اتفاق مبدئي على «برنامج إعانة وتدريب» قد يبقي قوات أميركية في العراق بعد 2011

ضغوط سياسية في بغداد.. وواشنطن تحدد طبيعة الاتفاق العسكري

TT

على الرغم من الحرص الأميركي والعراقي على عدم الإعلان رسميا عن إبقاء قوات أميركية في العراق بعد نهاية عام 2011، فإنه بات من المرجح أن تبقى مجموعة من تلك القوات في العراق خلال المرحلة المقبلة. المسألة الآن هي طبيعة بقاء تلك القوات والآلية القانونية التي ستحدد بقاءها في البلاد.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الحكومة العراقية قد أبدت رغبتها مبدئيا في «برنامج إعانة وتدريب» للقوات العراقية بعد انتهاء عام 2011، وهو موعد انتهاء صلاحية «اتفاق وضع القوات الأميركية» في العراق، الذي يحدد انتشار القوات الأميركية في البلاد حاليا. وفي حين أن هناك اتفاقا على مبدأ «برنامج إعانة وتدريب» عسكري بين البلدين، فإن الضغوط السياسية على الحكومتين الأميركية والعراقية هي التي تحدد طبيعة ذلك البرنامج والاتفاقية الممكنة بين البلدين.

وبعد أن نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» خبرا عن دعم وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا مقترح إبقاء 3 إلى 4 آلاف جندي في العراق، سارعت الإدارة الأميركية إلى نفي التوصل إلى اتفاق نهائي حول بقاء القوات أساسا، ناهيك بعددها. وقال الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني: «نحن نقوم بمفاوضات ومشاورات مع الحكومة العراقية حول طبيعة علاقتنا مع العراق في المضي قدما، نحن نريد علاقة طبيعية وبناءة وصحية مع العراق». وأضاف: «لقد قلنا في الماضي في حال طلبت الحكومة العراقية جزءا أمنيا من هذه العلاقة، سنفكر بذلك، ولكنهم لم يقوموا بالطلب بعد، ولم يتم اتخاذ قرار بعد». وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية لم تتقدم بطلب رسمي بعد بإبقاء عدد من القوات الأميركية، فإن المفاوضات بدأت بين الطرفين حول طبيعة بقاء أية قوات إضافية. وفي حين كان العدد المتوقع خلال الأشهر الماضية أقرب إلى 10 آلاف، بات من المرجح الآن أن ينخفض هذا العدد إلى نحو 3 أو 4 آلاف، مع الضغوط السياسية في بغداد وواشنطن لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق.

يذكر أن الرئيس الأميركي باراك أوباما كان قد تعهد خلال حملته الانتخابية للوصول إلى الرئاسة بـ«إنهاء الحرب في العراق» وسحب القوات الأميركية من هناك، وهو تعهد يريد الالتزام به كجزء أساسي من حملته الانتخابية خلال عام 2012. وقال كارني أمس: «الرئيس (أوباما) أوضح منذ زمن بأنه سينهي، وقد أنهى جهودنا القتالية في العراق بشكل مسؤول. منذ توليه الرئاسة، عملنا على جدول زمني لسحب أكثر من 100 ألف جندي أميركي بشكل حذر ومسؤول». وأضاف: «سنتخذ قرارات بناء على ما هو الأفضل للولايات المتحدة ومصالحنا الأمنية الوطنية ولما هو أفضل لأكثر علاقة متكافئة مع العراق مستقبلا».

وهناك وعي أميركي بالضغوط على حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حول الظهور بأنها تريد إبقاء قوات أميركية بعد عام 2011. ولذلك هناك مشاورات بين العراقيين والأميركيين حاليا حول إمكانية التوصل إلى اتفاق حول إبقاء أية قوات إضافية تحت بند من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي» الموقعة بين البلدين منذ عام 2009 حول العلاقات الاستراتيجية بينهما. وفي حال وضعت البنود القانونية الكافية لمنح القوات الأميركية حصانة في العراق، وتم الاتفاق على وضع البرنامج في إطار «التعاون الاستراتيجي»، فإن ذلك قد يتيح فرصة للسياسيين في واشنطن وبغداد لإبقاء القوات من دون توقيع اتفاقية جديدة تثير ضجة إعلامية وسياسية في البلدين. وتنص «اتفاقية الإطار الاستراتيجي» على التزام الولايات المتحدة «بدعم ومساعدة» العراق في الجوانب الأمنية، وتؤكد إدارة أوباما أنها حريصة على الالتزام ببنود تلك الاتفاقية. ولم يتم حسم الأمر بين البلدين حول ذلك، ولكن بات من المؤكد أنه لن يتم تمديد «اتفاقية وضع القوات الأميركية» (المعروفة بـ«السوفا») وأنها ستنتهي مثلما هو منصوص عليه في الاتفاقية يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية مطلع على الملف العراقي إنه «سيكون من الخطأ التفكير في أن قرارات قد اتخذت». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه «في كل الأحوال ستلتزم الولايات المتحدة بالاتفاق الذي توصلت إليه الإدارة الأميركية السابقة»، أي إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش التي وقعت اتفاقية الإطار الاستراتيجي واتفاقية وضع القوات الأميركية.

واعتبرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن اقتراح بقاء قوات أميركية إضافية بعد نهاية عام 2011 «يمثل خرقا لتعهد الرئيس الأميركي بسحب كل القوات الأميركية من العراق بالموعد المحدد». ولكن في الوقت نفسه، فإن مقترح بانيتا بإبقاء 3 إلى 4 آلاف جندي في العراق يمثل تقليصا للعدد الذي اقترحه قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال لويد أوستن، الذي يتراوح بين 14 و18 ألف جندي. وفي حين يريد البيت الأبيض إخراج جميع القوات الأميركية من العراق، فإن هناك قلقا من القيادة العسكرية الأميركية من سحب كل القوات الأميركية من العراق، خاصة أن القيادات العسكرية الأميركية لا تعتقد أن العراق قادر على تولي المسؤوليات الأمنية كافة، خاصة حماية حدود البلاد.

وبالإضافة إلى العامل السياسي، هناك العامل التقني حول احتياجات القوات العراقية. وما زال المسؤولون الأميركيون والعراقيون يبحثون الجانب التقني من ذلك، مما يشمل صفقة لشراء طائرات من طراز «إف 16» وشراء أسلحة وأجهزة عسكرية أميركية. يذكر أنه عادة ما تشمل صفقات الأسلحة الأميركية بنود تدريب قوات الدول المشترية لتلك الأسلحة والمعدات، وذلك ينخرط في إطار التعاون العسكري التقليدي بين البلدين.