المستشار عبد الجليل يصل للمرة الأولى إلى طرابلس منذ اندلاع الثورة.. وتأجيل إعلان الحكومة

قوات الثوار تخوض حرب شوارع في بني وليد وتحاصر سرت وترسل تعزيزات إلى سبها

رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل لدى وصوله الى مطار معيتقية في طرابلس أمس (رويترز)
TT

علمت «الشرق الأوسط» أن المجلس الوطني الانتقالي، الذي وصل رئيسه المستشار مصطفى عبد الجليل إلى العاصمة الليبية، طرابلس، أمس، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ 7 شهور، قرر تأجيل الإعلان عن الحكومة الانتقالية الجديدة برئاسة الدكتور محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي التابع للمجلس الانتقالي، إلى حين حسم مصير العقيد الليبي معمر القذافي سواء باعتقاله أو قتله.

وقالت مصادر في المجلس لـ«الشرق الأوسط» إنه من المنتظر أن يعلن المجلس فور حسم مصير القذافي سقوط نظام العقيد الليبي رسميا، وتدشين الحكومة الجديدة التي ستتولى قيادة المرحلة الانتقالية على مدى الشهور الـ18 المقبلة.

وكشفت المصادر النقاب عن أن الثوار بدأوا سلسلة عمليات عسكرية نوعية لاعتقال القذافي وأبنائه وكبار مساعديه المرافقين له في هروبه المثير للجدل، مشيرة إلى أن بعض المساعدين السابقين للقذافي والمعتقلين لدى الثوار قد أدلوا بمعلومات قد تسفر عن اعتقاله في غضون الأيام القليلة المقبلة.

ويعتقد على نطاق واسع أن القذافي يتمتع بحراسة مضاعفة من فلول قواته، بالإضافة إلى مقاتلين من الطوارق الذين ربطتهم به علاقات قوية على مدى السنوات القليلة الماضية.

وقال مصدر عسكري من الثوار إن وحدة من القوات الخاصة التابعة للثوار بدأت عملية تمشيط لنقاط التماس على الحدود بين ليبيا والنيجر لمنع القذافي من أي عبور محتمل للأراضي الليبية في اتجاه هذه الدولة الأفريقية، التي استقبلت على مدى اليومين الماضيين عددا من كبار مساعديه الأمنيين والعسكريين وقوافل تحمل كميات غير معلومة من النقد الأجنبي والذهب.

وكان المستشار مصطفى عبد الجليل قد توقف، أمس، لبضع ساعات في مدينة مصراتة قادما من بنغازي، معقل الثوار المناهضين لنظام حكم القذافي، في طريقه إلى طرابلس.

وهذه هي المرة الأولى التي يزور فيها زعيم الثوار طرابلس منذ هروب القذافي منها إثر اجتياح الثوار لمعقله الحصين في ثكنة باب العزيزية في الحادي والعشرين من الشهر الماضي.

وحطت طائرة عبد الجليل الذي يرافقه بقية أعضاء المجلس الوطني الانتقالي في مطار معيتقية العسكري وسط إجراءات أمنية مشددة. وكان مقررا أن يترأس عبد الجليل، أمس أيضا، أول اجتماع من نوعه لكل أعضاء المجلس الانتقالي في طرابلس.

ونظم مئات الأشخاص ظاهرة حاشدة في بنغازي قبل ساعات من مغادرة عبد الجليل لها متجها إلى طرابلس، للمطالبة بإجراء تغيير في المجلس الانتقالي الذي قالت مذكرة صادرة عن نحو 50 مجموعة سياسية إن خطته للحكم لا تفي بمطالب الشعب.

وقام سكان بنغازي بمسيرة من مجمع محترق للقذافي وهم يرددون «أول الشهداء كانوا من بنغازي» ومنتقدين من وصفوهم بـ«المتسلقين» و«الانتهازيين» في القيادة الجديدة.

وتقول المذكرة إن خطة المجلس الانتقالي تحتوي على تناقضات ويجب أن لا تستخدم كخارطة طريق للحكم في فترة ما بعد القذافي، داعية إلى استمرار العملية السياسية مع حكومة مؤقتة تحكم إلى حين إجراء أول انتخابات.

واعتبرت المذكرة أن هذا الإعلان الدستوري لا يعبر عن رغبات الشارع ولا عن أماني الشعب المحرر.

وحمل المحتجون لافتات تعرب عن السخط إزاء سلسلة من القضايا، ابتداء من المركزية في طرابلس على حساب بنغازي، إلى البروز السياسي لأعضاء النظام القديم، مثيرين المسألة الشائكة المتعلقة بكيفية دمج الأعضاء السابقين في حكومة القذافي.

إلى ذلك، قال سكان في مدينة بني وليد، آخر معاقل القوات المؤيدة للقذافي، لـ«الشرق الأوسط»، إن نجله الثاني سيف الإسلام شوهد أمس وهو يقود هذه القوات التي تعرضت لـ5 ضربات جوية نفذتها مقاتلات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بينما بدأ الثوار المناهضون للقذافي تكثيف عملية تطويق مسقط رأس القذافي في مدينة سرت وإرسال تعزيزات إلى سبها في الجنوب.

وانسحبت قوات الثوار من المدينة في وقت لاحق لإفساح المجال أمام مقاتلات «الناتو» لضرب منصات الصواريخ والمدفعية التابعة لقوات القذافي.

وبعد معارك محتدمة، استخدمت فيها المدفعية الثقيلة وصواريخ «غراد» للسيطرة على البلدة التي تبعد 150 كيلومترا جنوب شرقي العاصمة الليبية، طرابلس، قالت قيادات عسكرية من الثوار إن إحكام السيطرة على المدينة سيتم خلال اليومين المقبلين.

ودارت حرب شوارع بين قوات القذافي والثوار في بني وليد، بعد تمكن مفرزة من قوات الثوار من اقتحام المدينة التي يتحصن فيها بضعة آلاف من فلول القوات العسكرية والكتائب الأمنية الموالية للقذافي.

واندلع قتال عنيف حول مدينة سرت الساحلية، مسقط رأس القذافي، بعدما انتهت أمس المهلة النهائية للاستسلام عن طريق التفاوض التي حددها المجلس الوطني الانتقالي.

وقال مسؤولو المجلس إن الهدنة انتهت فعليا، الأمر الذي يمهد الطريق لما يمكن أن تكون المعارك الأخيرة في صراع أعقب الانتفاضة الشعبية في شهر فبراير (شباط) الماضي ضد القذافي.

وأعلنت قناة «ليبيا الأحرار» المحسوبة على الثوار نبأ مقتل 3 من الثوار، أول من أمس، في اشتباكات مع ما تبقى من فلول القذافي وجرح 4 آخرين، بينما يقول الثوار إن 16 من كتائب القذافي أصيبوا أيضا، بينما وقع اثنان منهم في الأسر.

ودخل الثوار إلى مشارف مدينة بني وليد ووصلوا إلى المعهد العالي للإلكترونيات، حيث دارت اشتباكات أسفرت عن مقتل 23 من فلول كتائب القذافي وأسر 9 آخرين.

وقال طبيب في المجلس الوطني الانتقالي إن اثنين من جنود القذافي ومقاتل من المجلس قتلوا في معارك يوم الجمعة في حين أصيب 11 من مقاتلي المجلس وأصيب آخر في هجوم بصاروخ يوم السبت. وقال كنشيل إن 4 أو 5 مدنيين لقوا حتفهم في القتال.