تأجيل زيارة العربي لسوريا في اللحظة الأخيرة.. وشعبان إلى موسكو الأسبوع القادم

ناشطون يدعون إلى عدم التسرع برفض المبادرة العربية «لأن النظام سيرفضها أولا»

نبيل العربي
TT

بينما تعتزم المستشارة السياسية والإعلامية في القصر الرئاسي بثينة شعبان القيام بزيارة لموسكو الأسبوع القادم، كان مقررا أن يصل إلى دمشق اليوم الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي في زيارة مدتها يوم واحد على رأس وفد كبير، حاملا معه المبادرة العربية، غير أن مصادر قالت إن العربي أجل زيارته لدمشق.

وقال العربي في القاهرة أمس إنه سيعرض على الأسد المبادرة العربية لحل الأزمة السورية، بناء على تكليف الاجتماع الوزاري العربي الطارئ الذي عقد في الجامعة العربية نهاية الشهر الماضي. وقال العربي في مؤتمر صحافي إن زيارته اليوم لدمشق تأتي بناء على تكليف من مجلس الجامعة العربية لنقل رسالة واضحة إلى النظام السوري حول الموقف تجاه ما يحدث في سوريا وضرورة وقف العنف وإجراء إصلاحات فورية. وحول برنامج الزيارة، وهل ستشمل عقد لقاءات مع المعارضة السورية أيضا، أوضح العربي أن لقاء المعارضة غير وارد، «وأنا سأذهب بتفويض من مجلس الجامعة لمقابلة الرئيس بشار الأسد ونقل رسالة واضحة إليه» بهذا الخصوص.

وعما إذا كانت الزيارة تعد الفرصة الأخيرة للنظام السوري أجاب العربي: «لا أقول ذلك، فأنا لم أذهب بعد إلى سوريا، ولم أبلغ حتى الآن الرسالة». وحول ما تردد بشأن الموقف السوري من المبادرة العربية ورفض دمشق لها، قال العربي إن «هذا كلام غير صحيح، وسوريا أعلنت فقط احتجاجها على البيان الذي صدر من مجلس الجامعة العربية الأخير من الناحية الإجرائية ولم يكن هناك تشاور كاف بشأنه، لكنهم قبلوا الزيارة ونقل الرسالة».

وتقول مصادر الجامعة إن المبادرة العربية تتضمن دعوة الحكومة السورية إلى الوقف الفوري لكل أعمال العنف ضد المدنيين وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وإعلان خارطة طريق واضحة ومحددة من قبل الرئيس الأسد يحدد فيها الخطوات الإصلاحية التي يجب اتخاذها، ووضع برنامج زمني محدد لتنفيذ هذه المبادرة وإشراك الجامعة العربية في متابعة تنفيذها.

وبدا أمس أن الجامعة العربية التي تولى العربي أمانتها العامة منذ نحو ثلاثة أشهر ما زالت بحاجة إلى خبرة عمرو موسى، أمينها العام السابق، حيث حرص العربي على لقاء موسى أمس والظهور معه في المؤتمر الصحافي الذي عقده بمقر الجامعة بالعاصمة المصرية. وقال العربي حول لقائه بموسى أمس: «لقد تحدثنا طويلا حول الأوضاع في المنطقة العربية واستعرضنا ما يحدث في مختلف الدول، واستمعت إلى نصائح كثيرة منه، ولا شك أن الجهود التي قام بها (موسى) على مدى عشر سنوات كأمين عام للجامعة العربية تصبّ في صالح الجامعة، ونعتمد على الاستفادة من هذه الخبرة».

من جانبه أكد موسى، الذي يسعى للترشح في الانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة، على أهمية زيارة العربي لسوريا، معتبرا أن الوضع هناك «محزن جدا وخطير»، قائلا إن استخدام العنف ضد الشعب مسألة صعب على أي أحد أن يتقبلها، خصوصا العرب، في ظل الحركة العربية المتجهة نحو التغيير والتحديث، «فهي حركة التاريخ، وبالتالي فإن الوقوف أمامها يعد سياسة لا تنتج أي شيء».

وتقترح المبادرة العربية لتسوية الأزمة في سوريا إجراء انتخابات رئاسية في 2014 وانتخابات نيابية قبل نهاية العام الحالي، بحسب نص المبادرة الذي حصلت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة منه. وتقترح المبادرة المكونة من 13 بندا «إجراء انتخابات رئاسية تعددية مفتوحة لكل المرشحين الذين تنطبق عليهم شروط الترشيح في عام 2014، موعد نهاية الولاية الحالية للرئيس».

وتنص في بندها الرابع على إصدار «إعلان مبادئ واضحة ومحددة من قبل الرئيس يحدد فيه ما تضمنته خطاباته من خطوات إصلاحية، كما يؤكد التزامه بالانتقال إلى نظام حكم تعددي وأن يستخدم صلاحياته الموسعة الحالية كي يعجل بعملية الإصلاح، والإعلان عن إجراء انتخابات رئاسية تعددية مفتوحة لكل المرشحين الذين تنطبق عليهم شروط الترشيح في عام 2014 موعد نهاية الولاية الحالية للرئيس».

