عريقات لـ«الشرق الأوسط»: الخلافات قوية بين موقفنا والموقف الأميركي.. ولا تغيير في مسعانا

عقب لقاء أبو مازن مع هيل وبلير ومكالمة هاتفية مع كلينتون

جانب من مظاهرة ضد استقبال أبو مازن لمبعوث السلام الأميركي ديفيد هيل في رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

قبل نحو أسبوعين من تقديم الفلسطينيين طلب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة لدولتهم المتوقع أن تستخدم واشنطن حق النقض (الفيتو) ضده في مجلس الأمن الدولي، تكثف الإدارة الأميركية من ضغوطها في محاولة أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وثني الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) عن السير في هذا الدرب الذي قد يعزز صورتها المشوهة في المنطقة، خصوصا في ظل التطورات في المنطقة العربية. غير أن الجانب الفلسطيني يؤكد أن لا تغيير في الموقف الفلسطيني في هذه المسألة، والاستعدادات تسير على قدم وساق.

وتمثلت الجهود الأميركية مؤخرا باتصال هاتفي مطول أجرته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون مع أبو مازن عشية لقائه المقرر مع القائم بأعمال مبعوث السلام الأميركي الخاص ديفيد هيل ومسؤول ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي دنيس روس.

وتواصل أيضا التحرك الدولي والأوروبي في هذا الصدد من أجل إيجاد مخرج للازمة القائمة جراء تمسك الجانب الفلسطيني بالتوجه للأمم المتحدة طلبا للاعتراف كأحد استحقاقات سبتمبر في مواجهة التعنت الإسرائيلي في موضوع الاستيطان، ولا سيما في القدس الشرقية المحتلة. فقد استقبل أبو مازن توني بلير مبعوث اللجنة الرباعية الدولية في مقر الرئاسة في رام الله، كما استقبل ايف لوتيرم رئيس الوزراء البلجيكي. وكذلك لقاؤه المرتقب مع وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين أشتون.

في غضون ذلك تظاهر فلسطينيون في رام الله أمس ضد استقبال أبو مازن للمبعوثين الأميركيين، وندد المتظاهرون بالسياسة الأميركية المنحازة إلى إسرائيل.

وقال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس تحدث إلى كلينتون مساء يوم الاثنين الماضي والتقى مبعوث الرباعية الليلة قبل الماضية وديفيد هيل أمس، وتركزت كل هذه اللقاء والاتصالات حول قضية واحدة وهي محاولة إقناع أبو مازن بعدم جدوى خيار الأمم المتحدة. وأضاف عريقات أن كلينتون تمنت على أبو مازن أن يستمع إلى ما سيقوله له بلير وهيل.

وقال عريقات الذي حضر الاجتماعين بين أبو مازن وبلير وهيل وروس وكان حاضرا خلال محادثة كلينتون إن خلاصة كل ذلك هي «القول لنا لا تذهبوا إلى الأمم المتحدة.. لأن الأمم المتحدة ليست خيارا ولا مجلس الأمن ولا الجمعية العامة كذلك، وإن الدولة الفلسطينية ستتحقق عبر المفاوضات، مؤكدين تقديرهم لحالة الإحباط التي نعيشها».

وحسب عريقات فإن توني بلير قال إنه يعد بيانا باسم اللجنة الرباعية، انطلاقا مما ورد في خطاب الرئيس باراك أوباما في 19 مايو (أيار) الماضي، يكون أساسا للمفاوضات. وكان رد أبو مازن عليهم الثلاثة كما قال عريقات هو: «إذا كنتم تؤيدون خيار الدولتين فكان الأولى بكم أن تؤيدوا المسعى الفلسطيني للذهاب إلى الأمم المتحدة طلبا للعضوية الكاملة، لأن مسعانا هو لتثبيت خيار الدولتين وتعزيز هذا الخيار والحفاظ على عملية السلام أمام حكومة إسرائيل التي اختارت الإملاءات والمستوطنات والاقتحامات لفرض الحقائق على الأرض وتدمير عملية السلام».

وقال عريقات: «هذا هو باختصار ما تم، وهو يؤكد وجود خلافات قوية بين الجانبين.. فنحن نعتقد أن الذهاب إلى الأمم المتحدة هو حق لنا ويثبت عملية السلام ويثبت مبدأ الدولتين على حدود 1967.. وهم يقولون إن هذا ليس خيارا ولن يكون خيارا». وأكد عريقات أن الموقف الفلسطيني في موضوع الذهاب للأمم المتحدة ثابت ولا تغيير فيه.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن كلينتون طلبت من أبو مازن «مواصلة العمل المضني معنا لتفادي سيناريو سلبي في نيويورك نهاية الشهر»، ودعته للاستماع إلى المبعوث الأميركي الذي التقاه أمس «بروح منفتحة».

وكشفت نولاند الليلة قبل الماضية عن الحملة الدبلوماسية الكبيرة التي أطلقتها إدارة الرئيس باراك أوباما، لدى شركائها لثنيهم عن دعم التوجه الفلسطيني. وقالت: «نتحدث مع عينة من الدول أكبر بكثير مما نفعله عادة في ما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط. وقد يكون على عدد من هؤلاء ممن لا يتخذون قرارات في هذا الشأن في العادة أن يقوموا بذلك في الجمعية العامة».

وقالت: «سنعمل إلى حين موعد الجمعية العامة إذا كان ذلك ضروريا لإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات» المتوقفة منذ قرابة عام. وأضافت: «هدفنا هو التزام الأطراف في العودة إلى الطاولة قبل أن نصل إلى الجمعية العامة».

وجدد المتحدث باسم البيت الأبيض غاي كارني كلامه عن التوجه الفلسطيني نحو الأمم المتحدة، معتبرا إياه «غير منتج ولا نافع ولا يقرب البتة الفلسطينيين من إقامة دولة». والتقى أبو مازن يوم الاثنين الماضي رئيس الوزراء البلجيكي الذي صرح قبل الاجتماع أنه سيبحث مع أبو مازن مشروع القرار الفلسطيني لمجلس الأمن الدولي الذي سيقوم أبو مازن شخصيا بتسليمه إلى الأمين العام للأمم المتحد بان كي مون في 20 سبتمبر (أيلول)، الذي سيقوم بدوره برفعه إلى مجلس الأمن الدولي للبت فيه. وقال لوتيرم إن نسخة من مشروع القرار سترسل إلى وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون قبل تسليمها رسميا إلى مون. وفي رام الله شارك عشرات الفلسطينيين في اعتصام وسط المدينة ضد زيارة هيل، نظمه حزب الشعب المشارك في السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، الذي يدعو إلى «رفض كل التهديدات التي تتعرض لها القيادة الفلسطينية للتراجع عن قرارها بالتوجه إلى الأمم المتحدة».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن عضو اللجنة المركزية للحزب عصام بكر القول: «هناك ضغوطات تمارس على القيادة الفلسطينية لحثها على التراجع عن قرارها بالتوجه إلى الأمم المتحدة، ونظمنا هذا الاعتصام اليوم ضد زيارة الوفد الأميركي اليوم إلى رام الله».