البيت الأبيض: هزمنا «القاعدة» كمنظمة لأننا ركزنا جهودنا عليها

إدارة أوباما تقر بوجود مشاكل تعيق علاقتها مع المسلمين وعلى رأسها القضية الفلسطينية

TT

في الوقت الذي تحيي فيه الولايات المتحدة الذكرى العاشرة لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، تركز إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على إظهار التقدم الذي أحرزته الولايات المتحدة في مواجهتها مع تنظيم القاعدة، خاصة مع مقتل زعيم التنظيم أسامة بن لادن. واعتبر نائب مستشار الأمن القومي الأميركي ديفيد رودز أن بلاده استطاعت إحراز تقدم في مواجهة «القاعدة» والمجموعات الموالية إليها بسبب قدرتها على تعديل الاستراتيجية المستخدمة لمواجهتها. وقال رودز أمس إن «جهود حربنا باتت تركز على (القاعدة) والمجموعات المرتبطة بها مباشرة، بدلا من خوض حرب ضد تكتيك الإرهاب نفسه»، في انتقاد غير مباشر لإدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الذي أعلن بعد هجمات 11 سبتمبر «حربا على الإرهاب». ولقد عملت إدارة أوباما تحديدا على التخلي عن عبارة «الحرب على الإرهاب» والابتعاد عن «المعارك الفكرية» والتركيز على إضعاف وهزيمة «القاعدة». واعتبر رودز أنه بعد مقتل بن لادن «(القاعدة) الآن في أضعف مرحلة مرت بها منذ 11 سبتمبر».

وربط رودز في مؤتمر صحافي عقده مع الصحافيين الأجانب في واشنطن أمس بين خفض عدد القوات الأميركية في العراق وإنهاء الارتباط العسكري هناك مع تصعيد العمليات العسكرية ضد عناصر تنظيم القاعدة. وقال: «الرئيس أوباما أيد الحرب في أفغانستان ومحاربة (القاعدة).. الجميع يعلم أنه عارض الحرب في العراق». وأضاف: «الحرب في العراق لم تكن جزءا من الحرب على (القاعدة) ولذلك قلصنا وجودنا العسكري في العراق واستطعنا أن نحرز تقدما مهما في أفغانستان وباكستان»، مؤكدا: «تركيزنا على (القاعدة) جلب لنا النجاح».

وصرح رودز: «لقد ركزنا على إنهاء النزاعات المسلحة منذ أن وصلنا إلى الإدارة الأميركية». وأضاف: «كرسنا كل جهودنا لإنهاء الحرب في العراق ونقل السلطات الأمنية إلى العراقيين». وأبدى رودز ثقته في هذا الانتقال على الرغم من الهجمات الإرهابية المستمرة في العراق، قائلا «لقد أحرزنا تقدما جيدا على الرغم من الهجمات الشنيعة على المدنيين العراقيين». وفيما يخص أفغانستان، شدد رودز على رغبة الولايات المتحدة بسحب قواتنا من أفغانستان أيضا، قائلا «نحن نعمل على نقل السلطات الأمنية إلى الأفغان بحلول 2014». وأضاف: «إننا نخرج من عقد من الحرب، ننهي النزاع في العراق ونقلل بشكل ملحوظ من الوجود العسكري الأميركي في العالم.. التوجه هو لإنهاء الحروب». ولكنه أردف قائلا «نحن نقوم بذلك من نقطة قوة لأننا حاربنا (القاعدة) واليوم (القاعدة) أضعفت ولا تشكل التهديد الذي كانت تشكله».

