مسؤول أمني سابق: أمن القذافي عمل لسنوات في مناطق جبلية داخل النيجر وتشاد

مصدر بالمجلس الانتقالي: 90% من أهالي بني وليد يرحبون بالمفاوضات و10% متشددون

وثيقة عثر عليها الثوار في أرشيف مجمع قوات خميس القذافي في ضواحي طرابلس أول من أمس تظهر تفاصيل عقد مع شركة «جنرال ديناميكس»، الذراع البريطانية لشركة دفاع أميركية، وهي من أكبر شركات الدفاع العالمية، لتحسين معدات الاتصالات العسكرية. وظهرت وثائق في الأيام القليلة الماضية تفضح العلاقات الوثيقة التي ربطت الدول الغربية، وخاصة بريطانيا، بنظام القذافي، حتى الأيام الأخيرة قبل بدء الثورة (رويترز)
TT

تحدث مسؤول أمني سابق في نظام العقيد معمر القذافي لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف قائلا إن الاستخبارات الليبية تمكنت في السنوات الأخيرة من حكم القذافي من جمع معلومات ورصد مواقع في المناطق الصحراوية والجبلية داخل دولة النيجر وتشاد. وأضاف أن الأمن الليبي يظل يعمل في تلك المناطق داخل حدود دولتي النيجر وتشاد لعدة سنوات، بما في ذلك عقد روابط متينة مع التجمعات السكنية في تلك المناطق.

وحول هذه المعلومات تحدثت «الشرق الأوسط» مع طبيب ليبي عرف عنه مرافقته لعدة مواكب طبية ليبية داخل الصحراء الشمالية للنيجر. وقال هذا الطبيب، واسمه جمال حريشة، وهو في الوقت الحالي مؤسس لحزب الحرية والعدالة الليبي الجديد: «من بداية الأحداث كان معلوما أن القذافي سوف يتصرف مع الأمور حتى آخر لحظة، ثم ينتقل بعدها إلى صحراء النيجر أو تشاد المحاذية لليبيا من الجنوب». وأضاف حريشة أنه منذ عام 1987 حين بدأ رحلته الأولى مع قافلة ليبية عن طريق البر لمكافحة الجراد في النيجر، فوجئ بأن أعضاء بالقافلة أخذوا يصورون صحراء شمال النيجر.

وأوضح حريشة: «بحكم أنني كنت في ذلك الوقت طبيبا صغير السن وأحب المغامرات، توجهت مع القافلة التي سلكت الطريق البري في اتجاه الصحراء النيجيرية وكانت المهمة المعلنة أنها مساعدات لمكافحة الجراد في الصحراء الشمالية للنيجر، ووصلنا عبر الطرق البرية إلى مدينة أغاديز التي تبعد عن الحدود الليبية الجنوبية نحو 400 كيلومتر، وفي عدة مناطق في الصحراء داخل النيجر بدأ القائمون على القافلة، الذين عرفت أنهم كانوا تابعين لأمن الجماهيرية، يصورون المواقع بالفيديو والصور الفوتوغرافية».

وأضاف حريشة أن للقذافي مواقع وأتباعا في المناطق الصحراوية الشمالية من كل من النيجر وتشاد.. «بطبيعة الحال في الوقت الحالي صعب على النيجر أو تشاد ترك القذافي يمر منها بسهولة لكون القذافي مطلوبا (للمحكمة الجنائية الدولية، والحكام الليبيين الجدد)، ولكن توجد في صحراء شمال النيجر وتشاد حكومات إقليمية وحكام محليون يسيطرون على كل شيء، وكذا يوجد قطاع طرق وأنواع من الناس يمكن شراؤها بالمال».

من جانبه، قال خير الله محمود، القيادي بالمجلس الانتقالي الوطني الليبي لـ«الشرق الأوسط»: إنه حتى الآن لا يمكن لأي شخص داخل ليبيا وخارجها أن يحدد مكان القذافي، مؤكدا أن مكان القذافي سيتم تحديده بعد سقوط أو استسلام مدينة بني وليد. وفيما يتعلق بالمفاوضات التي تجري منذ أيام في مدينة بني وليد الواقعة جنوب شرقي العاصمة الليبية طرابلس، تواصلت أمس المفاوضات بين أعضاء من المجلس الانتقالي ووجهاء قبائل المدينة للوقوف على أمر استسلام المدينة، وأعلنت مصادر قريبة من المفاوضات أنها شهدت في بادئ الأمر قبولا لمقترحات ممثلي المجلس الانتقالي الذين ينتظرون الأمر بدخول البلدة، ونقلت المصادر عن شاهد عيان قوله إن موالين للقذافي هددوا وجهاء القبائل بعد الاجتماع، مما أفسد الأجواء.

