اليمن: الحزب الحاكم يقترح رؤية لتطبيق المبادرة الخليجية من دون رحيل صالح

معارض لـ «الشرق الأوسط»: لا حوار إلا بعد رحيل صالح عن الحكم

متظاهرون يمنيون يهتفون ضد الرئيس علي عبد الله صالح في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن، أمس، عن رؤية توصل إليها لتنفيذ المبادرة الخليجية، لكن الرؤية لم تنص صراحة على تنحي الرئيس علي عبد الله صالح عن السلطة بشكل كامل، في وقت اعتبرت فيه مصادر في المعارضة اليمنية ما أعلنه الحزب الحاكم بأنه فشل ذريع ولا يمثل جديدا.

وقالت اللجنة العامة (المكتب السياسي) للحزب الحاكم، في ختام اجتماعات عقدت على مدى يومين، إنه تم التوصل لاتفاق حول مقترحات لتنفيذ المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن، بعد الاجتماعات المتواصلة والخلافات بشأن الموضوع. والاتفاق عبارة عن رؤية من خمس نقاط هي «أن يؤدي الحل الذي سيفضي عن هذا الاتفاق إلى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، وأن يلبي الاتفاق طموحات الشعب اليمني في التغيير والإصلاح، وأن يتم انتقال السلطة بطريقة سلسة وآمنة تجنب اليمن الانزلاق للفوضى والعنف ضمن توافق وطني، وأن تلتزم كل الأطراف بإزالة عناصر التوتر سياسيا وأمنيا، وأن تلتزم كل الأطراف بوقف كل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة من خلال ضمانات وتعهدات تعطى لهذا الغرض».

وربط الحزب الحاكم تنفيذ تلك النقاط بقرار يصدره الرئيس علي عبد الله صالح بتفويض نائبه عبد ربه منصور هادي بـ«الصلاحيات الدستورية اللازمة»، وذلك من أجل «إجراء حوار مع الأطراف الموقعة على المبادرة والاتفاق على آلية مزمنة لتنفيذها ومتابعة التنفيذ برعاية إقليمية ودولية، بما يفضي إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يتفق على موعدها وتضمن انتقالا سلميا للسلطة».

ودعا حزب المؤتمر أحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك» و«وشركاءهم للجلوس في أسرع وقت ممكن على طاولة الحوار مع ممثلي المؤتمر وحلفائه، للاتفاق على آلية تنفيذ المبادرة الخليجية برعاية الإخوة في دول مجلس التعاون الخليجي والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والأمم المتحدة»، وطالبها بـ«الالتزام بأهداف الثورة اليمنية وتأمين تطور آمن للوحدة الوطنية والحفاظ على موازين القوى السياسية والاجتماعية، وإنهاء كل أساس وأثر للانقسام في المؤسسة العسكرية باعتبار الجيش والأمن مؤسسات وطنية لا يمكن ولا يقبل استخدامها للأغراض الحزبية».

وعقدت اللجنة العامة (المكتب السياسي) للحزب الحاكم اجتماعا على مدى يومين بدعوة من الرئيس صالح لصياغة رؤية لآلية لتنفيذ المبادرة الخليجية، وتسربت أنباء عن خلافات كبيرة شابت النقاشات وانقسامات في صفوف الأعضاء، وبحسب المراقبين فإن ما خرج عن الاجتماع لا ينص صراحة على تنحي الرئيس صالح ونقل صلاحياته إلى نائبه ويكرس بقاءه في الحكم حتى إجراء انتخابات رئاسية.

وسخر قيادي بارز في المعارضة اليمنية مما أعلنه الحزب الحاكم ووصفه بـ«الفشل الذريع»، وقال محمد غالب أحمد، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني، لـ«الشرق الأوسط»، إن موقف أحزاب «اللقاء المشترك» واضح، وهو عدم إجراء أي حوار إلا بعد البدء في تطبيق المبادرة الخليجية من خلال تنحي صالح عن الحكم، مؤكدا أن «الجناح المتشدد في المؤتمر الشعبي لا يريد أن يسلم السلطة لنائب الرئيس، وهم لا يسلمونه حتى مجرد نسخة من الاعتمادات للسفراء القادمة من الخارج»، وأعرب المعارض اليمني، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» عن اعتقاده أن ما خرج به الحزب الحاكم من قرارات هو «تجريد كامل لنائب الرئيس من كل الصلاحيات».

وأضاف غالب أن هناك مواقف لدول أوروبية وشقيقة «تعتبر أن ما يحدث الآن هو نوع من تضييع الوقت والاستهزاء»، وقال إن ما يجري في اليمن من قبل من وصفهم بـ«بقايا النظام»، لا يعدو كونه «احتقارا للأوضاع ولجهود الأشقاء والأصدقاء، لأن المبادرة الخليجية آليتها واضحة وتبدأ بنقل السلطة إلى نائب الرئيس ثم استقالة علي عبد الله صالح من السلطة».

إلى ذلك، تتواصل المساعي الغربية من أجل التوصل لحل لما يواجهه اليمن من وضع متأزم، وفي هذا السياق التقى سفيرا المملكة المتحدة وألمانيا وممثل عن السفير الفرنسي في صنعاء وممثل المفوضية الأوروبية، برئيس المجلس الوطني، محمد سالم باسندوة، ووفد عن المجلس. وبحسب مصادر في المجلس فقد اطلع الدبلوماسيون الغربيون على موضوع تشكيل المجلس وتكويناته ومهامه، إضافة إلى بحث «المستجدات الأخيرة على الساحة الوطنية والصعوبات والتحديات التي واجهت مسار العملية السياسية، والتأكيد على استمرار بذل الجهود بما يلبي تطلعات وخيارات الشعب اليمني في ظل تنامي الفعل الثوري وضغط القوى الثورية للتسريع بالحل»، وكذا «الدور المأمول لدول الاتحاد الأوروبي التي ترعى جهودا إقليمية ودولية للمساعدة في معالجة مشاكل اليمن واستقراره». وقد علمت «الشرق الأوسط» أن الدبلوماسيين الغربيين التقوا عقب مباحثاتهم مع وفد «المجلس الوطني»، بعدد من سفراء دول الخليج، ووضعوهم في صورة ما دار في اللقاء من أجل التشاور في سياق الجهود المشتركة لكل الأطراف لإنهاء الوضع الراهن في اليمن.

على صعيد آخر، نجا محافظ محافظة مأرب اليمنية، الشيخ ناجي بن علي الزايدي، من محاولة اغتيال استهدفته في محافظته. وذكرت وزارة الدفاع اليمنية أن مسلحين نصبوا كمينا للمحافظ الزايدي في مديرية بدبدة بمأرب ودارت اشتباكات بين المسلحين وحراسة المحافظ أسفرت عن مقتل أحد مرافقيه وإصابة 4 آخرين بجروح متفاوتة، وبين الجرحى شقيق المحافظ.

واتهمت الوزارة عناصر مسلحة تنتمي لحزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي المعارض بالوقوف وراء محاولة الاغتيال، وقالت إن محاولة الاغتيال تمت مرتين في كمينين مختلفين، وإن أجهزة الأمن تقوم بملاحقة المتهمين.

وقالت مصادر في مأرب لـ«الشرق الأوسط» إن المحافظ الزايدي حاول زيارة منطقة بدبدة في سياق نشاطه الإداري، إلا أن السكان رفضوا دخوله المنطقة باعتباره يمثل نظام الرئيس علي عبد الله صالح، في حين تؤيد قبائل المنطقة الثورة الشبابية المطالبة بالإطاحة بالنظام.