حمص تتحدى القمع العسكري ومظاهرات حاشدة تلف سوريا في جمعة «الحماية الدولية».. ودروز السويداء ينضمون للثورة

سقوط عدد جديد من القتلى بينهم فتى بعد إطلاق النار عليه من حاجز للجيش

دبابة تشارك في حصار باب الدريب وباب السباع في حمص أمس (أوغاريت)
TT

جمعة طلب «الحماية الدولية» في سوريا، كانت أيضا جمعة نصرة حمص «العدية»، كما يحب أن يلقبها السوريون، إذ خرجت مظاهرات بزخم في أنحاء البلاد أمس، واجهتها القوات الأمنية بالرصاص، وأسقطت عددا جديدا من القتلى.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس، إن «شابا قتل في دير الزور إثر إطلاق قوات الأمن الرصاص قرب جامع علي بن أبي طالب، كما قتل مواطن في حي باب الدريب بحمص متأثرا بجراح أصيب به، وقتل طفل في قرية الرامة بجبل الزاوية» صباح أمس برصاص حاجز للجيش. وأضاف المرصد أن مواطنين اثنين من قريتي ابلين وبسامس في محافظة إدلب، قتلا أمس بعد أن كانت الأجهزة الأمنية قد اعتقلتهما خلال اقتحام قرية ابلين. وقتل أيضا مواطن في قرية خطاب التابعة لمحافظة حماه خلال ملاحقة مطلوبين للأجهزة الأمنية. وفي ريف دمشق أصيب 11 شخصا بجراح في بلدة الكسوة إثر إطلاق قوات الأمن الرصاص الحي لتفريق متظاهرين. وأعلن المصدر في وقت لاحق مساء أمس، عن مقتل شاب يبلغ من العمر 18 عاما كان معتقلا لدى الأجهزة الأمنية منذ عشرة أيام، وسلمت جثته لذويه أمس.

وانطلقت مظاهرات في عدة أنحاء من سوريا، ففي محافظة إدلب (شمال غرب) التي قتل فيها فتى (15 عاما) أمس إثر إطلاق رصاص عليه من حاجز للجيش في قرية الرامة بجبل الزاوية «أطلق الأمن الرصاص لتفريق مظاهرة خرجت في قرية معرة شورين»، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأضاف المرصد «كما خرجت مظاهرات حاشدة في مدن سراقب وسرمين وبنش وتفتناز وجرجناز وخان شيخون ومعرة النعمان شارك فيها عشرات الآلاف رغم الحملات الأمنية المستمرة في المحافظة».

وفي حمص (وسط)، أشار المرصد إلى أن «أكثر من 20 ألف متظاهر هتفوا لإسقاط النظام في حي دير بعلبة». وتابع أن «وصول التعزيزات الأمنية طوال الليل للمدينة لم يمنع المظاهرات من الخروج في عدة أحياء من المدينة» التي تشهد منذ أسابيع عمليات أمنية دامية قتل فيها عشرات المدنيين خلال الأيام الماضية. كما أشار إلى «جرح ستة أشخاص إثر إطلاق الأمن النار لتفريق مظاهرة في حي الخالدية».

وفي ريف حمص، ذكر المرصد أن مظاهرات خرجت في «مدن الرستن وتلبيسة والقصير».

من جهتها أشارت لجان التنسيق المحلية إلى «قطع الاتصالات والتيار الكهربائي عن مدينة تلبيسة».

وفي حماه (وسط) هتف المتظاهرون «نريد حماية دولية» ورفعوا لافتات تقول «انتهت اللعبة يا بشار» بالانجليزية، كما هتفوا «الشعب يريد إعدام الرئيس» على ما نقل فيديو نشره الناشطون أمس على موقع «يوتيوب». كما أفاد المرصد أن مظاهرات حاشدة انطلقت بعد صلاة الجمعة من مساجد دير الزور (شرق) على الرغم من انتشار كثيف لقوى الأمن.

