حكومة ثوار ليبيا تفكر في تقسيم عملياتها بين الشرق والغرب

وسط مخاوف من تأخر المجلس الانتقالي في التحرك من بنغازي إلى طرابلس

TT

صرح مسؤول رفيع المستوى في صفوف الثوار الليبيين أول من أمس أن الحكومة الجديدة تفكر في تقسيم عملياتها بين الشرق والغرب، وهي التصريحات التي قد تزيد من المخاوف من أن يستغرق المجلس الانتقالي وقتا طويلا حتى يتحرك من مدينة بنغازي إلى العاصمة الليبية طرابلس حتى يبدأ في إدارة المرحلة الانتقالية السياسية في البلاد.

ومنذ الإطاحة بمعمر القذافي من مقره في قلب هذه المدينة الساحلية الشهر الماضي، ما زال يتعين على السكان التعامل مع نقص المياه والوقود والغذاء والشعور العام بعدم الاستقرار. وعادت شرطة المرور إلى العمل في الشوارع، غير أن القذائف والصواريخ والألغام الأرضية والأسلحة الصغيرة التي خلفتها قوات القذافي بعد فرارها لا تزال غير آمنة ومتاحة أمام اللصوص. وأثار هذا الوضع العديد من الأسئلة عن مكان السلطة الجديدة ووقت إعلانها عن الجدول الزمني لإرساء مبادئ الديمقراطية. وفي مقابلة شخصية معه في مكتب رئيس الوزراء السابق البغدادي المحمودي في طرابلس، قال نائب رئيس الوزراء، علي الترهوني: «أحد الأشياء التي نفكر فيها هو بقاء المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي بدلا من هنا، على أن يكون المكتب التنفيذي هنا، لأننا عانينا كثيرا من الحكومة المركزية».

وكان وجه الترهوني يبدو شاحبا وكأنه لم ينم منذ عدة أيام، وقال إنه يلجأ إلى النيكوتين والقهوة للتغلب على قلة النوم، وإنه يعتبر نفسه محظوظا لأنه ينام ساعتين ليلا. ويقوم الترهوني، وهو خبير اقتصادي تم تعيينه في الأساس بالمجلس لقيادة وزارتي المالية والنفط، أيضا بإدارة إحدى اللجان المسؤولة عن تأمين العاصمة، ويعمل كنائب لرئيس الوزراء محمود جبريل. ويتحدث الترهوني بصراحة كبيرة حول الصعوبات المقبلة، قائلا: «يتمثل أحد التحديات الأساسية في الأمن وانتشار الأسلحة وكيفية تحكمنا في ذلك وكيفية دمج الثوار للعمل كجزء من المجتمع المدني».

يذكر أن الترهوني تلقى تعليمه في ليبيا والولايات المتحدة. وقبل انضمامه للمجلس الوطني الانتقالي، كان يعمل محاضرا لاقتصادات الأعمال في كلية «مايكل فوستر» لإدارة الأعمال بجامعة واشنطن. وأثناء وجوده في المنفى، تم تجريده من جنسيته الليبية وصدر بحقه حكما بالإعدام. وفي حين كان يلقي نظرة على مكتب رئيس الوزراء السابق، وهو يجلس على كرسي أخضر مذهب، قال الترهوني: «أنا لا أصدق أنني أقول ذلك. إننا على مقربة من نهاية نظام القذافي».

