رئيس هيئة النزاهة يقدم استقالته تحت ضغوط سياسية

مسؤول برلماني لـ «الشرق الأوسط»: استقالة العكيلي خسارة كبيرة للعراق

TT

في الوقت الذي لم يصدر بعد رد فعل رسمي بشأن ما أعلن عن قيام رئيس هيئة النزاهة القاضي رحيم العكيلي تقديم استقالته بشكل رسمي إلى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إثر تعرضه إلى ضغوط سياسية، اعتبر عضو البرلمان العراقي وعضو لجنة النزاهة البرلمانية طلال الزوبعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «استقالة العكيلي من منصبه كرئيس لهيئة النزاهة في العراق تعتبر خسارة كبيرة للشعب العراقي نظرا لما يمتلكه (العكيلي) من مهنية وحرفية بعيدا عن الاستقطابات السياسية والحزبية والانتماءات الطائفية والعرقية».

ودعا الزوبعي رئيس الوزراء إلى «عدم قبول استقالة العكيلي لأن قبولها يعني أن البلد ماض بشكل خطير نحو المحاصصة المقيتة والحزبية الضيقة مع محاربة الكفاءات والتكنوقراط من أمثال هذا الرجل الذي لم يسيس ملفات الفساد ونجح رغم الظروف الصعبة والضغوط التي يتعرض لها في الكشف عن ملفات فساد خطيرة كانت تنخر في جسد الدولة».

وبينما أكدت المصادر المطلعة التي نقلت خبر استقالة العكيلي أن هذه الاستقالة جاءت إثر ظروف صعبة تتعلق بعمل هيئة النزاهة سعى من خلالها إلى عدم الارتباط بأي جهة سياسية فقد أكد الزوبعي أن «العكيلي وطوال عملنا التنسيقي معه كلجنة نزاهة برلمانية كان مهنيا وحرفيا وكان أداؤه محل رضى وإعجاب الجميع رغم أن الهيئة التي يترأسها من أخطر الهيئات في العراق اليوم وأكثرها عرضة للمشاكل والضغوط»، مشيرا إلى أنه «في الوقت الذي تم فيه الكشف عن حالات فساد كثيرة طالت الكثير من الملفات والمسؤولين فإن هناك على الطريق ملفات أخرى تمت إحالتها من قبل النزاهة البرلمانية إلى هيئة النزاهة منها أوامر قبض بحق مسؤولين كبار منهم وزير سابق وعدد من وكلاء الوزارات والمديرين العامين وهناك أوامر قبض أخرى لاحقة ستطال آخرين الأمر الذي يضع شكوكا بين هذا النشاط وإمكانية الضغط على العكيلي لكي يقدم استقالته في هذا الظرف بالذات».

وكشف الزوبعي أن «الوزير الذي صدرت بحقه مذكرة استقدام (وهي شبيه بمذكرة الاعتقال ولكنها أخف في بادئ الأمر) هو وزير الكهرباء المستقيل رعد شلال» مضيفا أن «مذكرة الاستقدام هذه لا تعني أن الوزير المذكور متورط بل نعتقد أنه بريء ولكن تم تضليله وأن هناك شبكة كبيرة في هذا الإطار ولذلك لا بد من استقدامه لتوضيح الكثير من الأمور بالإضافة إلى وجود مذكرات أخرى قيد الإعداد الآن بحق آخرين منهم وزراء حاليون وسابقون سيتم الكشف عنهم في وقت آخر».

وتأتي استقالة العكيلي في وقت أعلن المالكي في تصريح أخير له لإحدى القنوات الفضائية أن هيئة النزاهة فشلت في مكافحة الفساد في مؤسسات الدولة، حيث إن الموجود فيها يعاني من الضغط والتجاذب بين القوى السياسية. وقال بيان صادر عن مكتب المالكي وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إن رئيس الوزراء «ماض في فتح الكثير من قضايا الفساد وتقديمها إلى القضاء لغرض الاقتصاص من الفاسدين والمتلاعبين». وأضاف البيان أننا «نواجه اليوم جملة تحديات وواحدة من تلك التحديات هي مسألة الفساد والتجاوز على عقارات الدولة والممتلكات التابعة لها من خلال التلاعب في سجلات العقارات الموجودة في جميع المحافظات ابتداء من نينوى وانتهاء إلى البصرة». وأوضح أنه «عندما بحثنا هذا الأمر في مجلس الوزراء وجدنا تفهما وقناعة بضرورة تشكيل لجان لبحث وتدقيق سجلات البيع ومعرفة المخالفات وإعادة النظر في كل عمليات بيع المباني والعقارات التابعة للدولة في الفترات الماضية». وكان الآلاف من المتظاهرين في بغداد ومعظم المحافظات العراقية وبخاصة الوسطى والجنوبية التي تمثل حاضنات رئيسية لأحزاب السلطة الحاكمة في العراق الآن قد طالبوا أمس بتقديم المفسدين والمرتشين من المسؤولين في الدولة إلى العدالة ليأخذ القانون مجراه في الاقتصاص من أولئك الذين يتطاولون على المال العام بحكم مناصبهم القيادية ومسؤولياتهم الإدارية والسياسية.