صدمة بعد مقتل الإعلامي هادي المهدي أحد أبرز منظمي مظاهرات «ساحة التحرير» في بغداد

أحد أصدقاء الضحية لـ «الشرق الأوسط»: كاميرا تراقب منزله عطلت عشية الحادث

متظاهرون عراقيون يحملون أمس خلال مظاهرة في ساحة التحرير ببغداد صورة للإعلامي هادي المهدي الذي عثر عليه مقتولا في منزله مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

أحدث مقتل الإعلامي والفنان العراقي المعروف وأبرز منسقي مظاهرات ساحة التحرير طوال الشهور الثمانية الماضية، هادي المهدي، صدمة عنيفة في الأوساط الإعلامية والفنية والجماهيرية، وذلك عشية الدعوة لانطلاق مظاهرات ما سمي بـ«جمعة البقاء» في العراق، أمس.

وأعلنت مصادر أمنية وطبية عراقية، مساء أول من أمس، مقتل المهدي (43 عاما) المعروف بانتقاداته للحكومة خلال برنامج إذاعي في منزله ببغداد.

وانطلقت صباح أمس مسيرة تشييع شارك فيها نحو خمسين شخصا من منزله في الكرادة (وسط) باتجاه ساحة التحرير في قلب العاصمة، وارتدى أغلبهم ملابس سوداء وهم يحملون نعشا رمزيا مغطى بالعلم العراقي للصحافي المغدور وصورة كبيرة له، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وواكبت المسيرة إجراءات أمنية مشددة، ولم تسمح الشرطة بمرور النعش الرمزي باتجاه ساحة التحرير، وأرغمت المشيعين على إكمال مسيرتهم وهم يحملون صورة كبيرة فقط، وسط هتافات قالت إحداها: «كاتم الصوت بوطني يغتال كل من وطني» و«هادي يا شهيد الصوت.. خوفهم حتى التابوت»، كما حملوا لافتات بينها: «إننا نستحق حكومة أفضل»، في حين ذكرت أخرى بعبارات قالها المهدي قبل مقتله تقول: «أعيش منذ ثلاثة أيام حالة رعب، فهناك من يتصل بي ويحذرني من مداهمات واعتقالات للمتظاهرين»، وأخرى: «لقد سئمت مشاهدة أمهاتنا يشحذن في الشوارع، ومللت أخبار تخمة ونهب السياسيين ثروات العراق».

وقالت هناء ادور سكرتيرة جمعية «الأمل العراقية» إحدى منظمات المجتمع المدني التي شاركت في التشييع: «إنها خسارة كبيرة للإعلام والمثقفين العراقيين».

وأضافت ادور التي كانت ترتدي ملابس سوداء وتعلق صورة هادي حول عنقها: إن «عملية الاغتيال دليل واضح على استمرار نهج التصفية الجسدية واغتيال كل صوت يرتفع من أجل إصلاح النظام».

وقال نقيب الصحافيين العراقيين مؤيد اللامي، الذي شارك في التشييع، إن «الزميل الشهيد هادي كان من الإعلاميين الشجعان الذين يعبرون عن آرائهم بوضوح، ومن الأصوات التي تطالب باجتثاث الفساد ومحاربة كل ما يضر المجتمع».

وفي الوقت الذي لم يصدر فيه بعد رد فعل رسمي من قبل الجهات المختصة بشان ملابسات الحادث وإمكانية فتح تحقيق لمعرفة الجهات المتورطة به، وطبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مقربين وناشطين على معرفة وثيقة به، فإن المهدي كان يتوقع مقتله في أي لحظة بعد أن كثرت رسائل التهديد التي كان قد تلقاها في الآونة الأخيرة بهدف حمله على التراجع عن تنظيم مظاهرات أمس، وفي الوقت نفسه فإنه كتب في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» قبل ساعات من تصفيته في ظروف لا تزال غامضة أنه «قد يكون أول ضحايا التغيير في العراق».

من جهته، أبلغ الإعلامي العراقي المعروف عماد العبادي «الشرق الأوسط» أنه «تلقى اتصالا هاتفيا من صديقهم المشترك هو وهادي المهدي، وهو الإعلامي عبد الخالق كيطان يفيد بأنه (كيطان) تلقى اتصالا من أحد جيران المهدي يفيد بمقتله».

وأضاف العبادي الذي نجا قبل سنتين من أخطر محاولة اغتيال في منطقة العرصات ببغداد القريبة من الكرادة، بعد أن استقرت أربع رصاصات من سلاح كاتم في جسمه؛ رصاصتان منها في رأسه، أنه «طلب من عبد الخالق أن يصطحب معه ثلاثة أشخاص ويذهب إلى بيت الشهيد هادي المهدي، على أن يبقي هاتفه مفتوحا معي لحظة دخوله المنزل»، مضيفا أن «عبد الخالق أخبرني لحظة دخول المنزل أنه وجد الباب الخارجي مفتوحا، وعندما دلف إلى الباب الداخلي من جهة المطبخ وجد المهدي مضرجا في دمائه بأرضية الدار بعد أن استقرت رصاصة في رأسه». وعما إذا كانت الرصاصة من سلاح كاتم للصوت أم لا أكد العبادي أنها «ليست من سلاح كاتم وإنما من سلاح عادي».

وردا على سؤال حول ما أدلى به عضو مجلس محافظة بغداد محمد الربيعي من هناك، قال: «كاميرا مراقبة موضوعة في أحد المنازل القريبة من منزل المهدي تراقب من يدخل ويخرج منه»، قال العبادي إن «المفارقة الصارخة أن الكاميرا هذه أطفئت خلال عملية تصفيته، مما يشير على الأكثر إلى أن الجهة التي كانت تراقبه هي التي قامت بتصفيته»، دون أن يشير إلى المزيد من التفاصيل.

وفي أول رد فعل من قبل الكتل السياسية العراقية، فقد اعتبرت القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي مقتل الفنان والإعلامي هادي المهدي «محاولة بائسة لتكميم الأفواه والعودة بالعراق إلى جمهورية القمع والخوف والاستبداد».