ومع ذلك، يرى كثيرون أن المسؤوليات الكبيرة الملقاة على كاهل الترهوني تفوق قدرة أي شخص، ويرى النقاد أن السبب وراء ذلك هو عدم قدرة المجلس الوطني الانتقالي على بدء الحكم من العاصمة طرابلس. ووصل جبريل إلى طرابلس أول من أمس للمرة الأولى منذ سقوط المدينة على أيدي الثوار قبل أكثر من أسبوعين. ووعد رئيس المجلس، مصطفى عبد الجليل، مرارا وتكرارا بنقل مقر المجلس، ولكنه الآن يقول إنه سوف يذهب إلى طرابلس عندما تنعم ليبيا بالحرية. ولا يزال أنصار القذافي يسيطرون على مدينة سرت، وهي مسقط رأس القذافي، ومدينة بني وليد، التي تقع في الجنوب الشرقي من العاصمة طرابلس، ومدينة سبها الصحراوية في الجنوب. وقال مستشار رفيع المستوى في المجلس الانتقالي، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: «لقد تم السماح للترهوني بمعالجة الكثير من الأمور. إنه لا يريد أن يتحمل كل هذه المسؤوليات، ولكنه موجود في المكان الذي يجب أن يكون فيه لأنه لا يوجد رئيس للوزراء».

ووجه أعضاء آخرون في المجلس انتقادات علنية لعملية التحول التي تسير بوتيرة بطيئة للغاية. وتقول خارطة الطريق المبينة في إعلان المجلس إنه يجب تشكيل حكومة انتقالية في غضون 30 يوما من «تاريخ التحرير». ولم يتم الإعلان عن ذلك اليوم، وهو ما يعطل بقية خارطة الطريق التي تدعو إلى انتخاب جمعية وطنية في غضون ثمانية أشهر، وإجراء انتخابات رئاسية في غضون 20 شهرا.

وقال عبد الرزاق العرادي، وهو عضو في المجلس الانتقالي من طرابلس: «يتعين علينا العمل الآن.إننا في الأسبوع الثالث منذ الثورة». ويتساءل السكان أيضا عن وقت تشكيل الحكومة. ويقول عبد الرزاق مهني، وهو مهندس يبلغ من العمر 39 عاما: «أكثر شيء يقلق الشعب الآن هو عدم معرفة شيء عن تشكيل الحكومة، ومن الذي سيتولى المسؤولية».

وفي الوقت نفسه، لا يزال البحث عن القذافي مستمرا، وقال أنيس الشريف، المتحدث باسم المجلس العسكري في طرابلس، إن قادة الثوار يعتقدون أن القذافي يتحصن في إحدى المناطق الليبية في دائرة نصف قطرها نحو 40 كيلومترا ولكن يمكنه الهروب إلى الحدود. وقد ورد أن قوات الثوار تعمل على السيطرة على القرى ونقاط التفتيش على طول الحدود الليبية الهائلة. وعندما سئل عن التقارير التي تقول بأن القذافي قد فر من البلاد، قال الترهوني «من المحتمل أن يكون قد فر»، ولكنه أضاف: «في الحقيقة، ليس لدينا تأكيدات لهذه التقارير بطريقة أو بأخرى».

وذكرت وكالة أنباء «أسوشييتد برس» أن حكومة النيجر أعلنت أول من أمس أنها «ترحب لأسباب إنسانية» بمجموعة مكونة من 13 ليبيا، ليس من بينهم القذافي، كانوا قد وصلوا في أربع سيارات يوم الثلاثاء. وأضاف البيان أنه لم يكن هناك أي قافلة من 200 سيارة كما ذكرت بعض وسائل الإعلام.

وفي واشنطن، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، فيكتوريا نولاند، التي كانت قد أعلنت يوم الثلاثاء أن جميع الليبيين الذين دخلوا إلى النيجر في القافلة يعتقد أنهم على قائمة الأمم المتحدة للممنوعين من السفر، أول من أمس أنها كانت «مخطئة»، وأن «أيا منهم» لم يكن ضمن القائمة، ولكن ينبغي اعتقالهم جميعا. وأكد مسؤولون في النيجر أن المجموعة ضمت منصور ضو، قائد الكتائب الأمنية للقذافي.

من جهة أخرى، تواصلت المفاوضات مع شيوخ القبائل في بني وليد، التي يعتقد أن السعدي القذافي، وسيف الإسلام القذافي يختبئان بها. وقال الترهوني: «آمل أن نتمكن من حل هذه القضية بسلام، لأنني سئمت حقا من الموت وسفك الدماء».

* ساهم في كتابة التقرير من واشنطن، كارين دي يونغ

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»