لورانس رايت خبير «القاعدة» لـ «الشرق الأوسط»: الربيع العربي التحدي الأكبر للظواهري بعد مقتل بن لادن

عدد خاص في مجلة «نيويوركر» عن الذكرى العاشرة للهجمات

لورانس رايت
TT

كانت شهورا قليلة صعبة بالنسبة لتنظيم القاعدة. ليس فقط باغتيال زعيمها على يد القوات الأميركية خلال مداهمة في باكستان بداية شهر مايو (أيار) الماضي، بل يبدو أن هذه المنظمة والحركات الجهادية قد أخذت على حين غرة من قبل انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بالحكام في مصر وتونس، وجعلت النظام القديم غير مستقر في جميع أنحاء العالم العربي.

فجأة وجد تنظيم القاعدة نفسه يكافح من أجل أن يبقى على صلة بالمشكلات الحقيقية التي تواجه العالم الإسلامي.

في الحقيقة لقد بدأ فكر «القاعدة» بالتراجع في الشهور الأخيرة بعد أن فشل في أن يعكس بدقة المزاج والاهتمام في المنطقة. فالانتفاضات كانت استجابة من قبل الشعوب لعقود من الركود السياسي والاقتصادي والثقافي. بدا الهتاف الذي صار مشهورا «سلمية.. سلمية» في ميادين وشوارع هذه البلاد دليلا لا يخطئ على أن الغالبية الساحقة من شباب العرب لا يربطهم رابط بـ«القاعدة». أثار ذلك توقعات بقرب انحسار ظاهرة العنف ذي الخلفية الدينية في مجمله، وليس فقط إرهاب «القاعدة»، وبات الربيع العربي مؤذنا بغروب شمس «القاعدة».

«الشرق الأوسط» توجهت إلى لورانس رايت، أو «لاري» كما يحب أن يلقب، قبل أيام قلائل من الذكرى العاشرة للهجمات، وهو أميركي متخصص في الكتابة عن «القاعدة»، وأهم كتبه «البروج المشيدة.. (القاعدة) والطريق إلى 11 سبتمبر/ أيلول»، وهو حائز على جائزة «بوليتزر» (أرقى الجوائز الأميركية للصحافة), ويملك رايت الصحافي في «نيويوركر» وكاتب النصوص السينمائية، معلومات واسعة عن «القاعدة»، تساوي معلومات المخابرات الأميركية وربما أكثر، وتحدث عن كتابه الجديد، وفيلمه «الطريق إلى القاعدة» الذي لم يبث بعد عبر الشاشات الفضائية, ومقاله الذي سينشره في مجلة «نيويوركر» التي خصصت عددا خاصا متكاملا عن ذكرى الأحداث الإرهابية. وجاء معه الحوار على النحو التالي:

* هل مات تنظيم القاعدة بموت بن لادن؟

- لا. لا يمكن أن يموت تنظيم القاعدة بموت بن لادن، لكن حقيقة موته لا تعني أن التنظيم في طريقه للزوال، فلا يزال التنظيم على قيد الحياة. من المؤكد أنه تعرض لجرح بالغ، لكن الأمر سيكون بمثابة تحد لبقاء تنظيم القاعدة دون وجود قائده ذي الشخصية الساحرة, نعم يمكن القول إن التنظيم , أصيب بالوهن إثر الضربات التي تعرض لها وخسارة زعيمه، لكن ما زال بإمكانه التخطيط لاعتداءات أو أن يكون مصدر إلهام لها، كما أن الجماعات التي تدور في فلكه في اليمن والساحل الأفريقي ما زالت خطرة وقادرة على التعبئة.

* هل لا يزال تنظيم القاعدة يشكل خطرا؟

- بالطبع يشكل خطرا. لقد انتشر التنظيم وتضاعفت أعداد أعضائه في كثير من الدول الآن، ونهض الكثير من القادة الجدد، مثل أنور العولقي الأميركي من أصل يمني، وهناك من يحاولون أن يأخذوا الراية بعد موت بن لادن. وعلى الرغم من أن مسؤولين وخبراء رحبوا بمقتل زعيم التنظيم، أسامة بن لادن، على أيدي قوات نخبة أميركية في مايو الماضي، وتوقعوا بداية النهاية بالنسبة للشبكة التي أنشأها في أواخر ثمانينات القرن الماضي, فإن هناك آخرين وأنا منهم يرون أن لا شيء قد حسم، وأن تنظيم القاعدة حتى وإن تضاءل نفوذه فإنه ما زال يشكل خطرا.

وأعتقد أن «القاعدة» تمثل تهديدا، ليس فقط للغرب، ولكن للمسلمين أيضا. لقد قضى الكثير من المسلمين على يد «القاعدة» أكثر من الأميركيين الذي لقوا حتفهم في أحداث 11 سبتمبر، كما أنها ما زالت تمثل تهديدا بالفعل.

* هل تعتقد أن العالم أصبح مكانا أكثر أمانا منذ موت بن لادن؟

- أعتقد أنه سيكون آمنا في نهاية المطاف، لكن في الوقت الحالي، هناك فترة انتقام، حيث تم التخطيط لعدد من الهجمات، بالإضافة إلى عدد من الهجمات الأخرى التي هي في طور التنفيذ الآن، لذا فإنه من المتوقع أن نشهد ازديادا في النشاط الإرهابي في المستقبل القريب.

* هل تخطط لنشر شيء ما بمناسبة الذكرى العاشرة لأحداث 11 سبتمبر؟

- بالطبع، سأعمل على كتابة موضوع لمجلة «نيويوركر». سأتحدث فيه عن أن بن لادن، عند مهاجمته لأميركا، كان يطرح سؤالين، أحدهما هو «ما الإسلام؟»، والآخر «ما هي أميركا؟».

* ما رأيك بشأن الوضع الحالي لتنظيم القاعدة؟ هل أوشك التنظيم على الانتهاء؟

- أعتقد أن فجر اليوم الذي ينتهي فيه تنظيم القاعدة قد حل، لكن شمسه لم تغرب بعد.

* هل ما زال تنظيم القاعدة صامتا بشأن الربيع العربي؟

- لقد أثبت الربيع العربي مدى خطأ أيمن الظواهري بشأن النهج المناسب للتغيير، خاصة في مصر. لقد قضى حياته بأكملها محاولا الإطاحة بالنظام من خلال وسائل دموية، ومع ذلك أطاح الشعب المصري بالنظام في ثمانية عشر يوما دون استخدام أي سلاح, أي أن الربيع العربي أصاب «القاعدة» بسكتة قلبية, وقد تكون الثورات العربية التحدي الأكبر للظواهري بعد مقتل بن لادن. والانتفاضات الشعبية غير العنيفة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نجحت في إحداث نوع من التغيير الكبير الذي لم يكن تنظيم القاعدة قادرا على تحقيقه. ولقد تبين أن ليس هناك داع لاستخدام العنف لإنجاز التغيير السياسي.