الراعي يعرب عن تخوفه من قيام أنظمة متشددة في سوريا

السفير البابوي في الخليج لـ«الشرق الأوسط»: لا خوف على مسيحيي الشرق.. وندعوهم للمطالبة بالحرية والديمقراطية

البطريرك الراعي
TT

خرق البطريرك الماروني، بشارة بطرس الراعي، حلقة الصمت التي لفت البطريركية حيال موقفها من الملف السوري منذ اندلاع الثورة هناك قبل 6 أشهر؛ ودعا كما نقلت عنه وسائل إعلام لبنانية أمس، خلال مؤتمر صحافي عقده في مجمع البطاركة الفرنسيين في باريس، إلى إعطاء فرصة للرئيس السوري بشار للأسد لأنه بدأ بالإصلاحات.

وأعرب الراعي، من القصر الرئاسي الفرنسي في الإليزيه أول أمس، عن تخوفه من قيام حرب أهلية وأنظمة متشددة في سوريا. وأثارت مواقف البطريرك الراعي اعتراض بعض مسيحيي الداخل اللبناني، فاستنكر رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية، سمير جعجع، ربط الوجود المسيحي في الشرق بوجود الأنظمة الديكتاتورية وقال: «إذا كنا نتكل في استمرار الوجود المسيحي على أنظمة ديكتاتورية قائمة، فلِمَ هذا الوجود؟ ومن قال إن بديل هذه الأنظمة سيكون أنظمة أصولية؟»، معتبرا أن «فزاعة الأنظمة الأصولية يلوح بها منذ 50 سنة». وأضاف: «إذا تسلمت أنظمة كهذه الحكم فسنعارضها كما عارضنا بعض الأنظمة الحالية، لكن هذا الطرح خاطئ مائة في المائة». وتابع: «مقاربة المسيحيين لموضوع الثورات خاطئ تماما كتعاطيهم معها، لدينا من الجرأة ما يكفي كي نكون في صلب الأحداث، فهل نبقى متمسكين بالديكتاتوريات؟».

بدوره، أكد السفير البابوي في منطقة الخليج، المطران منجد الهاشم، أن «مواقف البطريرك الراعي تنطلق من المبادئ المسيحية العامة»، معربا عن «عدم تخوفه شخصيا على مسيحيي الشرق»، داعيا إياهم إلى «المطالبة بالحرية والديمقراطية». وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، قال المطران الهاشم: «إن مسيحيي الشرق موجودون في هذا الشرق قبل مسلميه، وبالتالي هم مواطنون أصليون وأصيلون فيه ولن يغادروه. ما يحصل من ثورات في العالم العربي نتعاطى معها في إطار الشؤون الداخلية لكل دولة على حدة، لكننا، دون أدنى شك، ندعم الشعوب في إطار سعيها للحصول على الحرية، لا بل نحثها للسعي لأنظمة تحترم الإنسان وحرياته، تؤمن بتداول السلطة وليس بالحزب والحاكم الواحد وتحمي حقوق الإنسان». وعن تخوف بعض المسيحيين من بديل النظام السوري الحالي، قال الهاشم: «من قال إن البديل سيكون نظاما إسلاميا متطرفا؟ يعود للشعب السوري أن يختار البديل، ونحن نؤمن بعدم توافر الظروف لقيام أنظمة متطرفة بديلة أو حتى لاستمرار نوع كهذا من الأنظمة». ودعا الهاشم المسيحيين في المنطقة «لفصل الدين عن الدولة وللتصرف والتحرك من منطلق ما يفرضه عليهم حسهم الوطني».

كان البطريرك الراعي، بعد لقائه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في قصر الرئاسة الفرنسية، قد أعرب عن تخوفه من أمرين مرتبطين بالملف السوري: «الوصول إلى حرب أهلية، وأن نصل، في سوريا أو غيرها، إلى أنظمة أكثر تشددا وتعصبا، أو حتى أن نصل، لا سمح الله، إلى (فتفتة) العالم العربي إلى دويلات طائفية».

وطالب الراعي، في وقت سابق، المجتمع الدولي وفرنسا بـ«عدم التسرع في القرارات التي تهدف إلى تغيير الأنظمة»، وقال: «طالبوا بأن يكون في العراق ديمقراطية، وهذه الديمقراطية حصدت أرواحا وأرواحا، واليوم البلدان العربية كلها في مخاض، فإلى أين سنصل؟ وهل تتجه سوريا إلى حرب أهلية سنية علوية؟ وهل نحن ذاهبون إلى تقسيم سوريا إلى دويلات طائفية؟ ما يحصل في سوريا إبادة شعوب وليس ديمقراطية ولا إصلاحا». وتابع الراعي: «إلى أين نحن ذاهبون في المنطقة؟ هل إلى أنظمة متشددة وعنيفة أكثر، أم إلى تفتيت عالمنا العربي الذي لا يصب في مصلحة الشعوب عامة ولا في مصلحة الأقليات ولا المسيحيين؟».

وأكد الراعي أن «الكنيسة لا يمكن أن تتلون بلون أي نظام، لا بل هي تريد أن تكون الأنظمة السياسية حامية لحقوق المواطنين، فنحن لا نقول إننا مع نظام فلان، بل مع نتائجه وثماره، هل هذا النظام يحترم التعددية في المجتمع؟ وهل هو متشدد ومتعصب دينيا؟ وهل هو ديكتاتوري لنرفضه؟». وتوجه الراعي إلى «مسيحيي الشرق بالدعوة إلى الصمود والتحمل»، لافتا إلى «وجوب العمل مع الأسرة الدولية لمساعدتهم ولحمايتهم؛ لأنه لا يجوز اللعب بمصائر الشعوب؛ إذ لا يكفي أن نطالب بالإصلاح، بل هناك وسائل أخرى كالمؤتمرات الدولية والحوار والتعاطي بين الدول على المستوى الاقتصادي».