الشرطة التونسية تنتظر اعتذار السبسي عن وصف بعض أفرادها بـ«القردة»

الأمين العام لنقابة قوات الأمن الداخلي: الحكومة الحالية يسيرها الجيش ولم تعط فرصة للكوادر الأمنية

TT

أثار مضمون خطاب الوزير الأول في الحكومة الانتقالية الباجي قائد السبسي بخصوص طلبه توقيف أي عمل نقابي لقوات الأمن وحل نقابتهم، ردود فعل قوية من قبل أعوان الأمن يوم أول من أمس بساحة الحكومة بالقصبة. حسب وكالة تونس أفريقيا للأنباء.

وطالب المشاركون في الوقفة الاحتجاجية السبسي بمعاملة أعوان الأمن «معاملة حضارية» وبإعادة الاعتبار لعون الأمن وتحسين وضعيته الاجتماعية، رافضين حل نقاباتهم التي بعثت للدفاع عن حقوقهم ومطالبين بإقالة وزير الداخلية وإطلاق سراح أعوان الأمن الموقوفين على خلفية الأحداث التي شهدتها مدينة الوردانين خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي.

وكانت موجة من الاحتجاجات قد رافقت نهاية السبسي الذي وصف قلة قليلة من أعوان الأمن بـ«القردة» وهو ما أثار موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات في صفوف قوات الأمن الداخلي. وكانت تلك القوات قد طالبت منذ مدة بفتح ملفات الفساد داخل وزارة الداخلية ومحاسبة المتورطين. واتهمت الحكومة بالإبقاء على بعض رموز الفساد والمنتمين لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل. كما احتجت قوات الأمن الداخلي على تعيين آمر جديد للحرس الوطني واتهموه بالفساد وتبديد المال العام وطالبوا الحكومة بإقالته ثم هاجموا مقره وأخرجوه من مكتبه بالقوة. وحول مسألة إيقاف عناصر من قوات الأمن قدرتها بعض الأطراف بنحو 255 عنصرا، قال عبد الحميد الجراية الأمين العام لنقابة قوات الأمن الداخلي لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يتم وقف أي عنصر من تلك العناصر التي انتفضت على تعيين أمر للحرس الوطني ينتمي لقوات الجيش وانتقد الجراية بهذه المناسبة تدخل الحكومة المؤقتة لإعادة النظام في صفوف الحرس الوطني، واعتبر أن تحركها جاء متأخرا وأنها لم تول الموضوع أهمية إلا عندما تعرض آمر الحرس الوطني للإصابة من قبل مجموعة محتجة على تعيينه.

وقال الجراية إن مختلف أصناف أعوان الأمن تدخل بداية من يوم أمس اعتصاما مفتوحا بالقرب من وزارة الداخلية وسط العاصمة إلى حين تقديم السبسي اعتذارا رسميا عما سماه «التصريح القاسي» بشأن أعوان الأمن. وأضاف الجراية أن أعوان قوات الأمن الداخلي يطالبون الحكومة بالتراجع عن الإجراءات المتخذة ضد نقابتهم وقال إنهم ينشطون في إطار قانوني بموجب مرسوم صادر عن رئيس الجمهورية ووفق تأشيرة نشاط صدرت بصحيفة «الرائد» الرسمية.

وحول ظاهرة الانفلات الأمني التي عرفتها مناطق عديدة من تونس واتهام أعوان الأمن بالتراخي في تطبيق القوانين، قال الجراية إن الأعوان ملتزمون في كل الحالات بأداء واجبهم المهني وحماية تونس وأهلها وإن تلك المهمة لن يتم التخلي عنها مهما كانت الأسباب. وتطرق من ناحية أخرى إلى التهديد الذي رافق احتجاجات أعوان الأمن والداعي إلى إخلاء مواقعهم، في رد فعل مباشر عما ورد في خطاب الوزير الأول الأخير، وقال الجراية إن نقابة قوات الأمن الداخلي لن تقر قط إخلاء المواقع الأمنية ولن تتخذ أي إجراء يعيق عمل المنظومة الأمنية واعتبر أمن البلاد واستقرار شعبها «أمانة في رقاب تلك القوات» على حد تعبيره.

ومن ناحية أخرى قال الأمين العام لنقابة قوات الأمن الداخلي إن الحكومة التونسية الحالية يسيرها الجيش وكل قياداتها على حسب تعبيره من قوات الجيش في حين لم تعط نفس الفرصة لكوادر الأمن بمختلف أصنافهم ورتبهم.

كما عبر الجراية عن امتعاضه من التلويح بالتطبيق الصارم لقانون الطوارئ الذي يرجع إلى سنة 1978 وقال إن الحديث عن هذا القانون في هذا الظرف بالذات وقبل نحو 46 يوما من إجراء انتخابات المجلس التأسيسي يثير أكثر من تساؤل وأكثر من نقطة استفهام. وصرح لـ«الشرق الأوسط» بأن قوات الأمن طالبت باللجوء إلى هذا القانون منذ يومي 12 و13 يناير الماضي وطالبت بتفعيله للحد من ضغط الشارع التونسي على قوات الأمن ومقراتها ولكن الأمر لم يؤخذ بالجدية الكافية.

وفي سياق آخر قررت الحكومة الانتقالية التطبيق الكلي لقانون الطوارئ الجاري به العمل منذ ثورة 14 يناير. وجاء هذا القرار الذي أعلنه الوزير الأول.

ويحظر قانون الطوارئ الاجتماعات التي من شأنها الإخلال بالأمن الوطني ويمنح صلاحيات واسعة لوزير الداخلية من أهمها وضع كل شخص يقوم بنشاط يشكل خطورة على الأمن والنظام العامين تحت الإقامة الجبرية.

كما يمكن وزير الداخلية والولاة من صلاحيات تفتيش المحلات ليلا ونهارا ومراقبة الصحافة وكل أنواع المنشورات وكذلك البث الإذاعي ونشاطات أخرى دون رقابة أو إذن قضائي. ويشار إلى أن حالة الطوارئ لا تمدد إلا مرة واحدة من خلال إصدار «أمر إذن» يضبط المدة النهائية، فبعد أن سبق للسلطات الانتقالية أن مددت في حالة الطوارئ بالأمر عدد 185 لسنة 2011 بداية من شهر فبراير (شباط) إلى غاية 31 يوليو (تموز) الماضي، قام رئيس الجمهورية المؤقت فؤاد المبزع بإصدار مرسوم جديد يفرض فيه حالة الطوارئ على كامل تراب الجمهورية بتاريخ 21 يوليو 2011.