جمعة حاشدة بلا «إسلاميين» يشعلها جمهور كرة القدم

مسيرة لدعم استقلال القضاء.. وهتافات ضد الإخوان المسلمين

جماهير النادي الأهلي في مظاهرة «تصحيح المسار» بميدان التحرير أمس ( رويترز)
TT

رغم نجاح الدعوة لمليونية «تصحيح المسار» التي شهدت حضورا قويا في ساحات وميادين مصر في غيبة الإسلاميين، انتقدت قوى سياسية ونشطاء ما قالوا إنه خروج عن النص من جانب جماهير الكرة (الألتراس) التي شاركت بقوة في مظاهرة أمس، وحولت الميدان إلى ما يشبه مدرجات ملاعب الكرة، وطافت المسيرات شوارع العاصمة المصرية، القاهرة، احتجاجا على ممارسات الشرطة تجاه المواطنين بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، ودعما لاستقلال القضاة. كما ردد المتظاهرون هتافات ضد الإخوان المسلمين.

وتوافد عشرات الآلاف على ميدان التحرير وسط العاصمة منذ الساعات الأولى من يوم أمس للإعداد والتجهيز لمليونية الجمعة، ما بين نصب المظلة الرئيسية في وسط الميدان، أو تكوين لجان شعبية لتأمين أرجاء الميدان والشوارع المحيطة.

واحتشد الآلاف في ميادين المحافظات الأخرى، لمطالبة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد، بتلبية باقي مطالب الثورة، وأهمها: إلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين، ووضع جدول زمني لنقل الحكم إلى سلطة مدنية منتخبة، وتعديل قانون الانتخابات التشريعية.. وسط غياب واضح لقوات الشرطة والجيش.

وعلى غرار تحركات المتظاهرين في «جمعة الغضب» يوم 28 يناير الماضي، انطلقت مسيرات من مساجد القاهرة، تجاه التحرير، أبرزها مسجد مصطفى محمود بالمهندسين، والخازندار بشبرا، والاستقامة بالجيزة، ومسجد الفتح في رمسيس، مطالبين بضرورة عودة الثورة إلى قوتها الأولى مرة أخرى، مرددين هتافات: «يا مبارك يا جبان.. كل محاكمة اعمل عيان»، و«عسكر يحكم مدني ليه.. ورثتونا ولا إيه»، و«مش عايزينك يا داخلية.. هنقضيها لجان شعبية».

ونظم متظاهرو التحرير 3 مسيرات من الميدان، الأولى، نظمها ألتراس ناديي الأهلي والزمالك إلى مقر وزارة الداخلية، للمطالبة بإقالة اللواء منصور العيسوي، وزير الداخلية، والإفراج عن المشجعين الذين تم إلقاء القبض عليهم يوم الثلاثاء الماضي عقب اشتباكات عنيفة وقعت بين جماهير الأهلي وقوات الأمن عقب مباراة الأول ونادي كيما أسوان في إطار بطولة كأس مصر.

والمسيرة الثانية، انطلقت إلى مقر السفارة الإسرائيلية في محافظة الجيرة، وقام المتظاهرون بهدم الجدار الخراساني الذي تم بناؤه حول مقر السفارة، مستخدمين «شواكيش» حديدية.

بينما انطلقت المسيرة الثالثة باتجاه مقر دار القضاء العالي للمطالبة باستقلال القضاء.

وفي خطبته بميدان التحرير، أكد الشيخ مظهر شاهين، إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، أن المظاهرة للتأكيد على مطالب الثورة، قائلا: «يجب أن يعلم من يحكم مصر أن 25 يناير يأتي كل عام»، في إشارة إلى احتمال أن يعاود الشعب المصري، ثورته مرة أخرى إذا لم تسر في اتجاهها الصحيح، على حد تعبيره.

وعقب الانتهاء من أداء صلاة الجمعة، ردد المتجمعون بالميدان العديد من الهتافات الحماسية التي رجت الميدان، منها: «الشعب يريد إعدام المخلوع»، و«عايزين حقهم.. يا نموت زيهم».

وقامت اللجان الشعبية المكلفة التأمين بالتأكد من هويات كافة الوافدين إلى الميدان وتفتيشهم بشكل لائق لضمان عدم اندساس أي من العناصر الخارجة على القانون في صفوف المتظاهرين. وقاموا بتنسيق الدخول والخروج إلى الميدان والشوارع الرئيسية المحيطة به في ظل غياب أفراد الشرطة والجيش، وتمكنت اللجان من ضبط ملتح قام بتوزيع منشورات تحرض ضد الجيش والشرطة.

وخصصت وزارة الصحة 33 سيارة إسعاف مجهزة و3 عيادات متنقلة حول الميدان، وقال الدكتور عمرو حلمي، وزير الصحة والسكان، الذي حرص على المشاركة في جمعة «تصحيح المسار»، إنه تم تزويد العيادات المتنقلة بفرق طبية وكافة الأدوية والمستلزمات الطبية.

