السوريون يتظاهرون اليوم في «جمعة الحماية الدولية».. ويطلبون إرسال مراقبين في مجال حقوق الإنسان

ناشطون يرفضون أي مبادرة للحل لا تتضمن «رحيل» ومحاكمة رموز النظام

قصف مدفعي في أحياء حمص أمس في صورة مأخوذة من موقع أوغاريت
TT

تتحرك المعارضة السورية، اليوم، تحت عنوان «جمعة الحماية الدولية»، مطالبة الهيئات الدولية والعربية بالتحرك من أجل «حماية المدنيين» بعد قرابة ستة أشهر من المظاهرات شبه اليومية، التي بدأت مطالبة بإطلاق الحريات وتحقيق إصلاحات وصولا إلى المطالبة بإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وناشدت هيئة سرية للمعارضة السورية المجتمع الدولي إرسال مراقبين في مجال حقوق الإنسان للمساعدة في وقف الهجمات العسكرية على المدنيين في إطار حملة دامية ضد الاحتجاجات الشعبية في البلاد. وقالت الهيئة العامة للثورة السورية وهي كتلة تضم عدة مجموعات للنشطاء السوريين إن زيادة عدد القتلى بين المتظاهرين في الآونة الأخيرة ومنذ بدء الاحتجاجات، أقنعت العديد من السوريين بالحاجة إلى طلب مساعدة من الخارج.

وقال المتحدث أحمد الخطيب لـ«رويترز» إن الدعوة لتدخل خارجي قضية حساسة قد يستخدمها النظام لاتهام معارضيه بالخيانة، وأضاف أن المعارضين السوريين يطالبون بإرسال مراقبين دوليين كخطوة أولى.

وأوضح أنه إذا رفض النظام فإنه سيفتح الباب أمام تحركات أخرى مثل فرض منطقة حظر طيران أو حظر استخدام الدبابات.

ويردد المتظاهرون السوريون هتافات يطالبون فيها بالحماية الدولية لكن لم تظهر بادرة في الغرب تشير إلى رغبته في تكرار الغارات التي يشنها حلف شمال الأطلسي في ليبيا والتي لعبت دورا أساسيا في سقوط معمر القذافي.

ولم تقترح أي دولة هذا النوع من التدخل في سوريا مثل صدور تفويض من الأمم المتحدة لحماية المدنيين.

وبعكس ليبيا فإن سوريا تتقاطع مع خيوط الصراع في الشرق الأوسط لأن لها حلفاء أقوياء مثل إيران ولها نفوذ في لبنان والعراق.

وقالت الهيئة العامة للثورة السورية في بيان «قامت ثورتنا المجيدة بإرادة شعبنا البطل لنيل حريته وكرامته والتي تميزت بنبذ كل أنواع العنف واعتماد مبدأ التظاهر السلمي الحضاري والتأكيد على الوحدة الوطنية إلا أن النظام المستبد قابل هذا بالقتل والقمع والاعتقال والتهجير وارتكاب المجازر حتى وصل عدد الشهداء إلى أكثر من 3000 شهيد وتجاوز عدد المعتقلين عشرات الآلاف إضافة إلى آلاف المفقودين وآلاف المهجرين من جميع أرجاء سوريا».

وأضاف البيان «لقد عصف هذا النظام بكل الأعراف والمواثيق المحلية والإقليمية والدولية في طريقة قمعه الوحشية للمدنيين العزل.. واستخدام الأسلحة الثقيلة في عمليات القمع والقتل». وتابع أن هذا الوضع خلق حاجة ملحة لأن يتخذ المجتمع الدولي «كل الإجراءات التي من شأنها فرض حماية للمدنيين وفق ما نصت عليه قوانين ومواثيق الأمم المتحدة ذات الصلة». وقال البيان «مع أننا لا نسعى للتدخل العسكري العربي أو الدولي على الأراضي السورية ونرفض الوصاية من أي طرف كان لكننا نحمل النظام المسؤولية المباشرة لأي تدخل قد يحصل بسبب تعنته وإصراره على القتل بدم بارد».

وتأتي مناشدة الناشطين السوريين المجتمع الدولي بحماية المدنيين، بعد إحصاء سقوط 3200 قتيل، وفق صفحة «الثورة السورية» على موقع «فيس بوك»، واعتقال أكثر من خمسين ألف شخص، لا يزال نحو عشرين ألفا منهم معتقلا، فضلا عن آلاف الجرحى وآلاف المشردين واللاجئين في الدول المجاورة. وهي ترافقت مع تذكير الناشطين بأن «سوريا عضو مؤسس في منظمة الأمم المتحدة، وعضو مؤسس في جامعة الدول العربية، وشاركت في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبالتالي فمن حق شعبها اليوم أن يتدخل المجتمع الدولي لوقف المجزرة».

