الاتحاد الأوروبي يعتبر الربيع العربي «أقوى رد على الكراهية والتعصب»

بان كي مون يدعو لمعاهدة دولية ضد الإرهاب.. وميركل ترى أن الخيار العسكري لا يكفي لمحاربته

اجراءات امنية مشددة عقب التهديدات الارهابية الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

دعا رئيس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو، إلى مواصلة الكفاح ضد التطرف وتجنيد إرهابيين آخرين. وأكد المسؤولان أمس، أن الربيع العربي كان «أقوى رد» على «الكراهية» و«التعصب» اللذين أديا قبل عشر سنوات إلى اعتداءات سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة. كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أيضا لإبرام معاهدة دولية لمواجهة الإرهاب. وأعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مقابلة تلفزيونية عن أن مخاطر الإرهاب ما زالت قائمة، وأنه رغم ما حققه الجيش الألماني من نتائج في أفغانستان، فإن الدرس الذي تعلمته ألمانيا من تجربتها في هذه المسألة هو أن الخيار العسكري لا يكفي في مواجهته.

ومن الاتحاد الأوروبي صدر بيان مشترك بين رئيس الاتحاد ورئيس المفوضية جاء فيه أنه و«بعد عشر سنوات، أرسل الناس من شوارع تونس والقاهرة وبنغازي وكافة أنحاء العالم العربي إشارة قوية من أجل الحرية والديمقراطية. إنها أقوى رد على الكراهية الحمقاء والتعصب الأعمى الذي ترجمته جرائم 11 سبتمبر 2001»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

لكنهما أضافا أن «الآيديولوجيات المنحرفة التي كانت وراء تلك الهجمات لا تزال تشكل تهديدا» و«لذلك فإن أوروبا تقف إلى جانب أصدقائنا وحلفائنا في الكفاح العالمي ضد الشبكات الإرهابية والجهات التي تدعمها اقتصاديا».

وتابعا أن أوروبا مستمرة في «يقظتها» وتعمل مع حلفائها الأميركيين للحيلولة دون «انتشار الإرهاب وأفكاره الخاطئة». وشددا على أنه «في آخر المطاف لن ننجح في المعركة ضد الإرهاب إلا إذا بقينا أوفياء لقيمنا الأساسية في أوروبا والعالم»، في إشارة إلى الاتهامات التي وجهت إلى الوسائل والأساليب التي استخدمتها الولايات المتحدة و«سي آي إيه» بعد الاعتداءات في مطاردة الإرهابيين.

وخلصا إلى القول إن «النهوض بعلوية القانون وحقوق الإنسان والحكم الديمقراطي والحوار المنفتح بين الثقافات وتوفير الفرص الاقتصادية والتربوية، تشكل أفضل ضمان لتحسين أمن مواطنينا وشركائنا في العالم».

وبالتوازي مع هذا أطلقت المفوضة الأوروبية المكلفة بالشؤون الداخلية سيسيليا ملسمستروم أمس شبكة أوروبية للتوعية ضد التطرف.

وستجمع هذه المبادرة خصوصا العاملين في المجال الاجتماعي والشرطيين ورجال الدين والباحثين في كافة أنحاء أوروبا لتبادل الخبرات حول طريقة «التصدي لخطر التطرف العنيف» كما قالت ملسمستروم وخصصت لها ميزانية قدرها ثمانية ملايين يورو للسنوات الأربع المقبلة.

وأضافت السويدية ملسمستروم أن من شأن هذه الأداة الجديدة أن تدرس خصوصا «الحركات الشعبوية الأوروبية» مذكرة بالمذبحة التي ارتكبها مؤخرا متطرف نرويجي.

وأعربت عن أسفها لأن «عددا متزايدا من الأحزاب الشعبوية يؤثر على السياسة الأوروبية». وأضافت «لا أقول إن تلك الأحزاب مسؤولة مباشرة على الاعتداءات الإرهابية لكن علينا أن نعترف بأنها تشكل رئتها التي تمدها بالأكسيجين وتحمل الرأي العام على دعم الأفكار المتطرفة».

كما جدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعوته لإبرام معاهدة دولية لمكافحة الإرهاب التي أحبطت وسط خلافات حول تعريف الإرهاب. وجاء ذلك في تصريح صحافي خلال زيارة لأستراليا قبل يومين من هجمات سبتمبر. وقال «هدفنا هو معاهدة شاملة تتعامل مع الإرهاب الدولي كله»، حسب «رويترز».

واستطرد «للأسف هذا لم يحدث حتى اليوم. كان هناك خلاف بين بعض الدول الأعضاء». وأدلى بان بهذه التصريحات في ختام زيارته لأستراليا. وصرح بان بأن تفجير مقر الأمم المتحدة في نيجيريا الشهر الماضي يثبت أن المخاطر ما زالت قائمة رغم الجهود الدولية. وقتل في تفجير سيارة ملغومة 23 شخصا وأصيب 80. وقال بان «موقفي أن الإرهاب غير مبرر تحت أي ظروف. يجب وقف هذا بغض النظر عن أي تبريرات».

وفي نفس السياق أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن اعتقادها بأنه ما زال هناك طريق طويل أمام جهود المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب. وأتت تصريحات المستشارة الألمانية بمناسبة الذكرى العاشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة.

وفي مقابلة مع قناة «آر تي إل» التلفزيونية الألمانية، قالت ميركل، إن «خطر الإرهاب الذي أصبح التهديد الكبير الجديد ما زال كامنا». وطالبت المجتمع الدولي بمزيد من التعاون لمعرفة كيفية مواجهة هذا التهديد بشكل جذري.

وحول النتائج المحققة في أفغانستان، قالت ميركل: «أعتقد أننا نجحنا في فك الترابط بين حركة طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان».

غير أنها عادت وأكدت قائلة: «لكننا نعرف أن الخيار العسكري على الرغم من أنه لا يمكن استبعاده، لا يكفي وحده لمكافحة الإرهاب، وهذا هو الدرس الذي تعلمناه من السنوات العشر الماضية».

ودافعت المستشارة الألمانية عن المهمة التي يقوم بها جيش بلادها في أفغانستان، والتي بدأها نهاية عام 2001 قائلة: «كان لدينا شعور بتحمل المسؤولية»، مشيرة إلى أنه كان من الواضح أن هجمات سبتمبر أمكن إعدادها في دولة «ليست دولة بالمعنى الصحيح في أفغانستان». وأكدت على أنه كان يجب لذلك بدء الدفاع من هناك، أي من خارج منطقة حلف شمال الأطلسي (ناتو).. «فالوضع في أفغانستان يتعلق بأمن ألمانيا»، حسب ما جاء في وكالة الأنباء الألمانية.

وأضافت المستشارة: «تمنينا جميعا أن تنتهي كل الصراعات الكبرى في العالم بعد انتهاء الحرب الباردة، لكن هذا الأمل لم يستمر طويلا، وها نحن لم نجد بعد استراتيجية نهائية لكيفية تقليص هذه التهديدات التي تعرف بالتهديدات غير المتماثلة من جماعات، وليس من دول ضد دول».

ورأت ميركل أن تشديد الكثير من القوانين الأمنية في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر كان ضروريا، على الرغم من أن الكثيرين رأوا أن هذا الإجراء تسبب في بعض القيود.

وأوضحت قائلة: «من وجهة نظري الشخصية أرى أن هذه القوانين ضرورية للحفاظ على الخير الكبير للحياة الحرة بالنسبة لغالبية كبيرة من الناس».

وفي معرض ردها على سؤال أين كانت عندما تلقت خبر هجمات الحادي عشر من سبتمبر، قالت ميركل إنها كانت في مكتبها بمقر الحزب المسيحي الديمقراطي: «كنت وقتها رئيسة الحزب وجاء إلي مدير الأعمال الاتحادي وقال لي يجب أن أشغل جهاز التلفزيون. شاهدت على الهواء ما وقع في البرج الثاني لمبنى التجارة العالمي وكان أمرا مفزعا لا يمكن استيعابه.. أعتقد أن مشاعر الخوف جاءت في وقت لاحق؛ إذ إنني في لحظتها كان علي أن أتحقق من أن ما حدث حقيقي وليس فيلما سينمائيا».