وفي العاصمة دمشق حيث التعبئة أقل من المدن الأخرى تظاهر أكثر من 150 شخصا في حي برزة ورفعوا هتافات تطالب بالحماية الدولية وإسقاط النظام وتدعم حمص التي تستهدفها منذ أيام عمليات عسكرية عنيفة بحسب المرصد.

وفي ريف دمشق، ذكرت لجان التنسيق المحلية أن «ستة جرحى بعضهم بحالة خطيرة سقطوا في الكسوة إثر إطلاق قوات الأمن للرصاص على المظاهرات كما خرجت مظاهرات حاشدة من عدة مساجد في دوما هتفت لإعدام الرئيس وحمص والحماية الدولية». وأضافت اللجان «رغم إطلاق النار الكثيف في حي القدم، أعاد المتظاهرون تجميع أنفسهم للخروج بمظاهرة جديدة بعد أن فرق الأمن مظاهرتهم الأولى».

وفي درعا وريفها، أضافت اللجان أن «عناصر الأمن والجيش أطلقت النار على مظاهرة في نوى» لافتة إلى «قطع كافة الاتصالات الأرضية والخليوية عن المحافظة».

وبعد أسبوع دام عاشت فيه حمص على وقع القصف الأحياء وتحليق الطيران الحربي في أجوائها، هتف المتظاهرون من جنوب البلاد إلى شمالها ومن شرقها إلى غربها، «يا حمص نحنا معك للموت». ورغم العملية العسكرية فيها، خرجت في حمص أمس مظاهرات في عدة أحياء وصفت بأنها كانت حاشدة، وطالب المشاركون فيها برفع الحصار عن حمص وغزة.

وقالت مصادر محلية إن مظاهرات انطلقت في حي الوعر من خمسة جوامع؛ فاطمة والعز وجامع الحرية المعروف بجامع الرئيس سابقا بالوعر الجديد وجامع القواص في بساتين الوعر، واتجهت جميعها إلى ساحة جامع الروضة بالوعر القديم حيث تجمهر حشد كبير هناك وهتف الجميع بالمطالبة بالحماية الدولية وإسقاط النظام ورفع الحصار عن حمص وغزة، في إشارة لتساوي النظام السوري مع الاحتلال الإسرائيلي في سياسة البطش والحصار. وأشارت المصادر إلى أن عناصر الجيش من دون سلاح وجدوا عند الإطفائية على بعد أمتار من المظاهرات، كما خرجت مظاهرات رغم الحصار الأمني المشدد في أحياء الغوطة، شارع الملعب، كرم الشامي، الإنشاءات القصور، باب الدريب، جب الجندلي.

وأشارت المصادر المحلية إلى أنه تمت مداهمة حي باب هود وتمشيطه صباح يوم أمس من قبل قوات الأمن، كما تم تطويق حي القصور قرب جامع عبد الرحمن بن عوف وجرت حملة تفتيش واسعة. وفي حي الخالدية تحدى المتظاهرون الرصاص الحي الذي أطلق عليهم من الحواجز الأمنية واستمروا في مظاهرتهم رغم النار. كما انطلقت مظاهرة في حي القرابيص ومظاهرة أخرى في حي جورة الشياح واجتمعتا في حي القرابيص، وطالب المتظاهرون بإعدام الرئيس وبحماية دولية.

وعن الأوضاع في المدينة يوم أمس في حي كرم الزيتون فقد أطلقت قوات الأمن النار على المتظاهرين. وفي حي جب الجندلي كانت المدرعات تجوب الشوارع طيلة نهار يوم أمس مع إطلاق عشوائي للنار على المنازل وإحراق للسيارات. وفي باب السباع قالت المصادر إن الجيش حاصر مشفى باب السباع وشبابا من الهلال الأحمر وعددا كبيرا من الجرحى في المشفى الذي لم يوجد فيه أي طبيب، وكانت قوات الأمن أطلقت النار على سيارة إسعاف في حمص مساء الخميس، فيها شباب من الهلال الأحمر السوري وأصيب جميع من فيها بإصابات خطيرة.