ويحمل الناشطون على ظهور «المجتمع الدولي وكأنه فقد فجأة كل أدوات ضغطه»، تعليقا على «قبول العالم في عام 2011، عندما تختار السلطة أن تمارس جرائمها الوحشية بالصورة التي نراها، ألا يُسمح لوسائل الإعلام بالوجود والتحرك بحرية بين المدن لمدة ستة أشهر»، مشددين وفق ما أوردته صفحة «الثورة السورية» على أنه «من حق السوريين أن توجد معهم وسائل الإعلام، ليشاهد العالم ما يجري، وعلى الأمم المتحدة ودول العالم أن تضغط بشكل حقيقي للسماح لوسائل الإعلام بالدخول إلى كل مدينة وقرية دون مرافقة».

وتتزامن مخاطبة المعارضة السورية للمجتمع الدولي بعد يومين من تسريب مضمون مبادرة عربية كان من المقرر أن يحملها الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إلى دمشق، ولاقت رفضا أوليا من الكثير من أطياف المعارضة فيما يتعلق باقتراحها بقاء الأسد على سدة الرئاسة حتى انتخابات عام 2014. وفي هذا الإطار، وصف القائمون على صفحة «الثورة السورية» النص الذي سرب لحل «الأزمة السورية»، بـ«المرفوض بالكلية». وأفادوا بأنه «سواء أكان النص المسرب صحيحا أم لا، فينبغي أن نسجل أن من يقبل به، إنما يقبل ببيع دماء الشهداء، ومشارك في خيانة الثورة»، مشددين على أن «أي حل لا يتضمن رحيل بشار، هو حل تآمري، بغض النظر عمن يتبناه أو يسوقه». وأكدوا: «إننا لم ندفع هذا الثمن من أجل تغيير قانون الانتخابات، ولا من أجل تعديل نظام المجالس المحلية».

وأعرب المكتب السياسي للمجلس الأعلى لقيادة الثورة السورية عن حزنه «لتباطؤ الموقف العربي والإقليمي والدولي تجاه ما يتعرض إليه (الشعب) من هجمة وحشية لا إنسانية من قبل نظام بشار الأسد»، مبديا ترحيبه «بأي مبادرة أي كان مصدرها شرط أن تستجيب إلى مطالبه وطموحاته، وقبل كل شيء أن تقدر تضحياته التي ما فتئ يقدمها دون تردد أو تقهقر». وشدد على أن الشعب السوري «لن يكترث بأية مبادرات ما دامت أدنى من مطالبه المشروعة والمتمثلة بإسقاط النظام ومحاكمة رموزه»، معتبرا أنه «سواء تم تأجيل زيارة العربي أم تم إلغاؤها، فإن المقترحات التي كان من المفترض أن يقدمها لحل الأزمة في سوريا لم تكن بمستوى المعاناة والآلام التي يعانيها الشعب السوري، بل كانت لتزيد من تعقيد الوضع وإطالة أمده».

وفي سياق متصل، أكدت لجان التنسيق المحلية في سوريا أن «الشعب السوري الذي دفع آلاف الضحايا والمعذبين لن يقبل بمعالجات شكلية تبقي بشار الأسد وأجهزة المخابرات وفرق الموت تتحكم بحياته». ودعا جامعة الدول العربية والشعوب العربية إلى أن «تقف إلى جانبه في كفاحه العادل، والتوقف عن إعطاء هذا النظام القاتل الفرصة تلو الأخرى».

ورأت في المبادرة العربية «أساسا طيبا يمكن البناء عليه لمعالجة الأزمة الوطنية التي ترتبت على مواجهة النظام للانتفاضة الشعبية بالعنف»، موضحة أنه «ورغم أننا لا نثق بالنظام ولا برئيسه، ولا نقر بشرعيتهما، ونتحفظ على إجراء الانتخابات الرئاسية متعددة المرشحين في عام 2014، لكننا منفتحون على البنود الأخرى في المبادرة، إذا توفرت ضمانات كافية، عربية ودولية، لتنفيذها». ولفتت إلى أنه «مما هو متاح من معلومات يبدو أن النظام سيرفض المبادرة، أو قد يقبل صيغة مفرغة من مضمونها منها، ودون أية ضمانات للتنفيذ».