«ثمن العراقي» 2000 دولار حسب تسعير القوات الأميركية

خبير قانوني لـ «الشرق الأوسط»: قانون «17» منح جنود الاحتلال حصانة مطلقة في العراق

TT

في الوقت الذي تستعد فيه المحاكم الأميركية لإعادة فتح ملف قيام القوات الأميركية بقتل عشرة أفراد من عائلة واحدة في قضاء بلد شمال شرقي بغداد عام 2006، اعتبر خبير قانوني عراقي بارز أن «كل المطالبات التي يقوم بها برلمانيون أو سياسيون عراقيون من أجل ملاحقة الجنود الأميركيين أو طلب تعويضات، إنما تقع بين أمرين، فهي إما أن تنم عن جهل وعدم دراية بما جرى ويجري، أو مجرد مزايدة سياسية أو محاولة لتصفية حسابات مع هذا الطرف أو ذاك سواء كان حكوميا أو برلمانيا».

وقال طارق حرب رئيس جمعية الثقافة القانونية في العراق في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الاحتلال الأميركي في العراق تتمتع بحصانة منذ عهد الحاكم المدني الأميركي في العراق بول بريمر وحتى اليوم، وذلك بموجب القرار الذي أصدره بريمر ويسمى (أمر 17)، وبالتالي، فإن قوات الاحتلال هي التي تقتل وهي التي تمنح التعويضات وتسعر تكلفة التعويض لأنها محمية بموجب القانون، وليس بوسع أحد ملاحقة الجندي الأميركي مهما كلف الأمر».

وكانت عضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي والقيادية في التيار الصدري مها الدوري قد وصفت في تصريحات لها أمس الخميس موقف الحكومة والقضاء العراقي تجاه انتهاكات القوات الأميركية ضد أبناء الشعب العراقي بأنه «مخجل ومخز». واعتبرت أن «الحكومة العراقية ليس لها أي موقف تجاه الجرائم التي قامت بها القوات الأميركية ضد العزل من أبناء الشعب العراقي». كما اتهمت الدوري الحكومة والقضاء العراقي «بتضييع حقوق ودماء أبناء الشعب العراقي لعدم وقوفها ف يوجه الاعتداءات المتكررة من قبل القوات المحتلة». ووصفت الحكومة بأنها «لاهية عن الشعب العراقي بمشروعها ومشكلاتها وصفقاتها، وهي بعيدة كل البعد عن هموم ومشكلات الشعب العراقي». وفي هذا السياق، أكد الخبير القانوني حرب في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن «مما زاد الأمور سوءا هو أن الاتفاقية الأمنية التي وقعتها الحكومة العراقية عام 2008 مع الجانب الأميركي وأقرها البرلمان العراقي منحت هي الأخرى الحصانة ذاتها التي كان يتمتع بها الجندي الأميركي بموجب قانون أو أمر بريمر، مما يعني أن كل المطالبات بالتعويض أو المحاكمة أو أي شيء من هذا القبيل إنما هي هواء في شبك». وأوضح أن «القوانين الأميركية تمنع إخضاع الجنود الأميركان مهما فعلوا لقوانين بلد آخر وإنما يحاكمون وفقا للقوانين الأميركية مما يعني أن الجنود الأميركان مثلا في ألمانيا أو أي بلد آخر وليس في العراق لا يخضعون للقانون الألماني أو الإنجليزي وإنما يخضعون للقانون الأميركي» معتبرا أن «هذا الأمر محسوم قانونا من قبلهم ونحن وقعنا عليه بموجب الاتفاقية الأمنية التي ينتهي مفعولها نهاية هذا العام».

وردا على سؤال حول ما إذا كان من حق العراقيين المطالبة بالتعويض أو محاكمة الجنود الأميركان بعد الانسحاب الأميركي، قال حرب إنه «من الناحية النظرية، فإنه بعد تاريخ 1 يناير (كانون الثاني) 2012 يحق لنا ملاحقة الجنود الأميركان ما عدا الدبلوماسيين، ولكن من الناحية العملية، لا يمكن تحقيق شيء لأن المجرمين يكونون قد غادروا ويصبح من الصعب متابعة الأمر، إلا أنه لا يمنع من إقامة دعاوى في المحاكم الأميركية حيث إن القانون الأميركي يعتمد على جمع الأدلة والبراهين وليس الكلام الإعلامي».

ووصف حرب تصريحات العديد من البرلمانيين العراقيين بأنها «تتناقض مع إجراءات يقوم بها البرلمان أصلا»، وذلك في تعليقه على ما قام به سياسيون ورجال قانون وبرلمانيون عراقيون من مطالبة بتفعيل طلبات التعويض من الجانب الأميركي أو فتح ملف التعويضات من خلال اتباع الطرق القانونية فضلا عن فتح مكاتب في المحافظات والمدن العراقية لتلقي الطلبات الخاصة بتعويض المتضررين جراء الاحتلال الأميركي للعراق بدءا من عام 2003 وحتى اليوم.

يذكر أن القوات الأميركية دفعت تعويضات لعائلات الضحايا العراقيين الذين قضوا خطأ أو عن عمد برصاص الجنود الأميركان، أو ما يسمونهم بضحايا النيران الصديقة والقتل الخطأ قيمتها ألفا دولار أميركي عن كل ضحية، وهناك عائلات رفضت تسلم التعويض وتفضل إقامة دعاوى ضد القوات الأميركية في الولايات المتحدة، لكن ارتفاع تكلفة المحامين والمحاكم في أميركا تحول دون متابعة هذه القضايا هناك.