كما تدعو «الحكومة السورية إلى الوقف الفوري لكل أعمال العنف ضد المدنيين وسحب كل المظاهر العسكرية من المدن السورية حقنا لدماء السوريين وتفاديا لسقوط المزيد من الضحايا وتجنيب سوريا الانزلاق نحو فتنة طائفية أو إعطاء مبررات للتدخل الأجنبي».

وتطالب المبادرة بـ«تعويض المتضررين وجبر كل أشكال الضرر الذي لحق بالمواطنين» وبـ«إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين أو المتهمين بتهم المشاركة في الاحتجاجات الأخيرة». وتقترح كذلك أن «يتم فصل الجيش عن الحياة السياسية والمدنية».

وتدعو المبادرة إلى «بدء الاتصالات السياسية الجدية ما بين الرئيس وممثلي قوى المعارضة السورية على قاعدة الندية والتكافؤ والمساواة، بدءا من التجمع الوطني الديمقراطي (هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الوطني الديمقراطي في سوريا)، وتمثيل التنسيقات الميدانية البازغة على الأرض في الحوار بصفتها شريكا معترفا به سياسيا وممثلين عن التيار الإسلامي وشخصيات وطنية معروفة ذات رصيد، وذلك على أساس رؤية برنامجية واضحة للتحول من النظام القديم إلى نظام ديمقراطي تعددي بديل».

وتقترح أن «يكون هذا الحوار الذي يجري بتيسير ودعم الرئيس ومع الرئيس مفتوحا لكل القوى والشخصيات الراغبة في الانضمام إليه بصرف النظر عن الهيئة التي تنتمي إليها أو الحزب الذي تمثله وفق الأسس التي يتطلبها الحوار». وتضيف: «يكون الحوار على أساس المصالحة الوطنية العليا السورية بالانتقال الآمن إلى مرحلة جديدة وفق ثوابت الوحدة الوطنية: لا للعنف، لا للطائفية، لا للتدخل الأجنبي». وتدعو المبادرة إلى أن «يعقد حزب البعث مؤتمرا قطريا استثنائيا في شكل سريع يقرر فيه الحزب قبوله الانتقال إلى نظام ديمقراطي تعددي يقوم على صندوق الاقتراع». وتقترح أن «تلعب جامعة الدول العربية بدعوة من الرئيس دورا ميسرا للحوار ومحفزا له وفق آلية يتم التوافق عليها».

وتدعو المبادرة إلى «تشكيل حكومة وحدة وطنية ائتلافية برئاسة رئيس حكومة يكون مقبولا من قوى المعارضة المنخرطة في عملية الحوار، وتعمل مع الرئيس وتتحدد مهمتها في إجراء انتخابات نيابية شفافة تعددية حزبيا وفرديا يشرف عليها القضاء السوري وتكون مفتوحة لمراقبين للانتخابات وتنجز مهامها قبل نهاية العام».

وتطلب المبادرة أن «يكلف رئيس الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل حكومة تمارس صلاحيتها الكاملة بموجب القانون، وتكون مهمة المجلس النيابي المنتخب أن يعلن عن نفسه جمعية تأسيسية لإعداد وإقرار دستور ديمقراطي جديد يطرح للاستفتاء العام». وتدعو المبادرة إلى «اتفاق على برنامج زمني محدد لتنفيذ هذه المبادرة وتشكيل آلية متابعة بما في ذلك وجود فريق عربي لمتابعة التنفيذ في سوريا». ومن المقرر أن يجري العربي خلال الزيارة مباحثات مع الرئيس بشار الأسد وعدد من المسؤولين السوريين حول آخر التطورات. ودعا ناشطون عبر صفحاتهم على موقع «فيس بوك» إلى عدم تسرع المعارضة السورية في رفضها، لأن «النظام سيقوم برفضها لأنه سبق ورفض مبادرات أقل بكثير مما يحمله العربي».

وفي دمشق قالت مصادر مطلعة إن بثينة شعبان ستصل إلى موسكو في الـ10 من الشهر الحالي لإجراء مباحثات مع المسؤولين الروس في وزارة الخارجية الروسية ومجلس الدوما والمجلس الفيدرالي. وتأتي هذه الزيارة بعد عشرة أيام من قيام مبعوث من الرئاسة الروسية نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوجدانوف بنقل رسالة من الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف لنظيره، تضمنت تأكيد روسيا مطالبة القيادة السورية بالإسراع في تنفيذ الإصلاحات والعمل على وقف العنف. وقال ناشطون إن شخصيات من المعارضة السورية الموجودة في القاهرة من المتوقع أن تزور موسكو الأسبوع القادم، دون استبعاد عقد لقاءات هناك مع شعبان، خصوصا وأن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كان قد دعا في تصريح صحافي المعارضة السورية إلى الانخراط في الحوار الوطني الذي دعا إليه النظام السوري.