وأكد مصدر بالمجلس الانتقالي الليبي لـ«الشرق الأوسط» أن ما يعرقل إتمام المفاوضات على أكمل وجه، هو انقسام أهالي بني وليد فيما بينهم، حيث إن 90 في المائة منهم يرحبون بالمفاوضات «التي ستوفر لهم الأمان»، فيما يعترض 10 في المائة على الاستسلام، قائلا إن هذه النسبة تضم مجموعتين؛ «المجموعة الأولى وهي مغرر بها حيث إن مدينة بني وليد رغم محاصرة الثوار لها من كل الاتجاهات فإن سيطرة أتباع القذافي وإعلامه في المدينة تسببت في عزل سكانها عما يدور في الخارج»، مشيرا أيضا إلى قيام أتباع القذافي بقطع الكهرباء عن المدينة، «لذلك فهم يرون أن الثوار هم مجموعات أجنبية جاءت لاحتلال البلد».

وقال المصدر إن «المجموعة الثانية هي مجموعة من المرتزقة الليبيين الملطخة أيديهم بالدماء وشاركوا مع قوات القذافي في حربه على الكثير من المدن منذ بداية ثورة 17 فبراير (شباط)» ، مشيرا إلى أن جيش الثوار على أتم الاستعداد في حالة رفض المدينة للمفاوضات بعد يوم السبت المقبل، وهي المدة التي حددها المستشار عبد الجليل والتي سيكون بعدها دخول المدينة بالقوة هو الخيار الوحيد للثوار، موضحا أن «الثوار لا يفضلون استخدام الأسلحة للحفاظ على لحمة وحدة القبائل».

وكانت مدينة بني وليد قد تحصنت بمجموعة من المسلحين التابعين لقوات العقيد معمر القذافي الفارين من طرابلس، فيما صرح كمال حديثة المسؤول العسكري للثوار أن الثوار سيتحركون إن هاجمهم الموالون للقذافي في بني وليد أو هاجموا المدنيين، في وقت توقعت فيه مصادر بالمجلس الانتقالي حدوث انتفاضة من داخل بني وليد ضد أتباع القذافي، فيما وصف محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الانتقالي المفاوضات بـ«الفرصة التاريخية» لوجهاء المدينة، مناشدا أهالي المدينة استغلال الفرصة.

وحول الوضع في مدينة سرت مسقط رأس القذافي، أوضحت المصادر عبر الهاتف أن المفاوضات مع بعض وجهاء وأعيان القبائل في منطقة أم القنديل أثمرت اتفاقا يتم بموجبه تسليم الأهالي للأسلحة التي سلمها لهم القذافي وأن يدخلوا طواعية تحت حكم الثوار، فيما رحبت بعض المدن الواقعة على الشريط الحدودي لسرت بتسليم السلاح، لكن الموقف ما زال غامضا بالنسبة لجسم المدينة الرئيسي، وفقا للمصادر في سرت، التي تحدثت في وقت لاحق من أمس عن آخر التطورات بالمدينة.

وأفادت مصادر الثوار لـ«الشرق الأوسط» بأنه اتضح خلال المفاوضات في سرت وجود قوات من المرتزقة الأجانب كانت تقاتل مع كتائب القذافي، وعرضوا على الثوار دخول المدينة بلا أسلحة، إلا أنه قال إن «هذه الفكرة لم يرحب بها الثوار خوفا من الخيانة، التي من الممكن أن تؤدي إلى خسائر عدة في روح الثوار في حال الموافقة على هذا المطلب»، مشيرا إلى أن يوم السبت المقبل هو آخر يوم لهذه المفاوضات وإلا سوف يقتحم الثوار المدينة.

وأذاع التلفزيون الليبي التابع للثوار عبر قناة «ليبيا الأحرار» أن الثوار يطوقون مدينة سرت من كل الاتجاهات، وهناك دوريات على طول الساحل للاستعداد للدخول في حالة رفض الكتائب الاستسلام وقبول المفوضات.

أما عن آخر التطورات في مدينة سبها، فعلق خير الله محمود القيادي بالمجلس الانتقالي بأن مدينة سبها منطقة تخرج من إطار المفاوضات التي دعا إليها المجلس لأنها لا تشكل خطرا على الثوار، «فالقوات في سبها جاهزة لردع أي محاولة لكتائب القذافي حيال تفكيرها في شن هجوم على الثوار»، مؤكدا أن نصف المدينة محرر من الداخل. وأضاف: «سنحت الفرصة للثوار للسيطرة على المدينة ولكن الثوار لم يقوموا بذلك حتى الآن، بناء على تعليمات رئيس المجلس الانتقالي الليبي بإيقاف إطلاق النار والانتظار حتى يوم السبت حتى نرى إلى أين تأخذنا المفاوضات في بني وليد وسرت وسبها»، موضحا أن «الكل يحترم ويقدر كلمة مصطفى عبد الجليل».