الجزائر مستعدة لبحث تسليم عائلة القذافي إذا توفرت اتفاقات ثنائية تسمح بذلك

النيجر: كل ما أشيع عن دخول العقيد إلى ترابنا كذب > مالي: لجوؤه إلى بلادنا أمر سابق لأوانه > الرباط تنتقد عدم دعوتها لمؤتمر الإرهاب

TT

عبرت الجزائر لأول مرة منذ استضافة أفراد من عائلة العقيد معمر القذافي، عن استعدادها لبحث تسليمهم إلى السلطة الجديدة في ليبيا، وربطت هذا الاحتمال بالاتفاقات الموجودة بين البلدين، لكن المعروف أنه لا يوجد اتفاق قضائي بين الجزائر وطرابلس يتيح غطاء قانونيا لتسليم الأشخاص المطلوبين.

وقال وزير خارجية الجزائر مراد مدلسي إن مسألة تسليم عائلة القذافي للسلطة الجديدة في ليبيا، «ستناقش لاحقا وفي الوقت المناسب». وأوضح أن الموضوع «سيعالج في إطار الاتفاقات بين البلدين في مجال تسليم المطلوبين قضائيا». ومعروف في الأوساط الإعلامية بأنه لا توجد اتفاقية قضائية بين الجزائر وليبيا تسمح بتسليم المطلوبين قضائيا. واتضح ذلك جليا عام 2009، بمناسبة ما عرف بـ«أزمة المساجين الجزائريين في ليبيا»؛ إذ طالب العشرات منهم أن ينقلوا إلى السجون الجزائرية لاستكمال عقوبتهم، وقال مسؤولون من البلدين حينها إن ذلك لن يكون ممكنا قبل توقيع اتفاقية قضائية حول تسليم المطلوبين من القضاء في البلدين.

وكان مدلسي يتحدث أمس بمناسبة افتتاح مؤتمر كبير يناقش قضايا الأمن والتنمية بمنطقة الساحل الأفريقي. وتجري الأشغال، التي تدوم يومين في «نادي الصنوبر» بالضاحية الغربية للعاصمة، بمشاركة وزراء خارجية مالي والنيجر وموريتانيا ووفود من بلدان وتكتلات أجنبية تجمعها شراكة أمنية وعسكرية واستخباراتية واقتصادية مع بلدان الساحل؛ في مقدمتها الاتحاد الأوروبي، الذي مثله منسق جهود محاربة الإرهاب، جيل دي كورشوف، ومستشار رئيس الوزراء البريطاني المكلف محاربة الإرهاب، ومستشار الشؤون الأمنية بالرئاسة الفرنسية، إضافة إلى مشاركة مسؤول القيادة العسكرية الأميركية بأفريقيا «أفريكوم»، وخبراء من الأمم المتحدة ومبعوثين من المانحين التقليدين بالمنطقة، خاصة البنك العالمي والبنك الأفريقي للتنمية، والبنك الإسلامي.

ويبحث الاجتماع أزمات جديدة، تضاف إلى تهديدات الإرهاب والفقر والعزلة والجفاف، مرتبطة بشكل مباشر بالوضع المتفجر في ليبيا، وتتمثل خاصة في التداول المكثف للسلاح الليبي، وحصول التنظيمات الجهادية بالمنطقة على شحنات منه، والعودة المكثفة للعمال الأجانب من ليبيا إلى بلدانهم الأصلية بالساحل، واستفحال خطر المرتزقة وعصابات التهريب على خلفية الأزمة في ليبيا.

وقال عبد القادر مساهل، الوزير الجزائري المنتدب للشؤون الأفريقية والمغاربية، في كلمة الافتتاح، إن «الوقت حان لإعطاء دفع للتعاون بين دول الميدان وشركائها، للقضاء على الإرهاب والجريمة المنظمة». وأوضح أن «المسؤوليات الثقيلة التي تقع على عاتقنا في مجال الأمن، تدفع بلداننا (الساحل) إلى بذل مزيد من الجهد لإقامة تعاون فعال مع شركائنا». وأضاف مساهل: «إننا واعون أن مكافحة التهديدات تستدعي مضاعفة الجهود وتطابق كل الإرادات الحسنة». وتابع: «الشراكة الفعالة والناجعة التي تنتظرها بلداننا، قد تأتي بالإجابات المواتية لحاجياتها في مجال تكوين وتعزيز القدرات وتبادل المعلومات الأمنية». وشدد مساهل على تجفيف منابع الإرهاب، وحرمانه من تعزيز قدراته بأموال الفدية التي تدفع للإرهابيين في مقابل الإفراج عن الرهائن.

