مصر: المجلس العسكري يحذر من المساس بوحداته قبل جمعة «تصحيح المسار»

ائتلاف شباب الثورة: مظاهرة

TT

في أجواء متوترة تعيد للأذهان المشهد السياسي في مصر قبل الدعوة لجمعة الغضب الثانية يوم 27 مايو (أيار) الماضي، تلاحقت ردود الفعل الرسمية والشعبية بشأن الدعوة لمظاهرة حاشدة الجمعة المقبلة تحت شعار «تصحيح المسار». وأصدر المجلس العسكري (الحاكم) في مصر، رسالة جديدة حملت الرقم 74 حمَّل فيها مسؤولية تنظيم وتأمين المتظاهرين للقوى الداعية للتظاهر، محذرا من التجاوز ضد أي من وحدات القوات المسلحة أو معسكراتها، في وقت قالت فيه مصادر شرطية لـ«الشرق الأوسط»: «إن الأوامر قد صدرت لكل تشكيلات الأمن المركزي بالاستعداد لمواجهة المظاهرات المتوقعة غدا».

وكانت قوى سياسية، على رأسها ائتلاف شباب ثورة 25 يناير، الذي يعد أبرز الائتلافات وأكثرها قدرة على الحشد والتأثير، قد دعت للتظاهر يوم 9 سبتمبر (أيلول) الحالي، من أجل وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، وتحديد جدول زمني لتسليم إدارة شؤون البلاد لسلطة مدنية منتخبة، وإلغاء القانون القمعي الذي يجرم الإضرابات والاعتصامات. وتعديل قانون الانتخابات، واتخاذ إجراءات حاسمة لإعادة ضبط الأمن في الشارع المصري، والقضاء على ظاهرة البلطجة، وتفعيل الحد الأدنى والأقصى للأجور، وكذلك تفعيل قانون الغدر ضد رموز الحزب الوطني الديمقراطي (المنحل). وقال المجلس العسكري في رسالته على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، إنه «تأكيدا لثوابت القوات المسلحة المصرية تجاه ثورة 25 يناير العظيمة، يؤكد المجلس حق التظاهر السلمي للتعبير عن المطالب المشروعة مكفول لكل أبناء هذا الشعب العظيم».

وتابع المجلس قائلا: «إن القوى التي قامت بالدعوة إلى جمعة تصحيح المسار تتحمل مسؤوليتها الوطنية في التنظيم والتأمين، والحفاظ على كل المناطق التي سيتم التجمع بها».

وحذر المجلس من المساس بوحداته أو معسكراته، معتبرا أن أي تعد على المنشآت الحيوية يعد تهديدا للأمن القومي المصري، قائلا إنه سيتم التعامل مع هذا التجاوز بـ«منتهى الشدة والحزم ومحاسبة مرتكبيه». كما حذر المجلس المواطنين من إقدام العناصر التي وصفها بـ«الهدامة»، على القيام بتصرفات من شأنها الإضرار بصورة مصر وشباب الثورة، تحقيقا لأهداف عناصر داخلية تحاول إجهاض الثورة، أو عناصر خارجية تستهدف الأمن القومي.

ولوحظ أمس اهتمام الإذاعة الرسمية المصرية ببث قانون تجريم الاعتصامات والإضرابات، الذي أصدرته حكومة الدكتور عصام شرف، وواجه انتقادات حادة من القوى السياسية، التي اعتبرته نكوصا عن مكتسبات الثورة. ويعاقب القانون بالحبس والغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه (الدولار يساوي 5.9 جنيه) أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام أثناء سريان حالة الطوارئ بعمل وقفة أو نشاط ترتب عليه منع أو تعطيل أو إعاقة إحدى مؤسسات الدولة، أو إحدى السلطات العامة عن أداء أعمالها، كما يعاقب بالعقوبة ذاتها كل من حرض أو دعا أو روج بالقول أو بالكتابة، أو بأي طريقة من طرق العلانية المنصوص عليها بالمادة 171 من قانون العقوبات، لأي من الأفعال السابقة ولو لم يتحقق مقصده.

وتبدت حالة الاستقطاب السياسي التي عانى منها الواقع السياسي المصري على خلفية الانقسام بشأن خارطة طريق المرحلة الانتقالية، في الموقف من المظاهرة، حيث تبنت الدعوة القوى والأحزاب الليبرالية واليسارية، فيما رفضته القوى الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وحزبها الحرية والعدالة، ولحق به حزب الوفد الليبرالي الذي دخل في تحالف مع حزب الجماعة.

وقال إسلام لطفي، عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب ثورة 25 يناير، الذي كان يمثل الإخوان المسلمين قبل فصله منها على خلفية ما قالت إنه مخالفة لقراراتها، وتأسيسه لحزب سياسي (التيار المصري)، إن هناك محاولة متعمدة لإرهاب المواطنين قبل جمعة تصحيح المسار، وهو أسلوب غير حصيف في التعامل مع المظاهرات السلمية.. لكنه يؤكد استمرار عقلية مبارك (الرئيس المصري السابق) في إدارة البلاد.

وأضاف لطفي بقوله: «إن الشرطة المصرية عادت لسابق عهدها خلال الفترة الماضية في استخدام القوة المفرطة في التعامل مع المواطنين وإرهابهم، وهي الأسباب التي دعتنا للثورة».

وتوقع لطفي مشاركة أعداد كبيرة في مظاهرة الجمعة، لافتا إلى أن شباب حزب الوفد أعلن مشاركته على خلاف التصريحات المعلنة لقياداته، وكذلك شباب جماعة الإخوان المسلمين، وعدد كبير من القوى السلفية، مشيرا إلى أن الائتلاف لم يدع للاعتصام في الميدان.

ولا تزال قوات مكافحة الشغب (التابعة للشرطة المدنية)، مدعومة بقوات الشرطة العسكرية ووحدات من الجيش، تتمركز في ميدان التحرير، منذ فض اعتصام قوى الثورة مطلع الشهر الماضي، وتحاول هذه الوحدات بشكل خاص الحفاظ على الحديقة المستديرة التي تتوسط الميدان، والتي اعتاد المتظاهرون الاعتصام فيها.

وقالت مصادر شرطية لـ«الشرق الأوسط»: «إن أوامر صدرت لكل تشكيلات الأمن المركزي بالاستعداد لمواجهة المتظاهرين»، مضيفة أن أوامر التعامل مع المتظاهرين تصدر وفقا لتقديرات الموقف في حينه، لكنها رجحت أن تصدر تعليمات بالمواجهة.