مسؤول عسكري مقرب من القذافي من سجنه لـ «الشرق الأوسط»: هددني بمحو مدينتي من الخريطة إذا رفضت العمل معه

تقارير عن توجه لانفصال جنوب ليبيا يضم فزان وبني وليد وسرت وسبها.. وتعيين العقيد رئيسا للجمهورية

TT

كشف مساعد بارز ومقرب من العقيد الليبي معمر القذافي لـ«الشرق الأوسط»، أمس، عن أنه تعرض لتهديدات بتصفيته ومسح مدينة ودان، مسقط رأسه، التي تقع على بعد 600 كيلومتر جنوب العاصمة الليبية طرابلس، من الوجود، إذا لم يشارك في محاولة حشد الجماهير لتأييد نظام القذافي في مواجهة الثوار المناوئين له.

وقال الفريق بشير هوادي الصغير لـ«الشرق الأوسط»، من مكان اعتقاله في مدينة مصراتة، حيث يتحفظ عليه الثوار برفقة زميله اللواء يوسف الدبري، المسؤول السابق في جهاز المخابرات الليبية: إن القذافي هدده باجتياح مدينة ودان وإزالتها من خارطة ليبيا كما فعل في مدن ليبية أخرى إذا رفض الاستجابة لتعليماته.

وأضاف الفريق الصغير، الذي تعتبر «الشرق الأوسط» أول وسيلة إعلام على الإطلاق تتحدث إليه من داخل محبسه في مصراتة: «كنت مجبرا على فعل بعض الأشياء، لكني لم أشارك مطلقا في أي أعمال تستهدف قتل مدنيين، وكان طبيعيا أن أتخوف من إقدام القذافي على مسح مدينتي من الوجود، كان سيفعلها».

وتابع: «لم أتولَّ مطلقا أي مسؤوليات عسكرية، فقط تم تكليفي مضطرا بأعمال مدنية، وشاركت في محاولة إقناع الناس بعدم اللجوء للعنف والحفاظ على أمن واستقرار البلاد، لم أخدم نظام القذافي بل خدمت ليبيا بلادي».

ولفت الفريق بشير هوادي، وهو أحد أعضاء ما كان يعرف باسم القيادة التاريخية للانقلاب العسكري الذي قاده القذافي في 1 سبتمبر (أيلول) عام 1969 للإطاحة بنظام حكم العاهل الليبي الراحل إدريس السنوسي، إلى أن القذافي اتصل به هاتفيا مرة واحدة فقط وأرسل إليه بتعليمات للمساعدة على تهدئة ثورة الناس ضده. وأضاف: «عمليا أنا كنت مبعدا تماما ولم أتولَّ أي مناصب سياسية أو عسكرية منذ وقت طويل، لم تكن علاقتي بالقذافي جيدة في كل الأحوال».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه قام، مع زميله اللواء يوسف الدبري، بتسليم نفسيهما للمجلس الوطني الانتقالي بعد اتصالات لتأمينهما، مشيرا إلى أنهما يتلقيان في الوقت الحالي معاملة كريمة وطيبة من الثوار.

ولم يعرف بعدُ ما إذا كان الثوار سيقررون لاحقا تحويل الفريق الصغير واللواء الدبري للمحاكمة أم سيتم الإفراج عنهما بعد التحقيقات التي تتم في الوقت الراهن معهما.

ونفى الفريق الصغير لـ«الشرق الأوسط» معرفته بمكان اختفاء العقيد القذافي وقال إنه منذ أن استدعاه للعمل معه في 25 مايو (أيار) الماضي لم يره مطلقا، مكتفيا باتصال هاتفي وحيد بينهما طيلة هذه المدة.

وبينما ما زال مصير الفريق هوادي على المحك، تعرض الفريق الخويلدي الحميدي، صهر القذافي، لأزمة قلبية حادة نقل إثرها، تحت حراسة مشددة، إلى مستشفى بالعاصمة التونسية للمثول مجددا أمام القضاء التونسي بتهمة محاولة دخول الأراضي التونسية قبل يومين بطريقة غير شرعية.

ويرافق الخويلدي نجلاه خالد ومحمد، علما بأن الأول كان يتولى رئاسة منظمة غير حكومية تعنى بأعمال الإغاثة الإنسانية وسبق أن شاركت في تقديم مساعدات لعدة بلدان عربية وأفريقية.

ولا يتولى الخويلدي أيضا أي مناصب سياسية أو تنفيذية في الدولة الليبية، لكن علاقة المصاهرة التي ربطته بالقذافي (ابنته متزوجة من الساعدي نجل القذافي) وضعته في صدارة المشهد الإعلامي حتى قبل وقت قليل من اجتياح الثوار معقل القذافي الحصين في ثكنة باب العزيزية في العاصمة الليبية طرابلس.

إلى ذلك، ترددت أمس معلومات عن أن الفريق مسعود عبد الحفيظ، الذي يقود قوات القذافي في مناطق وسط وجنوب ليبيا، بصدد إعلان ما يسمى جمهورية فزان على المناطق الخاضعة لسيطرة القذافي، ومن بينها بني وليد وسرت وسبها، بالإضافة إلى بلدة البريقة ذات الأهمية النفطية.

وقال سكان في سبها لـ«الشرق الأوسط»: إن مسعود خطب مؤخرا في حشد من الجماهير، مؤكدا أن هذه الجمهورية المنفصلة عن الدولة الليبية ستتوافر لها جميع مقومات الدولة وستحظى باعتراف وتأييد بعض الدول الأفريقية الصديقة، على حد تعبيره.

وطبقا لما رواه أحد السكان لـ«الشرق الأوسط»، في اتصال هاتفي تم بصعوبة وعبر هاتف متصل بالأقمار الصناعية، فإن الفريق عبد الحفيظ، الذي ينتمي إلى بيت القحوص في قبيلة القذاذفة، مما يجعله أحد أقارب القذافي عائليا، اقترح أيضا أن يتولى القذافي رئاسة هذه الجمهورية بشكل رمزي، بينما يتولى أحد أبنائه السلطة فعليا ويقوم بتشكيل حكومة محلية.

في المقابل، توعد مسؤول في المجلس الانتقالي المناهض للقذافي بإفشال ما وصفه بمخطط التقسيم الذي يسعى القذافي لتكريسه بالقوة بعدما فشل في الإبقاء على سيطرته على مقاليد الأمور في عموم ليبيا.

وأوضح المسؤول، الذي كان يتحدث عبر الهاتف من طرابلس، لـ«الشرق الأوسط»، أن الثوار يكثفون من حملتهم للبحث عن القذافي وملاحقته بهدف اعتقاله حيا تمهيدا لتقديمه للمحاكمة. وأضاف: «نحقق كل يوم تقدما بطيئا، لن يمكنه أن يختبئ منا إلى ما لا نهاية، سنصل إليه حتما ولن يجد مكانا يقبل بإقامته كلاجئ سياسي».