وقال عدد من الشهود تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، إن حمص كانت يوم أمس «تعيش حالة حرب مع غياب الحركة العادية عن الشوارع». وتحدثوا عن سماع أطلاق نار متواصل بكل أحياء حمص منذ يوم الثلاثاء ولغاية فجر الخميس، ويوم أمس الجمعة شهدت حالات هدوء متقطع، فيما قال ناشطون إن صوت تحليق طيران حربي سمع في منطقة الحولة في ريف حمص. وعرف من القتلى في حمص أمس: عبد الرزاق شاكر المصري وأحمد مصطفى الحميد وعبد الغني غزالة سقطوا في حي باب الدريب، وزياد الحفيان من باب السباع، وخالد محمد خرما من القصير بحمص.

وفي تطور جديد، انضمت مدينة السويداء يوم أمس إلى بؤر التظاهر، وتعتبر المظاهرة التي شارك فيها العشرات خرقا كبيرا لسياسة النظام المتبعة لمنع التحرك في مدينة السويداء التي تعد عاصمة جبل الدروز. ومع أن محامي السويداء كانوا أول من وقف مع درعا في الأيام الأولى لانطلاق الثورة في سوريا، فإن جهودا حثيثة بذلها النظام السوري لمنع تحرك الدروز السوريين، خاصة أن ابنة أحد قادة الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي الناشطة منتهى سلطان باشا الأطرش، كانت ضمن أول من دعم الثورة وطالبت الرئيس الأسد بالاستماع لمطالب شعبه، وكانت في مقدمة رموز المعارضة السورية الذين شاركوا في مجالس عزاء القتلى.

وعدا زيارة الأسد وزوجته المعلنة إلى السويداء بداية الأحداث في درعا، منذ نحو ستة أشهر، فإن ناشطين سوريين تحدثوا عن زيارات سرية قام بها الأسد إلى جبل الدروز، وسعى لتقديم رشى للموالين لنظامه كي يتولوا مهمة تبريد الجبل والحيلولة دون انضمامه للثورة. كما قام النائب اللبناني الدرزي الموالي لنظام الأسد وئام وهاب بزيارة للجبل وحاول دعوة الشباب هناك لتشكيل حزب مع وعدهم بالتسلح، إلا أن مساعيه باءت بالفشل، لتنجح إلى حد ما مساعي حزب البعث من خلال أتباعه في قمع أي حركة تمرد أو احتجاج وفي وقت مبكر.

وقال ناشط من السويداء إن مدينة السويداء ترزح تحت تشديد أمني ثقيل مع وجود كثيف للشبيحة، مع عدم وجود أي مكان للتجمع والتظاهر، بسبب الطبيعية الدينية للمنطقة، وإن الناشطين في السويداء يعانون مراقبة مشددة وقمعا كبيرا، وغالبية الضالعين منهم في الثورة تم اعتقالهم في دمشق، لذلك فإن خروج أي مظاهرة مهما كانت صغيرة فهذا يعني أن جهدا مضنيا قد بذل. والمظاهرة التي خرجت يوم أمس كانت مظاهرة طيارة في حي المهندسين، واعتبرها ناشطون أنها رسالة للنظام بأن الدروز كانوا وسيبقون جزءا من مكونات الشعب السوري، وما يصيب السوريين يصيبهم، وقد هتف المتظاهرون لنصرة المدن المحاصرة وطالبوا بإسقاط النظام. يشار إلى أنه ونتيجة التشديد الأمني على مدينة السويداء خصوصا والطائفة الدرزية عموما، فقد شهدت مدينة شهبا القريبة من السويداء عدة تحركات مناهضة للنظام، تعرضت بعدها للقمع.