عشرات الأحزاب السياسية.. والحيرة تسيطر على تونس قبل الانتخابات

استطلاع للرأي: أكثر من نصف التونسيين يعتقدون أن انتقال البلاد غير مفهوم

TT

قبل أقل من شهرين على الانتخابات تظهر ملامح الحيرة على أبناء تونس، مهد الربيع العربي، في ثورة كانوا يأملون أن توفر لهم فرص العمل وتخفف حدة الفقر، لكنها تمخضت عن إنشاء عشرات الأحزاب السياسية وعملية انتقال لا تلوح لها نهاية في الأفق.

وقال وليد، وهو سائق سيارة أجرة: «الإطاحة بالرئيس لم تكن سهلة، لكنها كانت سريعة وكنا متحدين.. لكن الآن أشعر بالقلق على هذا البلد. هناك الكثير من الأفكار والكثير من المرشحين ولا أحد يعرف يقينا ماذا يجب أن يفعل» حسب «رويترز».

وحددت الحكومة التونسية المؤقتة 23 أكتوبر (تشرين الأول) موعدا للانتخابات التي سيطلب خلالها من الناخبين الاختيار بين 80 حزبا سياسيا لتشكيل جمعية وطنية تأسيسية من 218 عضوا تكلف بصياغة دستور في غضون عام.

وستكون هذه أول انتخابات حرة في المستعمرة الفرنسية السابقة منذ استقلالها عام 1956 وستتابعها عن كثب منطقة تسعى لأن تحل الديمقراطية محل الأنظمة الشمولية.

ويخشى محللون من أن يؤدي تراجع الدعم الشعبي للعملية التي لا تقدم إطارا زمنيا للانتخابات الرئاسية أو التشريعية إلى تقويض شرعية الانتقال وربما يشعل جولة جديدة من الاضطرابات في الشوارع.

ويعتقد أكثر من نصف التونسيين أن انتقال البلاد غير مفهوم وفقا لاستطلاع للرأي أجرته وكالة «تونس أفريقيا» للأنباء، بالاشتراك مع معهد سبر الآراء ومعالجة المعلومات الإحصائية، نُشر في 3 سبتمبر (أيلول).

ويحق لـ7 ملايين مواطن تونسي الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، ولم يسجل سوى أكثر من النصف بقليل أسماءهم. وقال جان بابتيست غالوبان، المحلل في شركة «كنترول ريسكس لاستشارات المخاطر العالمية»، ومقرها لندن: «هناك حالة من الفوضى.. الأمور غير واضحة لأحد في الوقت الحالي». وأضاف: «حقيقة أن عددا قليلا من الناس سجلوا أسماءهم للتصويت تظهر أن هناك إحباطا عاما بين الشعب تجاه عملية الانتقال». وأظهر استطلاع منفصل للرأي، نشرته المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية، أن 43% فقط من التونسيين يعرفون أن الانتخابات المقبلة هي انتخابات الجمعية التأسيسية. وقال غالوبان: إن العدد الكبير للأحزاب السياسية التي يفتقر الكثير منها إلى مؤيدين أو برامج واضحة، إلى جانب تفشي الجريمة في العاصمة دون عقاب، قوض وضوح الهدف الذي كان يشعر به الكثير من التونسيين فور سقوط بن علي. وأضاف: «الناس يريدون أن يروا أثرا ملموسا للثورة على الحياة اليومية، وقضايا البطالة والتفاوت الاقتصادي والاجتماعي لم تتم معالجتها بعد».

ومن بين أشهر الأحزاب التونسية: الحزب التقدمي الديمقراطي وحزب النهضة الإسلامي.

وفي يونيو (حزيران)، انسحب حزب النهضة، الذي كان محظورا في عهد بن علي، والذي يعتقد أنه يتمتع بدعم واسع النطاق الآن من اللجنة التي شكلتها الحكومة المؤقتة للإعداد للانتخابات في لفتة احتجاج.

وقال متحدث باسم حزب النهضة لـ«رويترز» إنه ليس قلقا من انخفاض مستويات تسجيل الناخبين، مشيرا إلى أنه يتوقع أن يسجل ناخبون أسماءهم في يوم الاقتراع وأن تكون نسبة الإقبال النهائية عالية.

لكن الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، الذي كان محظورا سابقا، أصدر بيانا هذا الأسبوع، حذر فيه من أن البلاد لا تحتمل السماح بتعطيل العملية الانتقالية. وقال غالوبان: «إذا أدت العملية الانتقالية الرسمية إلى نزاعات تتعلق بشرعية مؤسسات الدولة فسيكون هناك احتمال لتصاعد الاضطرابات، خاصة إذا تحولت أحزاب مؤثرة مثل النهضة إلى سياسة الشارع».

وتسود مخاوف من أن السلطة المؤقتة، التي يرأسها فؤاد المبزع ويتولى رئاسة وزرائها الباجي قائد السبسي، عقدت العزم على إطالة مدة الانتقال حتى تظل في الحكم. وقد تمثل هذه المخاوف تهديدا. ويقول كمران بخاري، نائب رئيس قسم شؤون الشرق الأوسط وجنوب آسيا بشركة «ستراتفور للمعلومات»، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها: «إذا سارت الانتخابات بسلاسة ستكون هذه مفاجأة». وأضاف: «تثير فكرة أنه لم تجر انتخابات حرة ونزيهة قط في البلاد تساؤلات خطيرة بشأن إمكانية إجراء انتخابات سلسة، علاوة على ذلك، لدينا مخاوف من مجموعات المعارضة المختلفة بشأن نوايا السلطة المؤقتة التي يدعمها الجيش». وفي منطقة لافاييت بالعاصمة؛ حيث تراكمت القمامة، يقول محمد، بائع الزهور، إن الثورة التونسية اصطدمت بمشاكل، لكن لا يزال لديه أمل في التغلب عليها. وأضاف: «كان هناك وقت يمكن أن يؤدي بك الحديث عن بن علي أو الحكومة إلى السجن أو القتل. كانت الشرطة السرية في كل مكان وتسمع كل شيء». وأضاف: «مهما حدث الآن فإنه على الأقل سيكون أفضل من ذلك».

وانتهى حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، الذي امتد 23 عاما، فجأة حين فر في مواجهة احتجاجات شعبية انتشرت على نطاق واسع بسبب البطالة والفساد والقمع، وهو نجاح مذهل أدى إلى اندلاع انتفاضات في أجزاء أخرى من العالم العربي.