استئناف النيابة العامة يبقي الشيخ اللبناني مشيمش خلف القضبان في سوريا

اعتقل في يوليو 2010.. وقاضي الإحالة بدمشق أمر الشهر الماضي بـ«إطلاق سراحه فورا»

TT

تبددت آمال عائلة رجل الدين الشيعي اللبناني حسن مشيمش، المعارض لحزب الله، والموقوف في سوريا منذ 14 شهرا، بعودته قريبا إلى بلده وأهله وأصدقائه، رغم إعلان القضاء السوري «عدم اختصاصه» بمحاكمته بتهمة التعامل مع إسرائيل. فقد استأنف النائب العام السوري، قرار قاضي الإحالة الأولى بدمشق، الذي طلب إطلاق سراح مشيمش الموقوف منذ نحو سنة في سوريا.

وكان مشيمش البالغ من العمر 47 عاما قد اعتقل صباح السابع من يوليو (تموز) 2010 على الجانب السوري من الحدود اللبنانية - السورية خلال توجهه إلى المملكة العربية السعودية لأداء العمرة. وفيما لم تتضح الخلفيات الحقيقية لتوقيفه، إلا أن معلومات تم ترويجها في بيروت أفادت بأن اعتقاله تم للاشتباه بتعامله مع إسرائيل.

وفي 21 أغسطس (آب) الماضي، أصدر قاضي الإحالة الأولى في دمشق فؤاد علوش قرارا قضى «بفسخ قرار قاضي التحقيق في دمشق وتقرير إعلان عدم اختصاص القضاء السوري للنظر في هذه القضية بما أسند للمدعى عليه حسن سعيد مشيمش (جرم الخيانة ومعاونة العدو) وإطلاق سراحه فورا ما لم يكن موقوفا أو مطلوب توقيفه لداع آخر».

ويظهر من خلال نص القرار، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن الأدلة التي تم الاستناد إليها هي «محضر إدارة المخابرات العامة والمتضمن الأقوال الأولية للمدعى عليه» و«محضر استجوابه أمام قاضي التحقيق الأولي في دمشق بتاريخ 30 يونيو (حزيران) الماضي، أي بعد 11 شهرا من توقيفه، وتلخصت فيه أقواله بإنكاره الجرم المسند إليه وبإنكاره لأقواله الأولية بأنه لم يقدم على الخيانة أو معاونة العدو ولم يتجسس على حزب الله لصالح الموساد الإسرائيلي». وكانت الوقائع التي بني عليها القرار أشارت إلى أن مشيمش «اعترف بأنه كان ينتمي إلى تنظيم حزب الله اللبناني وقد انشق عنه في عام 1997 وعمل كمرشد ديني».

وانطلاقا من استعراض الوقائع والأدلة، يعتبر علوش، قاضي الإحالة الأول في دمشق، أنه «لم يتبين من وقائع القضية وأدلتها المسرودة أي دليل يرقى إلى حد الكفاية يؤيد أن له إقامة دائمة أو مؤقتة في سوريا وأن الأفعال التي قام بها المدعى عليه المذكور بفرض ثبوتها وأنها تشكل بحقه جرما جزائيا معاقبا عليه بأحكام قانون العقوبات السوري النافذ فإنه لم يقع أي فعل منها في سوريا». كما ذكر أن هذه الأفعال «لم تستهدف الدولة السورية أو أمنها أو جيشها أو كيانها السياسي»، مستنتجا بأن «الجهات القضائية في سوريا غير مختصة للنظر بالجرم المسند للمدعى عليه المذكور، سيما أن جرم الخيانة يستلزم لقيام أركانه أن يكون الفاعل سوريا أو أجنبيا له محل إقامة في سوريا وهذا لم يتوفر في هذه القضية».

وفي حين تنفست عائلة مشيمش الصعداء مع صدور هذا القرار مع اقتراب الإفراج عنه، فإنها تنظر بقلق اليوم إلى مصيره بعد مبادرة النيابة العامة إلى الاستئناف. واعتبر بيان موقع باسم «أصدقاء الشيخ مشيمش» أنه خلال توقيفه «لم يدفع فقط ثمن إخفائه قسريا طيلة أشهر سبقت اعتراف السلطات السورية بوجوده لديها، ولكنه دفع أيضا ثمن إهمال الدولة اللبنانية، عبر حكومتين متعاقبتين، عن متابعة قضية مواطن لبناني موقوف في دولة أجنبية، ودفع أيضا ثمن الافتراءات التي تبرعت بعض الأحزاب وبعض المنابر الإعلامية ببثها وتشييعها».

وشددوا على أن «الاستئناف لا يعدو كونه قرارا سياسيا أمنيا يراد منه تبرير الاستمرار في احتجاز الشيخ عبرة لمن اعتبر من أصحاب الرأي الحر من أبناء الطائفة الشيعية - لا سيما العلماء منهم»، مؤكدين أنه «بعد إلزامهم أنفسهم بالصمت طيلة الفترة السابقة إفساحا في المجال أمام (تسوية بالتراضي) يعود فيها الظالم عن غيه، ويعود معها الشيخ مشيمش إلى عائلته وأصدقائه، لا يرون بعد صدور الاستئناف المذكور من داع للاستمرار في صمتهم».

وأعلنوا أنهم «لن يألوا بعد اليوم جهدا في رفع الصوت، أمام شتى المحافل المحلية والعربية والدولية، مطالبين بالإفراج الفوري عن الشيخ مشيمش من باب اعتبارهم أنه سجين رأي، وأن التمادي في احتجاز حريته انتهاك لأبسط قواعد حقوق الإنسان».