إسرائيل لتركيا: الصدام العسكري في المتوسط سيورط أردوغان مع «الأطلسي»

ليبرمان يطرح خطة عقوبات.. مناصرة للأرمن والأكراد

TT

حذرت مصادر سياسية عليا في إسرائيل، أمس، الحكومة التركية من مغامرات حربية في البحر الأبيض المتوسط. ووصفت رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، بأنه «فقد صوابه». وقالت إن تصريحاته بخصوص إرسال «أسطول الحرية» مرة أخرى بمرافقة بوارج حربية، هو «هوس وهذيان، إذ إنه ينطوي على تورط في صدام مع الولايات المتحدة ومع حلف شمالي الأطلسي». وفي الوقت نفسه بدأت تعد ردودا على أردوغان من شأنها أن تمس بمصالح تركيا في العالم، بينها مناصرة الأرمن والأكراد.

وكان أردوغان قد هدد الليلة قبل الماضية بإطلاق المزيد من أساطيل الحرية لفك الحصار عن قطاع غزة، ولكن بمرافقة بوارج حربية لسلاح البحرية التركي. وترافق تصريحه مع ما نشرته صحيفة «أكشام» التركية، صبيحة اليوم نفسه، بأن «تركيا ستضع في المستقبل القريب الخطة رقم (ج) ضد إسرائيل، وهي الأشد إيلاما، حيز التنفيذ في حال استمرار إسرائيل في رفضها تنفيذ الشروط التركية بالاعتذار عن مقتل تسعة أتراك في الاعتداء الإسرائيلي الدامي على (أسطول الحرية) في 31 مايو (أيار) 2010 الماضي». وقالت إنها ستتضمن تعليق علاقاتها الدبلوماسية بالكامل مع إسرائيل على أن تكون مثل علاقاتها مع أرمينيا، ثم تعليق العلاقات التجارية مع إسرائيل لدفعها لوضع اقتصادي صعب.

وأصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تعليماته إلى وزرائه بألا يعلقوا على هذا النبأ ويتركوا «الدبلوماسية الهادئة تشتغل بلا تشويش لتسوية القضية». ولكن مصادر عسكرية أعربت عن صدمتها من تهديدات أردوغان واعتبرتها تهديدا بالحرب. وقالت هذه المصادر إن الجيش الإسرائيلي يأخذ هذه التهديدات بكامل الجدية، علما بأن توازن القوى العسكري في البحر المتوسط يميل بشكل حاد لصالح تركيا. فهنالك 250 بارجة حربية تركية مقابل 64 بارجة حربية إسرائيلية فقط. وفيما تملك تركيا 21 كاسحة ألغام لا تملك إسرائيل هذا النوع من السلاح إطلاقا. ومقابل 16 غواصة حربية لدى تركيا، لدى إسرائيل 3 غواصات فقط. ومع ذلك، فقد أعلن المصدر العسكري أن الحصار على قطاع غزة سيستمر، خصوصا بعد صدور تقرير لجنة بالمر التابعة للأمم المتحدة، التي أكدت شرعية الحصار وحق إسرائيل في منع كسر الحصار «حتى لا يتم تهريب أسلحة». وقال هذا المصدر إن إسرائيل مصرة على فرض الحصار وستمنع دخول أي سفينة إلى ميناء غزة من دون إذنها.

وعلى الرغم من قرار نتنياهو بمنع الوزراء من الكلام، فقد صدرت تصريحات عن «جهات سياسية عليا» في الحكومة الإسرائيلية ترد مباشرة على تهديد أردوغان بخصوص مرافقة سفن سلاح البحرية التركي لـ«أسطول الحرية»، حيث قالت: «إن أردوغان يتصرف كمن فقد صوابه. فهو إذا دخل في تحد عسكري حربي في البحر المتوسط، فسيتورط ليس مع سلاح البحرية الإسرائيلي بل أيضا مع حلف شمالي الأطلسي والأسطول السادس الأميركي الموجودين بقوة في المتوسط». وأضافت هذه المصادر: «علاقات إسرائيل بالطرفين (حلف الأطلسي والولايات المتحدة) ممتازة ولن يسكتا على التهديد التركي، إن كان بالكلام أو بشكل فعلي». وتابعت: «أردوغان نسي كما يبدو أن تركيا عضو في الحلف الأطلسي وهذا يلزمها بعدم التصرف بشكل يناقض مصالحه».

وأكدت الحكومة الإسرائيلية عبر هذه المصادر أنها «لن تنجر وراء الاستفزازات والتهديدات التركية وستترك الأميركيين والأوروبيين يديرون محادثات هادئة مع تركيا لوقف التدهور في سياستها تجاه إسرائيل». وذكرت بهذا الصدد أن رئيسة لجنة الخارجية والأمن في مجلس الشيوخ الأميركي، اليانا روس- ليتنان وخمسة عشر نائبا اجتمعوا مع السفير التركي في واشنطن، نميك طان، وتباحثوا معه في سبل تسوية الأزمة التركية - الإسرائيلية.

ولفتت المصادر الإسرائيلية النظر إلى المعارضة الداخلية في أنقرة لسياسة أردوغان، أكان ذلك من طرف المعارضة أم من طرف شركات القطاع الخاص أم من قيادة الجيش، الذين يبدون اهتماما بإعادة العلاقات إلى مجاريها الطبيعية بين البلدين. وقالت إن رئيس المعارضة التركية، كمال كليتشيدرولو، هاجم أردوغان بسبب تدهور العلاقات مع إسرائيل من دون حساب للعواقب الوخيمة لهذا التصرف. واتهم أردوغان بالازدواجية، «فهو يهاجم إسرائيل بشدة لكنه في الوقت نفسه يوافق على نصب رادارات أميركية على الأراضي التركية لرصد الأوضاع في إيران والعراق وسوريا لصالح إسرائيل».

من جهة ثانية، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أمس، عن أن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، الذي يعتبر ونائبه داني أيلون، أول المسؤولين عن انفجار الأزمة مع أنقرة، يعد خطة ستبحث في وزارته خلال اليومين القادمين للرد على أردوغان. ومن بين الاقتراحات المطروحة في الخطة: إقامة اتصالات مع اللوبي الأرمني في الولايات المتحدة، الذي يسعى لأن تعترف تركيا بما يعرف باسم «مذابح الأرمن».

إلى ذلك، أفادت مصادر تركية متطابقة، أمس، بأن أردوغان لن يزور غزة ضمن جولة سيقوم بها الأسبوع المقبل وتشمل مصر وتونس وليبيا.

كان أردوغان قد كرر، يوم الثلاثاء الماضي، نيته التوجه إلى غزة على هامش زيارة إلى مصر. وقال مصدر من مكتبه، طلب عدم ذكر اسمه: «حتى الآن لا يتضمن برنامجنا زيارة مقررة إلى غزة». وأضاف مصدر آخر من المكتب: «بحسب علمي، لن يتوجه إلى غزة».

كان دبلوماسي تركي قد صرح لوكالة الصحافة الفرنسية، أول من أمس، بأن برنامج الجولة لا يتضمن زيارة إلى غزة «لأن تركيا لا تريد أن تحرج الإدارة المصرية الجديدة» مع مرور وفد رسمي تركي بهذا الحجم على معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة.