أم «يونس الموريتاني» المعتقل في باكستان: ابني معروف بالجبن وعدم الجرأة ولا يمكنه التورط في أعمال إرهابية

«الشرق الأوسط» تزور قرية «بئر الرحمة» في موريتانيا

TT

ما إن تداولت وسائل الإعلام نبأ اعتقال الأمن الباكستاني يونس الموريتاني في مدينة كويتا الباكستانية، حتى صار محط اهتمام العالم بأسره لمعرفة كل ما يحيط بهذه الشخصية «اللغز»، التي لم تكن معروفة سابقا في المراكز المهتمة بمسار الفكر الجهادي ورجاله، التي لا تخفى عنها دقائق التفاصيل، خاصة من يكون في مرتبة ووزن قيادي مثل يونس، حسب وصف بيان الأمن الباكستاني الذي قال إنه «قيادي كبير».

ولم يكن سكان قرية بئر الرحمة (150 كلم شرق نواكشوط)، التي بنيت في أواخر عقد الثمانينات من القرن الماضي، والنائمة على كثبان رملية موجودة على حافة أطول طريق يربط بين العاصمة نواكشوط والجارة الشرقية مالي، يدركون أن قريتهم التي لا يتجاوز عدد سكانها 2000 نسمة ستكون، في غفلة من الزمن، محجا للإعلاميين، ورجال أمن، وفضوليين، من أجل تقصي أخبار يونس الموريتاني، الذي لم يترك سكان هذه القرية يهنأون بالاطمئنان، من أجل اقتفاء آثار ولدهم، الذي يجمع أهل قريته أنه مر بها ذات يوم للتعلم في مدارسها العتيقة، رغم أنها لم تكن مسقط رأسه.

يونس الموريتاني، حسب الأمن الباكستاني، هو عبد الرحمن ولد محمد الحسين ولد محمد سالم ولد عبد الجليل، المعروف في وسطه الأسري باسم «الحاج». ويعود أصل هذا اللقب إلى أن أمه وضعته، وهي محرمة في الحج، في بداية عقد الثمانينات من القرن الماضي، واستقر في السعودية مع أهله. ويعد الثاني من بين إخوته العشرة من ذكور وإناث. ولما وصل إلى سن السابعة أرسله أهله إلى موريتانيا؛ وتحديدا إلى قرية بئر الرحمة لحفظ القرءان، وتعلم علوم الدين، قبل أن يعود إلى السعودية وينتسب إلى المعاهد الدينية مثل «معهد الحرم لتحفيظ القرآن الكريم»، و«معهد الأرقم» وحصل فيه على شهادة الثانوية.

«الشرق الأوسط» زارت القرية، والتقت بأحد وجهائها ويدعى زكريا ولد أبوه، وهو دركي متقاعد، وتربطه صلة رحم بيونس، فقال إنه لم يعلم باعتقال ابن عمه قبل زيارة «الشرق الأوسط» لبيته، لكنه يعلم أنه كان مؤدبا، كما أنه كان محبوبا لدى الجميع، وأنه لم يكن يبدو عدوانيا تجاه الآخرين.

وأوضح ولد أبوه أنه رغم علاقته الأسرية، فإن ذلك لا يجعله يتعاطف معه إذا كان يهدد الأمن والاستقرار، موضحا أنه سبق له أن أبدى الاستعداد للتعاون مع الأمن الموريتاني في القبض عليه داخل القرية عندما حاصرها الأمن في عام 2006 اعتمادا على معلومات استخباراتية قالت إنه موجود بالقرية، ثم تبين لاحقا عدم دقة المعلومات. وتستعيد عائشة، وهي من بنات القرية، الذكريات عن يونس، وقالت إنه كان نحيفا، ودمث الأخلاق وطيب المعشر.

ويؤكد سالم، أخو يونس الأصغر، أن عبد الرحمن كان خارق الذكاء، ومتبحرا في العلوم الدينية، إضافة إلى علم الكومبيوتر، وقد تولى تدريسه القرآن الكريم، وكان يعيش في وسطه الاجتماعي بصورة طبيعة ولم يمل إلى الانعزال عن الناس بل كان مرحا ويباسط الجميع ويهوى رياضة كرة القدم.

وأكد سالم أنه كان معجبا بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، لكنه استدرك قائلا إنه مثل باقي جيله الذي يبدي دائما الإعجاب بالشخصيات الأسطورية مثل صدام حسين، مما يفسر أن الإعجاب بابن لادن لا يعني الإعجاب بنهجه وسلوكه.

وقالت والدته آمنة بنت محمد أحمد إنها تحسب ولدها في عداد الموتى لعدم سماعها أي خبر يفيد بأنه على قيد الحياة منذ انقطاع أخباره في 2006، مشيرة إلى أنها عند سمعت الخبر في الإعلام، وتعرفت عليه على شاشة التلفزيون حمدت الله على أنه على قيد الحياة. واستغربت بنت محمد أحمد أن يكون ابنها مصدر تهديد، وروت لـ«الشرق الأوسط» حكايات بصوت ضاحك يختلط بالدموع، وقالت إن ولدها معروف عنه عدم الجرأة، ويصل في بعض الأحيان إلى درجة الجبن، في إشارة إلى استبعادها أن يكون متورطا في أعمال إرهابية.

وطلبت أم يونس من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان أن تبذل جهودها كافة من أجل إطلاق سراح ولدها إذا كان بريئا، أو نقله إلى موريتانيا إذا كان مذنبا من أجل أن يكون بجانبها، وحتى تتمكن من رؤيته بعد فراق دام طويلا.