميزانية الولايات المتحدة خلال الـ10 سنوات المقبلة. وقد وافق مجلس النواب ومجلس الشيوخ على المبالغ المستقطعة، لكن هناك توقعات بصدامات جديدة بين الحزبين حول التفاصيل. وإذا عجز الكونغرس بمجلسيه عن تمرير خطة هذه اللجنة بحلول 22 ديسمبر (كانون الأول)، فإن تخفيضا تلقائيا سيتم القيام به، وسيتم تطبيقه على خطط الإنفاق الدفاعي وخطط الإنفاق غير الدفاعي ويدخل حيز التنفيذ عام 2013. وتعقد اللجنة أول اجتماعاتها يوم الخميس المقبل وهو نفس اليوم الذي سيلقي فيه الرئيس أوباما كلمته أمام الكونغرس.

وسيناقش الكونغرس أيضا 3 مشاريع قوانين لاتفاقيات تجارة حرة مع كولومبيا وبنما وكوريا الجنوبية. ومع اقتراب انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية، فإن إدارة أوباما تسعى إلى إقناع الكونغرس بالموافقة على إقامة علاقات تجارية عادية ودائمة مع روسيا من خلال تعديل «جاكسون فانيك» الذي يربط العلاقات التجارية مع الدول الشيوعية بقدرتها على حماية حقوق اليهود والأقليات الدينية الأخرى.

ومع اقتراب نهاية السنة المالية سيكون على الكونغرس الانتهاء من تمرير 12 اعتمادا وفاتورة نفقات بحلول 1 أكتوبر (تشرين الأول). وسيشهد الكونغرس ضغطا لمناقشة وتمرير هذه الاعتمادات في الفترة المتبقية؛ حيث قام مجلس النواب بتمرير 6 اعتمادات، بينما لم يمرر مجلس الشيوخ سوى اعتماد واحد خلال الفترة الماضية.

ومن المتوقع أن يشهد اتجاه السلطة الفلسطينية للحصول على تأييد الأمم المتحدة لإقامة دولة فلسطينية احتجاجات كبيرة في الكونغرس، خاصة بعد أن تقدمت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية، إيلينا روس ليتنين، بمشروع قانون لقطع التمويل الأميركي عن أي منظمة تابعة للأمم المتحدة تحتضن قرارا لرفع مستوى التمثيل الدبلوماسي لفلسطين.

يأتي جدول الكونغرس المزدحم في وقت تتراجع فيه شعبية كل من الكونغرس والإدارة الأميركية لدى الناخب الأميركي بسبب قضايا البطالة والضرائب والمساعدات المالية في حالات الكوارث، وقد سجلت استطلاعات الرأي مستوى قياسيا منخفضا لشعبية الكونغرس لدى الناخب الأميركي بلغ 12% في أعقاب الخلافات الحادة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول الدين الأميركي خلال الصيف.