ومن جانبها، حددت القوى السياسية مطالب جمعة «تصحيح المسار»، وقال محمد عادل، المتحدث الرسمي باسم حركة «شباب 6 أبريل»، إن المطالب هي «وضع جدول زمني لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وتسليم البلاد لسلطة مدنية، ووقف المحاكمات العسكرية للمدنين، وتطهير كافة مؤسسات الدولة من رموز النظام السابق، والوقف الفوري لتصدير الغاز لإسرائيل وطرد سفيرها من القاهرة، واستقلال مؤسسات الدولة، واستعادة الأمن والأمان في الشارع المصري»، وأضاف عادل لـ«الشرق الأوسط»: «في حال عدم تحقيق المطالب سوف نعود إلى الميدان مجددا».

وفى الوقت الذي حذر المجلس العسكري متظاهري جمعة «تصحيح المسار» من اقتحام منشآت الجيش، أعلن مصدر مسؤول في المنطقة المركزية العسكرية أن قوات الجيش سوف تتوجه مساء الجمعة لإخلاء الميدان من المتظاهرين لعودة رجال الأمن مرة أخرى. وشدد شباب الثورة على سلمية المظاهرة. وقال الدكتور محمد طمان، عضو مجلس أمناء الثورة: «ملتزمون بإخلاء الميدان وسلمية المظاهرة من أجل تحقيق إصلاح مسار الثورة». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الثورة بدأت سلمية وستستمر في ذلك.

إلى ذلك، دشن عدد من النشطاء السياسيين الموجودين بميدان التحرير، حملة تحت شعار «اعرف حزبك، واختار رئيسك». وقال أحمد أمين، مسؤول الحملة، إن الهدف منها التواصل بين الشعب والأحزاب والتيارات السياسية.

ولم يغب مرشحو الرئاسة المحتملون عن الأحداث، حيث أعلن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عن مشاركته في المظاهرة للتأكيد على مطالب الثورة؛ بينما أكد الدكتور أيمن نور على أن ما حدث في مصر منذ 7 أشهر، لا يمكن أن يكون ثمنا للثورة.

وفي محافظات مصر لم يختلف المشهد كثيرا عن ميدان التحرير، ففي السويس، نظم الآلاف مظاهرة في ميدان الأربعين، وحاولت مجموعة اقتحام مبنى المحافظة، ورشقوا قوات الجيش بالحجارة؛ إلا أن الهدوء عاد للمنطقة، عقب إطلاق الشرطة العسكرية سراح 3 شباب تم احتجازهم، وقال أحمد فتحي، المنسق العام لتكتل شباب السويس، إن الشرطة العسكرية أفرجت عنه بعد أن ألقت القبض عليه وعلى زملائه، لاعتقادها بأنهم حرضوا المتظاهرين على اقتحام المحافظة.

وفي الإسكندرية، خرج الآلاف من أمام مسجد القائد إبراهيم بمحطة الرمل، ورفع المتظاهرون لافتات «لا لانفراد المجلس العسكري بالحكم»، و«زي ما هية زي ما هية.. بعد الثورة زي ما هية».

وفي البحيرة، طالب المتظاهرون بإعادة المحاكمة مدنيا لمن سبق محاكمتهم عسكريا ورفع الحد الأدنى للأجور. أما في المنيا، فقد طالبت حركة «شباب 6 أبريل» باستقلال القضاء. وفي الأقصر، وضع ائتلاف الثورة رؤية كاملة للعمل في المرحلة القادمة في وثيقة تم توزيعها تحت عنوان «الشعب يريد تحقيق مكاسب الثورة».

وفي أسوان، أدى النوبيون صلاة الجمعة في حديقة درة النيل، مقر اعتصامهم، وأكدوا على استمرار اعتصامهم لحين تحقيق مطالبهم بالعودة إلى أراضيهم القديمة حول ضفاف بحيرة ناصر.

وفي سياق مواز، نظمت الحكومة المصرية احتفالا بعيد الفلاح في استاد القاهرة، وقدم الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء، التهنئة لفلاحي ومزارعي مصر عبر الصفحة الرسمية لمجلس الوزراء، مؤكدا التزام الدولة بمساعدة الفلاح للتغلب على مشاكله.

وشهد الاحتفال، اقتحام الفلاحين قاعة كبار الزوار في الاستاد لمطالبة وزير الزراعة، الدكتور صلاح يوسف، بالحصول على عقود لتملك أراضيهم، مما اضطر المسؤولين في الوزارة بالاكتفاء بتسليم 5 عقود بدلا من 250 عقدا.

وكشفت مصادر في وزارة الزراعة عن حشد الوزارة لآلاف المزارعين لتأييد الحكومة، مؤكدة انسحاب المئات منهم قبل ختام الاحتفال بسبب سوء التنظيم والتوجه إلى ميدان التحرير للمشاركة في جمعة «تصحيح المسار».