«العدالة والتنمية» الإسلامي المغربي ينتقد نفسه والآخرين.. ويتحدث عن «حملة تشهير» ضده

قال إنها تستهدف التخويف منه.. وحمل قوى مضادة للإصلاحات مسؤولية الوقوف وراءها

TT

وصف حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي المعارض، تصريحات بعض قيادييه حول التشكيك في نتائج الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها في المغرب يوم 25 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بأنها مبالغ فيها، إلا أنه أصر على أن الحزب يتعرض لـ«حملة منسقة للتشهير به والتخويف منه».

وتقول تكهنات يتعذر التأكد من صدقيتها، باحتمال أن يحتل حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى داخل مجلس النواب المقبل، لكن هذه التكهنات تشير كذلك إلى احتمال أن يتبوأ حزبا الاستقلال أو الاتحاد الاشتراكي الذي دخل في تحالف يساري موسع، المرتبة الأولى، وعادة لا تجري استطلاعات لمعرفة توجهات الناخبين في المغرب قبل الاستحقاقات التشريعية. إلى ذلك، رد بيان شديد اللهجة أصدرته الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، على بيان سابق للحكومة انتقد مواقف الحزب من الانتخابات والتشكيك المسبق في نزاهتها ومصداقيتها، وهو ما يقدم خدمة «لأعداء الوطن والديمقراطية والانفتاح».

وكان قياديون في الحزب قد أدلوا بتصريحات مثيرة مع بدء التحضير للانتخابات، لا تخلو من نبرة تهديد وتشكيك، من بينها ما قاله مصطفى الرميد من أن «حكومة من دون مشاركة العدالة والتنمية ستكرس الأزمة التي تعيشها البلاد»، كما هدد الحسن الداودي، نائب الأمين العام للحزب، بالقول إنه إذا فاز حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، الخصم الرئيسي للحزب، بالمرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة، فسينضم الحزب إلى حركة الاحتجاج في الشارع التي تقودها حركة 20 فبراير.

وكان خالد الناصري، وزير الإعلام الناطق باسم الحكومة، قد انتقد بدوره «العدالة والتنمية»، ونفى، في حديث أدلى به لـ«الشرق الأوسط» مؤخرا، استهدافه دون غيره من الأحزاب، وقال إنه يمارس نوعا من الابتزاز السياسي بتقديم نفسه كضحية في العملية الانتخابية، والترويج بأن الدولة بصدد الإعداد لعملية تزوير واسعة للانتخابات المقبلة، وهو أمر غير صحيح.

وقال حزب العدالة والتنمية إن من اعتبرها قوى مضادة للإصلاح، «عادت إلى ممارساتها القديمة ومناوراتها، التي كادت أن تؤدي إلى فتح آفاق البلاد على المجهول، ومن تلك المناورات إصدار ذلك البيان البئيس الذي يتهم المعارضة بخدمة أعداء الوطن والديمقراطية والانفتاح، لمجرد أن بعض التصريحات شككت في ضمانات نزاهة الانتخابات المقبلة، أو أن عضوا عبر عن رأيه في نتائج حزبه المرتقبة وآثار ذلك على المجتمع، وعلى الرغم من ما يمكن أن يلاحظ على بعض التصريحات من مبالغات»، فإن الأمور، يقول البيان، «يجب أن تقدر بقدرها، أما الحملة المنسقة للتشهير والتخويف المقصود بها حزب العدالة والتنمية، فلن تجدي نفعا، وقد تعود منذ زمان على مثل هذه البيانات، والمنسوب بعضها إلى غير أصحابها، الذين لا يجرؤون على تحمل مسؤولية ما يقولون وما يفعلون إلى أن تمر العواصف». وأشار الحزب إلى أنه «لا يخفى على أحد اليوم أن مرحلة ما قبل ما يسمى بالربيع العربي، وعلى الأقل منذ 16 مايو (أيار) 2003، تميزت بتحكم الإدارة في الحياة السياسية عامة، والاستهداف المباشر للعدالة والتنمية خصوصا، وذلك بطريقة مكشوفة تفوح اليوم رائحتها من وثائق (ويكيليكس) وغيرها».

ونبه الحزب إلى أن «رياح الربيع العربي» كانت ستعصف بالمغرب إلى ما لا تحمد عقباه، «لولا أن الله ألهم الملك محمد السادس خطاب التاسع من مارس (آذار) كمبادرة شجاعة واستباقية، وكان في ذلك مسنودا بالقوى الشعبية الفاعلة التي قامت بواجبها في الحفاظ على استقرار المغرب». وأضاف البيان أن «الدستور الجديد كان منتظرا أن يدخل المغرب مرحلة جديدة، يرجع فيها الرأي والأهمية إلى الشعب وممثليه، ونقطع بها مع منطق التحكم ورموزه الذين أحسنوا الاختفاء في هذه المرحلة المضطربة، كما كان من الممكن أن نجعل من مرحلة الاستعداد للانتخابات والقوانين المنظمة لها فرصة لاسترجاع ثقة المواطنين وحماسهم للشأن السياسي، في أجواء الدستور المتقدم الذي أصبحوا يتوفرون عليه، وتكون بذلك الانتخابات المقبلة عرسا ديمقراطيا يؤكد المغرب من خلاله خصوصيته، ويفتح لنفسه إلى المستقبل آفاقا مطمئنة تجعله محصنا ضد أي اضطراب مستقبلي يمس الدول المجاورة، لكن هذه الآمال لم تأخذ بعين الاعتبار القوى المضادة للإصلاح، التي تربصت لمرور ما تعتبره عاصفة عابرة لتعود إلى ممارساتها القديمة»، حسب تعبير البيان.

وتعهد الحزب «بالاستمرار في بذل الجهد لإنجاز الإصلاح في إطار الاستقرار، إذ لا استقرار من دون إصلاح، وأعلن أنه لن يتراجع عن قناعاته ومواقفه، وكما تحمل مسؤوليته في عدم تأجيج الشارع بالأمس القريب، فسوف يتحمل مسؤوليته اليوم كاملة، مهما كلفه ذلك، في الوقوف في وجه قوى التحكم المضادة للإصلاح، التي لا تريد أن تتغير الأحوال نحو الأفضل، لعدم استعدادها للتنازل عن مصالحها وامتيازاتها غير المشروعة».