ومن جهة أخرى، شدد رودز على جهود إدارة أوباما لتحسين العلاقات مع المسلمين، مع الإقرار بوجود مشاكل عدة تبقي الكثير من المسلمين يشكون في الولايات المتحدة. وقال: «هناك سنوات من انعدام الثقة بين الطرفين.. علينا العمل عليها». ولكن رودز أكد أن أوباما قد وضع أسسا لبناء الثقة، وخاصة في خطابه في القاهرة في يونيو (حزيران) 2009 عندما أعلن عن «بداية جديدة مع المسلمين». وأضاف: «مع تولي الرئيس أوباما منصبه، كان هناك تحسن كبير في رأي مناطق عدة حول العالم تجاه الولايات المتحدة، إلا أن الوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مختلف.. وذلك يعود لعقود من انعدام الثقة بين شعوب المنطقة والولايات المتحدة». ولكنه اعتبر أنه من الممكن تخطي هذه المشاكل مع الوقت، قائلا «كنا نعلم دائما أن ذلك سيستغرق وقتا.. ولقد اتخذنا خطوات عدة، فنقلنا 100 ألف جندي من العراق وننهي عملياتنا في العراق مع نهاية العام، ونقوم بمشاريع كثيرة لها علاقة بالقطاع الخاص والتعليم لنضع الأسس لعلاقات أفضل مع أهالي المنطقة». وأقر رودز بجوهرية القضية الفلسطينية التي تسبب انعدام الثقة بالولايات المتحدة، قائلا «الناس تشعر بالحيرة من انعدام التقدم في تحقيق السلام في الشرق الأوسط»، مدافعا عن جهود أوباما في البحث عن حل للنزاع العربي - الإسرائيلي. وأضاف: «تبقى هذه القضية مصدر خلاف» بالنسبة للعلاقات الأميركية مع العرب والمسلمين. وبينما كرر رودز معارضة بلاده للاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، أكد التزام بلاده بالسعي لحل سلمي بناء على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطين.

ولفت رودز إلى أن الولايات المتحدة تعلم بأن ذكرى 11 سبتمبر ليست فقط شأنا أميركيا، موضحا: «هذه كانت مأساة ليس فقط للولايات المتحدة بل للعشرات من الأشخاص من دول حول العالم قتلوا في تلك الهجمات». وأضاف: «نحن نعترف بأن هجمات 11 سبتمبر على الرغم من أن حجمها ووقعها كان فريدا فإنها ليست الهجمات الوحيدة في العالم، بل الكثيرون ماتوا في دول كثيرة من جراء الإرهاب». وأكد أن «الحل الوحيد لمواجهة الإرهاب هو التعاون الدولي الوثيق وهذا ما نقوم به».

وداخليا، يسعى البيت الأبيض لكسب التأييد لأوباما خلال إحياء هذه الذكرى، مع احترام عدم تسييس المناسبة واحترام ذكرى الضحايا. وعلى الرغم من خشية البيت الأبيض من إظهار أوباما بأنه يستغل الحدث الأليم، فإنه لا يمكن لفريق أوباما ـن يفوت فرصة إظهار نجاحات أوباما الأخيرة. فبينما يعاني الرئيس الأميركي من نسب شعبية متراجعة، انخفضت إلى 43 في المائة، يتمتع أوباما بنسب عالية من الشعبية في معالجته لملف مكافحة الإرهاب. وـفاد استطلاع للرأي نشرته صحيفة «واشنطن بوست» هذا الأسبوع بأن 62 في المائة من الأميركيين راضون عن استراتيجية أوباما لمكافحة الإرهاب. ونشرت صحيفة «يو إس إيه توداي» مقال رأي للرئيس الأميركي عنوانه «لنستعد الوحدة التي تبعت 11 سبتمبر»، يطالب الأميركيين بالتعاون للتغلب على تحدياتهم. وتحدث أوباما في مقال الرأي عن يوم وقوع هجمات 11 سبتمبر، قائلا «مثل كل الأميركيين، لن أنسى أبدا كيف سمعت الأخبار الشنيعة، وأنا في سيارتي في طريقي إلى العمل في شيكاغو». وأضاف: «بينما تكبران ابنتاي ماليا وساشا، نواجه أنا و(زوجتي) ميشيل تحديا يواجه غيرنا من الأهالي حول كيفية الحديث لأطفالنا عن» تلك الهجمات. وأوضح: «من بين الأشياء التي قلناها لهما بأن أسوأ هجوم إرهابي في التاريخ الأميركي أيضا أخرج أفضل ما هو في بلادنا»، مضيفا: «كنا متحدين كأميركيين». وتابع: «هذه هي روح الولايات المتحدة التي علينا استعادتها في هذه الذكرى».

ومن اللافت أن مقال أوباما، كالكثير من تصريحات المسؤولين الأميركيين خلال الأيام الماضية، لم يشر إلى الدين الإسلامي أو المسلمين، حرصا على عدم إثارة الاعتقاد بأن الولايات المتحدة لديها تحد في التعامل مع المسلمين أو دينهم.