حمص تتحول إلى ساحة حرب.. إطلاق نار على حافلات النقل الداخلي وملاحقة الطلاب داخل الجامعات

ناشطون يؤكدون مقتل 21 شخصا في المدينة على الأقل واقتحامها من 4 محاور

دخان القصف في حمص (شام فلاش)
TT

قتلت قوات الأمن السورية أكثر من 21 مواطنا في مدينة حمص، في عملية عسكرية شرسة نفذتها على المدينة التي بدت وكأنها ساحة حرب بحسب وصف سكان. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن 23 شخصا قتلوا أمس في عدة مدن سورية بينهم 21 شخصا في حمص بنار رجال الأمن أثناء عمليات مداهمة. وكانت لجان التنسيق المحلية، التي تنظم حركة الاحتجاجات غير المسبوقة ضد النظام السوري قد ذكرت أن عدد القتلى بلغ في سوريا أمس عشرين شخصا بينهم 17 في حمص وشخص في حماه وشخصان في سرمين (ريف ادلب). وقال ناشطون إن المدينة تقتحم من أربعة محاور وإن نحو 150 دبابة توجهت إليها من مفرق تدمر، وتحدث الأهالي عن سماع أصوات انفجارات في حي الإنشاءات والوعر وعدة مناطق أخرى. إلا أن كل ذلك التوتر والتصعيد لم يمنع خروج مظاهرة من حي القرابيص لتلتقي مع مظاهرة جاءت من حي جورة الشياح.

وأشار المرصد السوري لحقوق الانسان إلى أن «عدد القتلى مرشح للارتفاع نظرا لإصابة العشرات بجروح بعضهم جراحهم خطيرة»، لافتا إلى استمرار إطلاق الرصاص بكثافة في عدة أحياء من المدينة. وأظهر شريط فيديو مؤثر بثته عدة مواقع إلكترونية، عناصر من الشبيحة (الموالية للنظام) ترتدي لباس الجيش، وهي تطلق النار وتجهز على جريح ممدد على الأرض. وأشارت المواقع إلى أن هذا الشريط تم تصويره يوم الاثنين في حي الإنشاءات في مدينة حمص.

وأكد المرصد أن «الاتصالات الأرضية قطعت عن كافة أحياء مدينة حمص وسط استمرار إطلاق الرصاص الكثيف من رشاشات ثقيلة في حي باب دريب في المدينة»، مشيرا إلى «تصاعد دخان أسود من أحد المباني». وأضاف أن «تعزيزات عسكرية تضم 20 شاحنة محملة بالجنود دخلت حمص من جسر القصير كما وصل رتل من الآليات العسكرية يضم دبابات وناقلات جند مدرعة إلى مشارف حمص قادما من الرستن» لافتا إلى أن «رتلا من الدبابات يسير باتجاه حمص قادما من تدمر» وسط البلاد.

وأكد ناشط أن «قذائف ثقيلة أطلقت في أحياء باب السباع وباب هود وباب تدمر كما أطلقت النيران من رشاشات ثقيلة في شارع الحمرا وبابا عمرو». وأضاف «إن سيارات إسعاف كثيرة تشاهد وهي تسير في شوارع المدينة».

وقال ناشطون إن حمص لم تنم ليل أول من أمس «بسبب أصوات إطلاق نار من مختلف أنواع الأسلحة استمر ليومين كان يتوقف حينا ليعود ويتكثف مرة أخرى». وأكدوا أن أغلب «الأحياء تتعرض للقصف منها باب عمر وباب السباع وكرم الشامي وحي الخضر والبياضة والخالدية والدبلان وجورة الشياح». وقد توقفت كل أشكال الحياة في المدينة، كما قطعت الاتصالات الأرضية والجوالة في أغلب المناطق. وتسود بين الأهالي تحذيرات من ركوب تاكسي وحافلات نقل داخلي بسبب أعمال انتقامية، حيث يتم الاختطاف بواسطة التاكسي، وفي المقابل يتعرض سائقو التاكسي لمن يعرف ارتباطهم بالأجهزة الأمنية للاختطاف والقتل. كما تعرضت العديد من حافلات النقل الداخلي لإطلاق النار. وتحدثت مصادر محلية عن محاصرة قوات الأمن والشبيحة لمشفى جمعية البر في الوعر، وجرى إطلاق نار كثيف في محيطه، قبل اقتحامه يوم أمس، واعتقال أحد الجرحى، وتكسير أثاث ومعدات في الطابق الأرضي.

من جهتها، قالت مصادر محلية في حمص أن ثلاثة ضباط وأكثر من أربعين مجندا انشقوا عن الجيش في حي بستان الديوان. وقال ناشطون إن انشقاقات كبيرة جدا تحصل في قوات الجيش في حمص، لا سيما في بابا عمرو وجورة العرايس، وإن «الجيش المنشق يهاجم دوريات الأمن التي كانت يطلق النار بشكل عشوائي على المنازل والمنطقة تشهد أجواء حرب حقيقية»، فيما حذر الأهالي من وجود قناصة يحملون مناظير ليلية وقد رأوا اثنين منهم في الطابق السادس من برج الكاردينييا. وقالت طالبة جامعية إنها قدمت امتحانها الأخير يوم أمس في حمص، ووجدت صعوبة بالغة في مغادرة المدينة باتجاه دمشق حيث يعيش أهلها، ولم تتوفر وسائل نقل عامة، سوى (باصات هوب هوب) - وسائط نقل شعبية - وأن الحافلة التي أقلتها اضطرت لسلوك طريق تدمر للوصول إلى أتوستراد دمشق - حمص، وقضت عدة ساعات إضافية، مرت بداية في منطقة شمال حمص حيث رأت بعينيها مشاهد لاشتباكات بين قوات الأمن والأهالي بالسكاكين. كما تم توقيف الحافلة عند حاجز عسكري، وجرى اعتقال كل من هو دون سن الخمسين عاما. وقالت «لم يبق في الباص غير النساء والمسنين». وحول الوضع في مدينة حمص، قالت إن إطلاق النار كان في كل الأحياء، وإن مروحيات حربية حلقت على ارتفاع منخفض في حي بابا عمرو ومدخل شارع الحضارة وفوق الجامعة. كما وصفت حالة الذعر هناك بأنها كانت «كبيرة جدا كنا نركض تحت وابل إطلاق النار».

وتحدث ناشطون عن الأجواء الأمنية في جامعة «البعث» التي تعيش حالة توتر كبيرة، وقالوا «إنه بعد انتهاء الامتحانات الجامعية يوم أول من أمس قام الأمن بملاحقة طلاب من المطلوبين، ومن حاول الهروب أطلق عليه النار في ساحة الجامعة وتم إلقاء القبض عليه بعد إصابته، وتم اعتقاله من قبل الأمن والحرس الجامعي ومنع أي أحد من الاقتراب منه». وأضافوا أن «أساتذة في الجامعة كانوا أرسلوا تحذيرات سرية سرا إلى عدد من الطلاب من المجيء إلى الجامعة لأن موظفي شؤون الطلبة وبعض الطلاب يتعاونون مع الأمن ويزودونهم بأسماء الطلاب من الناشطين والمؤيدين للثورة».