اختفاء مئات الصواريخ من مخابئ أسلحة نظام القذافي

ضمنها 480 صاروخا روسيا من طراز «SA – 24» تستخدم ضد الطائرات الحربية الحديثة

TT

كانت الصناديق المعدنية الطويلة المتناثرة على أرض المستودع فارغة، فقد اختفت، في الأيام القليلة الماضية، المئات من صواريخ أرض - جو، التي تشتهيها الجماعات الإرهابية و«دول مارقة»، بعد أن سرقت من أحد مخازن الأسلحة الليبية الممتلئة عن آخرها، يقول مراسل صحيفة «الإندبندنت» البريطانية.

وتضمنت هذه الصواريخ المسروقة 480 صاروخا روسيا من طراز SA - 24، والمصممة للاستخدام ضد الطائرات الحربية الحديثة، والتي كانت الولايات المتحدة تحاول منعها من الوقوع في أيدي الإيرانيين، وصواريخ أخرى قديمة من طراز SA-7 وSA-9، القادرة على إسقاط الطائرات التجارية، والتي كان تنظيم القاعدة يسعى للحصول عليها. وبينما تضع الحرب الأهلية الليبية الدموية أوزارها، فإن الثكنات العسكرية ومستودعات الأسلحة التي لا تعد ولا تحصى، والتي تحتوي على أسلحة النظام السابق، من بنادق كلاشنيكوف إلى صواريخ وسيارات مدرعة ودبابات، قد تركت بدون حراسة، لينهب الكثير منها مقاتلو الميليشيات والعامة.

وتوضح الأرقام أن مخابئ الأسلحة هذه هي أكبر بكثير من تلك التي استخدمت في تسليح حركات التمرد في العراق وأفغانستان. كما أن عدد الحراس على هذه المخابئ أقل في ليبيا. وخلافا لهاتين الجبهتين من «الحرب على الإرهاب»، فليست هناك قوات أجنبية موجودة في ليبيا، والمعارضة التي تشكل الحكومة الجديدة مواردها منصبة على محاولة السيطرة على معاقل الموالين المتبقية وإصلاح البنية التحتية، بحيث لن تتمكن من حماية الترسانات بشكل كاف.

ودقت عمليات النهب لمستودعات الصواريخ ناقوس الخطر لدى الأجهزة الأمنية في أميركا وأوروبا. فالصواريخ من طراز» SA-24 جرينش أرض - جو، تستطيع أن تستهدف المقاتلات القاذفة وطائرات الهليكوبتر المقاتلة، مثل «الأباتشي»، وحتى صواريخ كروز، كما يمكنها ضرب أهداف على ارتفاع 11 ألف قدم.

وكانت واشنطن قد مارست ضغوطا على الروس لمنع بيع هذه الصواريخ لفنزويلا وطهران. وعلى الرغم من أن صواريخ SA-7 وSA-9 تعد صواريخ قديمة الطراز فإنه يمكنها أن تدمر طائرات مدنية أو أن تستخدم ضد أهداف عسكرية، مثل الطائرات بدون طيار، والتي تستخدم على نحو متزايد من جانب الولايات المتحدة. وذكر بيتر بوكارت، مدير الطوارئ في مؤسسة «هيومان رايتس ووتش»، والذي يقوم برسم الخرائط لمستودعات الأسلحة: «إن المشكلة ضخمة جدا. فهناك نحو 20 ألف صواريخ أرض - جو في ليبيا، والكثير منها مفقود. ومن الواضح أن الوكالات الغربية قلقة جدا. فهذا الكم من الصواريخ بإمكانه أن يحول شمال أفريقيا إلى منطقة حظر طيران».

ودمرت الضربات الجوية لحلف الناتو ما يقرب من 600 صاروخ، وأنظمة رادار ومرافق تخزين في سياق الحملة التي شنها. وردا على ذلك، فقد نقلت قوات النظام بعض الأسلحة من المناطق العسكرية إلى المناطق المدنية، بحيث يمكنها الوصول إليها إذا ما سيطر الثوار.

وكانت الصواريخ، التي تم اكتشاف أنها مفقودة أمس، قد نقلت من مقر قيادة اللواء 32 بطرابلس، والذي كان تحت قيادة نجل القذافي، خميس القذافي، إلى منطقة تخزين تجاري. وعلى الرغم من أن الصواريخ قد تم نقلها، فإنه كان لا يزال هناك العشرات من الصناديق التي تحتوي على قذائف هاون وقذائف مدفعية وقذائف صاروخية وذخيرة بنادق، في الغرفة الواسعة.

وعبر الطريق، وفي حقل مكشوف، كدست صناديق من الألغام المضادة للأفراد، وهو سلاح تسبب بالفعل في سلسلة من عمليات القتل، العديد منها بين الأطفال، في مناطق انتهى فيها القتال. وتم الإبلاغ أمس عن اختفاء نحو 12 ألف لغم أرضي. وقال إيان مارتن، المستشار الخاص للأمم المتحدة للشؤون الليبية، إن «انتشار الأسلحة يعد مصدر قلق كبيرا. ونحن نتعامل مع هذا الأمر بجدية شديدة». وعلى الرغم من أنه من المفترض أن تأخذ «خدمة الأمم المتحدة لمكافحة الألغام» زمام المبادرة في هذا الشأن، لكن بسبب المخاوف الأمنية فإنه ليس لديها سوى موظف واحد فقط في العاصمة الليبية.

وهناك أدلة متزايدة على أن الأسلحة الليبية يتم تهريبها إلى بلدان أخرى. فقد ادعى عبد القادر مساهل، وهو وزير جزائري، أن مقاتلي تنظيم القاعدة «يعززون أنفسهم بسلاح قادم من ليبيا». وذكرت الحكومة التشادية أن صواريخ من طرازSAM-7 قد وصلت إلى أراضيها من ليبيا، في حين تحاول السلطات في النيجر تعقب شحنات من مادة السيمتكس، وهي المتفجرات البلاستيكية التي كان يفضلها الجيش الجمهوري الآيرلندي، في طريقها إلى قبائل الطوارق المنشقة. وفي بلدة ترهونة قرب بني وليد، توجد أكثر من 100 دبابة روسية الصنع وناقلات مدرعة لنقل الجنود.

وحضر مجموعة من الرجال المحليين المسلحين لرؤية ما إذا كان يمكنهم الاستفادة من هذه المدرعات. حيث يقول محمود إسماعيل الزبيدي «لقد ظلت هذه المدرعات هنا فترة طويلة، واعتقدنا أنه ربما كان بإمكان قرانا أن تكون لها دباباتها الخاصة لحماية الثورة، حتى إننا لدينا اثنان من السائقين. ولكن كل الوقود قد نفد، لذا نحن ذاهبون إلى طرابلس للحصول على بعض الأشياء الأخرى مثل بنادق من طراز AK-47، وربما جلبنا أيضا بعض المدافع الرشاشة».