روابط الجماهير الرياضية في مصر تزاحم ثوار التحرير

عداؤها المستمر مع الشرطة قادها لمعترك السياسة

TT

لعبت روابط مشجعي فرق كرة القدم المصرية التي يطلق عليها «الألتراس»، دورا ملحوظا في إضافة زخم كبير إلى المظاهرة المليونية أمس في ميدان التحرير التي سميت بجمعة «تصحيح المسار».

ورغم التنافس الحاد بين هؤلاء المشجعين والتعصب في تشجيع فرقهم داخل المدرجات، الذي ربما يأخذ طابعا حادا في كثير من الأحيان، توحدت أمس «ألتراس» فرق الأهلي والزمالك والإسماعيلي، وشاركت بفاعلية في المظاهرات، ووجه جماهير هؤلاء الفرق انتقادات لاذعة للشرطة بسبب استيائهم من التعامل معهم واعتقال عدد كبير منهم، حتى بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، وطالبت جماهير هذه الفرق بإقالة وزير الداخلية منصور العيسوي.

وكانت مواجهات عنيفة قد وقعت بين الشرطة المصرية و«ألتراس» الأهلي الثلاثاء الماضي في استاد القاهرة عقب مباراة الأهلي وكيما أسوان في بطولة كأس مصر، أسفرت عن إصابة أكثر من 130 فردا من الجانبين واعتقال الشرطة المصرية لـ16 مشجعا من أعضاء «الألتراس».

وإثر ذلك ألغى أعضاء «ألتراس» الأهلي سفرهم إلى المغرب لحضور لقاء الأهلي أمام نادي الوداد المغربي غدا (الأحد) في بطولة أفريقيا، ونظمت جماهير الأهلي بالاشتراك مع جماهير الزمالك والإسماعيلي مسيرات إلى ميدان التحرير قبل أن تتوجه إلى وزارة الداخلية ثم إلى مقر السفارة الإسرائيلية في الجيزة، للمطالبة بالإفراج عن بعض أعضاء هذه الروابط.

وقد أشعل حماس وهتافات هؤلاء الجماهير ميدان التحرير، خاصة بعد استخدام هؤلاء الشباب لأدوات تشجيعهم في المدرجات، مثل الدفوف والمزامير، بالإضافة إلى ارتدائهم لقمصان فرقهم. وقد أكد بعض شباب «الألتراس» نيتهم المبيت والاعتصام في ميدان التحرير.

وكان «الألتراس» قد اعتبروا أنفسهم منذ اندلاع الثورة المصرية في 25 يناير الماضي، جزءا فاعلا في أحداثها ضد ممارسات الشرطة القمعية، وتناست روابط «الألتراس» هموم أنديتها ونظموا أنفسهم هذه المرة من أجل هموم الوطن، وتحول «الألتراس» من ظاهرة رياضية تجمع محبي وعشاق الفرق الرياضية الراغبين في مساندة فرقها، إلى ظاهرة سياسية في ظل الأحداث التي تشهدها البلاد، ومن غير المعلوم ما يمكن أن يحدثه هذا التغيير في شكل روابط المشجعين، التي ساعدت في تخطي حدود مجرد تشجيع الجماهير لفريق معين وصولا إلى التنسيق بينها في مجالات أخرى قد تبتعد أو تقترب من الرياضة، إذا ما انخرطت في المعترك السياسي المصري.

بدأ ظهور «الألتراس» في مصر عام 2007، بمجموعات لتشجيع فريقي الزمالك والأهلي، أطلقت على أنفسها ألقاب «ريد ديفلز» للأهلي و«وايت نايتس» للزمالك، ثم تعددت الروابط بعد ذلك واتخذت مسميات مختلفة.

ورغم المظهر البهيج الذي تضيفه هذه الروابط على المباريات من حيث طبيعة التشجيع، الذي يقوم به أعضاؤها عبر أغانيهم الشهيرة والأعلام والشعارات التي يرفعونها، فإنه ومنذ بدايتها بدأت «الألتراس» في صدام دائم مع الشرطة، حيث كانت الشرطة ترفض دخولهم بالألعاب النارية إلى الملاعب، وحدثت مواجهات كثيرة مع روابط المشجعين، الأمر الذي أصبح عداء بين الجانبين. وقد تطور إلى ترديد هؤلاء الجماهير أغاني وهتافات تعتبرها الشرطة «استفزازية» وتطال من هيبتها.

وقال مراقبون إن المنافسات الرياضية في مصر عقب ثورة 25 يناير تجاوزت مجرد التشاحن بين جماهير فريقين، ودشنت علاقة جديدة بنكهة سياسية، ليس بين الجماهير بعضها البعض فحسب، ولكنها جمعت روابط المشجعين ضد الشرطة المصرية من ناحية أخرى، وانتقلت مواجهات الشرطة مع المتظاهرين التي حدثت قبل ستة أشهر من ميادين الثورة إلى ساحات الرياضة، قبل أن تعود مرة أخرى للميادين في مظاهرات الثورة.