وذكر وزير خارجية النيجر، محمد بازوم، للصحافة، أن الأزمة الليبية «ضاعفت من مستوى التهديدات والمخاطر بالمنطقة، التي تعاني أصلا من الإرهاب ومن كل أشكال التهريب العابر للأوطان». ولاحظ الخبراء المشاركون في المؤتمر أن السياحة الصحراوية التي كانت مصدر عيش قطاع واسع من سكان المنطقة، اختفت بسبب استفحال نشاط الإرهاب.

وكشف بازوم أن سلطات النيجر حجزت كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة، و500 كلغ من المتفجرات منذ بداية الأزمة في ليبيا. وقال: «لا نستبعد وجود كميات أكبر من الأسلحة والمتفجرات في بلادنا، وربما حتى صواريخ مضادة للطيران». ووجهت لبازوم أسئلة كثيرة عن حقيقة خبر لجوء القذافي ورموز نظامه إلى النيجر، فقال إن «كل ما أشيع كذب».

وأفاد وزير خارجية مالي سومايلو بوباي مايغا، أن 20 ألف عامل مالي عادوا من ليبيا، أضيفوا إلى مسلحين عادوا بعدما قاتلوا لحساب العقيد القذافي. وحذر من خطورة الأسلحة التي يحملها هؤلاء، مشيرا إلى صعوبة السيطرة عليهم. وسئل مايغا عن احتمال لجوء القذافي إلى مالي، فقال: «هذا أمر سابق لأوانه».

أما وزير خارجية موريتانيا حمادي ولد حمادي، فدعا إلى «وقاية شباب المنطقة الذين يستقطبهم الإرهاب بسهولة».

وبعد انتهاء مداخلات وزراء خارجية بلدان الساحل، استمرت الأشغال في إطار ثلاث ورشات ناقشت الوضع بالمنطقة بكل أبعاده الأمنية والاقتصادية. ويرتقب أن ينتهي المؤتمر اليوم، بإصدار ورقة طريق تحدد السياسات الحكومية الجديدة في مجال الأمن.

يشار إلى أن مساحة منطقة الساحل تفوق 8 ملايين كلم مربع، تشترك فيها الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا، وغالبية سكانها من الطوارق والبدو الرحل، وهي فقيرة من حيث التنمية، ولكنها غنية بالموارد الطبيعية خاصة اليورانيوم. ولأن الحكومات المحلية تعجز عن بسط نفوذها على مساحات شاسعة منها، اتخذت فيها الجماعات الموالية لـ«القاعدة» معاقل، وأصبحت في السنوات الأخيرة مصدر خطر داهم على دول الساحل، وعلى المصالح الغربية.

الى ذلك, عبرت الحكومة المغربية، على لسان الناطق باسمها، الوزير خالد الناصري، عن أسفها الشديد للرؤية القصيرة التي تنظر بها الجزائر للمغرب، وذلك تعليقا على عدم دعوة المغرب للمشاركة في مؤتمر بشأن الإرهاب في المنطقة انطلق في الجزائر أمس، ويضم دولا أفريقية إضافة إلى موريتانيا.

وزاد الناصري قائلا: «إن الجزائر تعتبر موضوع محاربة الإرهاب موضوعها الخاص وإرثا لها، ولا حق للمغرب أن يتعامل مع هذا الموضوع». وأضاف: «إن الإرهاب ظاهرة كارثية تهدد جميع دول المنطقة ونحن مستعدون لحماية أمن وسلامة المغاربة».

من جهة أخرى، تجنب الناصري الخوض في تفاصيل وجود عناصر من جبهة البوليساريو في ليبيا كانت تقاتل إلى جانب كتائب العقيد معمر القذافي، وقال: «لدينا ثقة كاملة في الليبيين»، وأوضح أن الرباط لا تتوفر حتى الآن على معلومات مؤكدة في هذا الجانب.