العربي بعد لقائه الأسد: اتفقنا على الإسراع في اتخاذ خطوات من خلال برنامج زمني محدد.. والأولوية لوقف العنف

الرئيس السوري دعاه لعدم «الانسياق وراء حملات التضليل الإعلامي».. والبيان الرسمي السوري لا يذكر «المبادرة العربية»

الأسد مستقبلا العربي والوفد المرافق في دمشق أمس (سانا) (رويترز)
TT

أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي أنه أبلغ الرئيس السوري بشار الأسد «أجواء الاجتماع الوزاري العربي الأخير وضرورة المطالبة بالوقف الفوري لكل أنواع العنف وسحب كل المظاهر العسكرية في المدن السورية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، واتخاذ ما يلزم من إجراءات تشعر المواطن السوري بالأمن، وتوفير مناخ سلمي ديمقراطي يمكن من عملية الإصلاح والتغيير المطلوب».

وقال العربي في القاهرة أمس، عقب عودته أمس من دمشق بعد زيارة استغرقت عدة ساعات، إنه استمع لتقرير من الأسد حول مجرى الأمور، حيث أطلعه على الإجراءات والقوانين والمراسيم التي أصدرتها الحكومة السورية. وأضاف أن اللقاء «كان صريحا، وتم خلاله التأكيد على الإسراع في اتخاذ خطوات وإجراءات من خلال برنامج زمني محدد، على أن نرى نتائج فعلية على الأرض بأسرع وقت ممكن».

وأشار العربي، في مؤتمر صحافي عقده في مطار القاهرة فور وصوله، إلى أنه تحدث مع الأسد حول مختلف الأبعاد المتصلة بالأزمة وتداعياتها، وقال: «لقد نقلت إلى الرئيس الأسد أجواء مجلس وزراء الخارجية العرب والرغبة الأكيدة من قبل كل الدول العربية على ضرورة إيجاد مخرج لإنهاء الأزمة الراهنة، واتخاذ خطوات فورية لوضع حد نهائي لأعمال العنف بكافة أشكاله وحقن الدماء».

وذكر أمين عام الجامعة العربية أنه تحدث مع الأسد حول «ضرورة ضمان الانتقال لوضع يتم فيه تحقيق طموحات الشعب السوري بكافة فئاته في التغيير والإصلاح وحماية مستقبل الشعب السوري»، مؤكدا أن «الرسالة تؤكد على نقطة البداية وهي الوقف الفوري لكل أعمال العنف». وذكر العربي أن اللقاء مع الأسد تطرق أيضا إلى التحرك العربي المقبل في الأمم المتحدة إزاء القضية الفلسطينية.

أما الأسد، فقد دعا العربي، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إلى «عدم الانسياق وراء حملات التضليل الإعلامي والتحريض التي تستهدف سوريا»، منبها إلى «ما يجري من تزوير للحقائق في محاولة لتشويه صورة سوريا وزعزعة الأمن والاستقرار فيها».

وضم الوفد الذي رافق الأمين العام للجامعة كلا من السفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام للجامعة والسفير وجيه حنفي رئيس مكتب الأمين العام، والسفير طلال الأمين مدير الإدارة العربية بالجامعة. وحضر لقاء العربي بالأسد وزير الخارجية السوري وليد المعلم، والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان، ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد، ومندوب سوريا الدائم لدى الجامعة العربية السفير يوسف أحمد، والسفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية والوفد المرافق للدكتور العربي.

وجاء في البيان الرسمي الصادر عن الرئاسة السورية، أن الأسد بحث مع الأمين العام لجامعة الدول العربية «الأحداث التي تشهدها سوريا»، ونقل البيان عن العربي تأكيده «حرص الجامعة العربية والدول العربية على أمن واستقرار سوريا ورفض الجامعة لكل أشكال التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية ورغبتها في مساعدة سوريا لتجاوز هذه المرحلة التي تمر بها». وقال البيان إن العربي أكد أيضا أن «الجامعة العربية لن تكون أبدا ممرا لاتخاذ قرار ضد أي دولة عربية». وأشار إلى أنه تم «الاتفاق على عدد من الخطوات العملية لتسريع عملية الإصلاح في سوريا».

وكان العربي قد زار دمشق في يوليو (تموز) الماضي وبحث مع الأسد ما يجري في سوريا كما امتدح العربي الإصلاحات التي يقوم بها الأسد، الأمر الذي أثار استياء في أوساط المحتجين السوريين الذين رفعوا لافتات خلال مظاهراتهم تدين تصريحات العربي، وتصفه بأنه «لا نبيل ولا عربي». واليوم إذ يعود العربي إلى دمشق حاملا معه مبادرة عربية لحل الأزمة في سوريا، رفض النظام السوري الإشارة إلى وجودها، سيما أنه سبق وتحفظ على بيان اجتماع وزراء الخارجية العرب بخصوص الأحداث في سوريا ورفض بداية استقبال العربي، ليعود ويقبل بها بعد تأجيل، في حين أن المعارضة السورية انقسمت حول المبادرة العربية، فريق اعتبر نفسه غير معني بها، وفريق آخر أصر على إعلان رفضها، في حين رأى ناشطون في المعارضة أن لا داعي لذلك لأن النظام لن يقبل بها.

وكان لافتا أن البيان السوري الصادر بعد لقاء العربي يوم أمس مع الأسد لم يأت على ذكر أي مبادرة، مكتفيا بالإشارة إلى «الاتفاق على عدد من الخطوات العملية لتسريع عملية الإصلاح في سوريا». وجاءت زيارة العربي إلى دمشق بناء على تكليف من مجلس الجامعة العربية الذي عقد اجتماعا طارئا على مستوى وزراء الخارجية نهاية الشهر الماضي وكلفه بالقيام بهذه المهمة. وطرح وزراء الخارجية العرب مجموعة من الأفكار التي رأوا أن من شأنها الإسهام في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، تتضمن 14 بندا، لم يكشف النقاب عنها بصورة تفصيلية، إلا أنها تتضمن المطالبة بوقف العنف ضد المحتجين، وسحب قوات الجيش من المدن والبلدات السورية، والإسراع بإجراء الإصلاحات السياسية وفق جدول زمني محدد.

وكانت زيارة العربي مقررة يوم الثلاثاء الماضي، إلا أنها تأجلت حتى يوم أمس وذلك بناء على طلب من الجانب السوري دون إيضاح للأسباب، والتي قال مراقبون إنه بسبب تسريب العربي لبنود المبادرة العربية التي كان يحملها إلى دمشق، في وقت قالت فيه مصادر إعلامية سوريا إن زيارة العربي لا تتعلق بأي مبادرة. ومن المقرر أن يعقد اليوم (الأحد) في مقر جامعة الدول العربية اجتماع مجلس الجامعة على مستوى المندوبين للإعداد للاجتماع الوزاري العربي في دورته العادية برئاسة فلسطين، الذي يعقد يوم الثلاثاء المقبل بحضور كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وممثلة الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، للتشاور والتنسيق حول طلب فلسطين الحصول على عضوية في الأمم المتحدة. وعلمت «الشرق الأوسط» أن العربي سوف يطلع وزراء الخارجية على نتائج زيارته إلى دمشق، كما يجتمع اليوم (الأحد) في جدة وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي للتشاور حول الملف الفلسطيني والسوري، وكذلك إعطاء عضوية مجلس التعاون الخليجي لكل من الأردن والمغرب.